يكاد يجمع اللبنانيون على ان النقاشات التي تدور بين المتحاورين تحت قبة البرلمان، خاصة في الملف الرئاسي، لا تعدو كونها وسيلة «ذكية» لملء الوقت الضائع، حتى اتضاح المشهد في المنطقة، والى ان يتفرغ بعد ذلك الاطراف الاقليميون والدوليون للاستحقاق اللبناني، حيث تبدو الحياة السياسية المحلية في الثلاجة، خصوصا ان سقوط «حلم »الترقيات بات شبه واقع ،وبالتالي عدم انعقاد الحكومة ، ما يفتح الباب على الكثير من الاحتمالات.
فلولا وعكة العماد عون الصحية بحسب المشاركين في طاولة الحوار والتي نفاها عون خلال القاء كلمته بعد ترؤسه اجتماع تكتل التغيير والاصلاح ومغادرته الجلسة الرابعة، مع ما خلفته من تساؤلات، لكانت جولات الاسبوع الحالي مرت كما سابقاتها، اقله حتى الساعة، في ظل تسلح فريق الرابع عشر من آذار بموقفه لجهة اولوية الملف الرئاسي على ما عداه ،مقابل اصرار عوني على تخطي الموضوع والانتقال الى بحث قانون الانتخابات النيابية، وسط توزع مواقف الاطراف الباقية، حيث وصفت مصادر مشاركة في طاولة الحوار الوطني أجواء الجلسة الرابعة بـ «السلبية»، لافتة الى خلافات كبيرة في وجهات النظر بين المتحاورين من معظم القضايا المطروحة وعلى رأسها ملف الانتخابات.
وبحسب مصادر شاركت في اجتماعات ساحة النجمة، ان الجنرال عون اخبر الرئيس نبيه بري خلال خلوة الصباح انه اتى الى جلسة الحوار كي لا يعطى الموضوع ابعادا سياسية.
واشارت المصادر الى ان الساعات التي اعقبت رفع الجلسة المسائية، شهدت اتصالات بدات بخلوة ساحة النجمة التي ضمت بري، رئيس مجلس الوزراء تمام سلام، الرئيس فؤاد السنيورة، وزير الاتصالات بطرس حرب، وزير السياحة ميشال فرعون والنائب ابراهيم كنعان، والتي وصفها البعض بانها جاءت استدراكا للخطأ الذي حصل المرة الماضية، بهدف «سحبهم من اللقاء التشاوري الوزاري» او على الاقل اقناعهم بالتراجع عن موقفهم من مسألة الترقيات،وربطا تفعيل الحكومة واعادة تحريكها، خصوصاً أن الرئيس تمام سلام يلوّح باتخاذ موقف في حال استمر تعطيل مجلس الوزراء، ما عده البعض تهديدا بإمكان ذهابه الى الاستقالة. خيار عززه بعد عودته من نيويورك بإنطباعات متشائمة عززت حالة الإحباط التي يعيشها جرّاء محاصرة حكومته داخلياً وخارجياً.
الا ان ذلك لم يمنع المصادر من التشكيك في إمكان حصول أي تطور حكومي حاسم راهناً، ذلك ان الوضع العالق في لبنان مرشح لأن يطول كثيراً من دون أي مفاجآت كبيرة، اقلّه حاليا،حتى ولو انقطع الحوار لوقت محدد أو استمر تعطيل جلسات مجلس الوزراء فإن كلمة «السر الكبيرة» لا تزال سارية، وهي منع الانهيار السياسي انهياراً شاملاً، بما يعني أن «الترقيع» سيبقى سيد الموقف حتى إشعار آخر، مقللة من فرص نجاح الصيغ المطروحة في ملف الترقيات المتعثر، والتي وان لم تسقط فاي منها لم ينضج ايضاً، وهو ما دفع بالعماد عون الى عدم متابعة الجلسة، لمس خلال الحوار عدم انسحاب الأجواء الايجابية التي خيّمت على لقائه مع بري على جلسة الحوار،تاركاً امر انضاج صيغة للحل للمتحاورين، خصوصاً انه غير معني بأي صفقة او مقايضة او ثمن، بحسب اوساط الوطني الحر، علما ان هناك من ينظر بجدية الى تهديدات العماد ميشال عون بالخروج من الحكومة وتحويل تظاهرة 11 تشرين الأول الجاري في اتجاه المداخل المؤدية الى القصر الجمهوري الى محاولة لاحتلال القصر مع ما يعني ذلك من احتمالات الصدام مع الحرس الجمهوري المولج بحماية المقر الرئاسي إن بوجود الرئيس أو لرمزية المكان.
وفيما لوحظ ،أن الجلسة أمس شهدت «عجقة» مواصفات لرئيس الجمهورية المقبل، مع أن هذه المواصفات يحددها الدستور، ابدت اوساط في تيار المستقبل عن اعتقادها بأن الدخول في لعبة المواصفات تكتيك هدفه إلغاء النائب ميشال عون من المعادلة، باعتبار انه ليس مقبولاً من الجميع، وسط محاولة النائب طلال ارسلان، بالاتفاق مع بري، طرح تسوية تقضي بأن يكون هناك سلة كاملة للحل تشمل قانون الانتخاب ورئاسة الجمهورية، على غرار ما جرى في الدوحة، حيث يمكن ان يشكل قانون انتخاب مدخلا الى انجاز الانتخابات الرئاسية، الا ان 14 آذار رفضت الموضوع، وتمسكت بانجاز الرئاسة اولا.
فهل يستمر الحوار؟ اتصالات الساعات القادمة قد تعطي الجواب. وإن كانت الأبواب قد تركت لمزيد من الايجابية.