كما في لبنان كذلك في اسرائيل، وبالطبع في واشنطن وطهران والرياض ودمشق وعواصم أخرى: النقاش مفتوح حول مرحلة ما بعد عملية شبعا رداً على عملية القنيطرة. بعض النقاش لا يزال يدور حول قيام اسرائيل باغتيال كوادر في حزب الله وجنرال في الحرس الثوري، وهل هو غلطة أم سياسة انتخابية أم عملية في إطار لعبة استراتيجية. ومعظمه يتركز على ما أعلنه الأمين العام لحزب الله السيد حس نصرالله من أنه لم يعد يعترف بقواعد الاشتباك مع العدو ولا بواقع تفكيك الجبهات. والجديد الذي أضيف اليه هو طلب المرشد الأعلى علي خامنئي من الشباب الايراني المشاركة في القتال في العراق وسوريا ولبنان.
والسؤال هو عن اتجاه الأحداث في مرحلة ما بعد شبعا، حيث المبادرة تبدو في يد حزب الله بعدما تراجع العدو الاسرائيلي عن تهديداته بالرد، سواء بسبب قيود ما قبل الانتخابات أو لأنه فقد قوة الردع وصار مردوعاً: ما هي مهمة الجبهة الواحدة من الناقورة الى الجولان؟ هل هي مرتبطة بالصراع مع اسرائيل أم بالقتال في حرب سوريا؟ هل هي خطوة على الطريق الى حرب اقليمية أم استعراض قوة على الطريق الى صفقة أميركية – ايرانية على النفوذ الاقليمي والأدوار في مرحلة ما بعد الاتفاق على الملف النووي؟ وماذا يعني إلغاء قواعد الاشتباك بعد عملية في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة التي هي خارج منطقة القرار ١٧٠١ وما فيه من تحديد لقواعد الاشتباك؟
لا أحد يعرف كيف تتطور الأمور في مرحلة الخروج على قواعد الاشتباك ونوع الممارسات العملية التي تجعل من اللاقواعد نوعاً من القواعد. ولا شيء يوحي أن للحوار بين حزب الله وتيار المستقبل، أو للخلاف بين اللبنانيين على أكثر مما سمته كتلة المستقبل النيابية التفرد والتسرع في خطاب السيد نصرالله أي تأثير على موقف حزب الله. لكن الكل يعرف ما فعله ويفعله بلبنان الخروج على قواعد اللعبة في الشغور الرئاسي.
ذلك ان ما فعلته مقاطعة قوى ٨ آذار، باستثناء الرئيس نبيه بري وكتلته، لجلسات الانتخاب بحيث يتعذر تأمين النصاب هو الغاء اللعبة الديمقراطية التي لا مجال لانتظام العمل العام من دونها. وما يفعله الوقت واستمرار الشغور الرئاسي هو ترك الجمهورية تواجه بلا رأس كل أنواع العواصف والمخاطر.
وليس للدعوات اليومية الى ضرورة انتخاب رئيس أي فاعلية. والمخيف أكثر هو التكيف مع الشغور الرئاسي، واللجوء الى أكثر من وكيل للرئيس الغائب.