IMLebanon

المرشّحون في زمن التمديد: لاقونا على الصناديق!

بشيء من التسليم بأن المجلس الدستوري لن يقلب الطاولة فوق الرؤوس، قابلت «قيادات التمديد» الطعن المقدّم من قبل نواب «التيار الوطني الحر».

كانت علامات الارتياح الزائد عن حدّه لدى هؤلاء، فاقعة. في مقابل تأكيدهم، قبل التئام المجلس، بأن النصاب سيكون مكتملاً حتى آخر عضو، كانت التسريبات من الغرف المغلقة تشي بأن ما كتب قد كتب، لكن لا ضير من بعض المشاهد الديموقراطية على الهامش!

أتى قرار أعلى مؤسسة دستورية بردّ الطعن داعماً للتوقعات، لا بل التأكيدات، التي سبقته. لم تَصدق حتى تنبؤات المتضررين بإمكانية تقصير ولاية التمديد والشروع في إجراء انتخابات نيابية قبل حزيران 2017.

إحباط على إحباط فرز المشهد بين متضرّرين وهميين وحقيقيين وبين منتصرين لشروط المرحلة الحسّاسة أمنياً التي لا تحتمل ترف استحقاقات من نوع تداول السلطة. من لا يتذكّر صورة علي فياض وغازي يوسف ينزلان درج مجلس النواب يداً بيد والبسمة على الوجوه بعد انتهاء احتفالية مخالفة الـ95 نائباً للدستور؟

جميع النواب، حتى اولئك الذين تقدموا بطعن امام الدستوري، استفادوا عملياً من الدفعة الثانية من حساب الولاية النيابية الكاملة، من دون أن يضطّروا الى دفع قرش واحد من جيوبهم. يُضاف اليهم أيضاً من أعلن عن نيته مسبقاً بعدم الترشح مجدداً، فكسب نصف ولاية أخرى من حيث لا يدري. لا مكان للغصّة هنا طالما ان اللوحة الزرقاء تبقى عنواناً مجانياً للنفوذ والخدمات وبطاقة دخول الى البرلمان في عزّ الفراغ.

الاستثناء الوحيد هو ميشال عون نفسه الذي أدرج معارضة التمديد وضرورة إجراء الانتخابات النيابية من ضمن أجندة أوسع بكثير، تشمل تحسين التمثيل المسيحي والاستفادة من مناخات ترفع من حظوظ اختراقه اللوائح، واعتماد الاستحقاق النيابي كأقصر الطرق لانتخابات رئاسية.

لكن خلف القيادات المهلّلة للتمديد، والنواب المستفيدين من هدية العمر، جيش من المرشّحين المنكوبين الذين انتظروا فرصة إثبات الوجود قبل عام وخمسة اشهر، حين لم تكن «داعش» بعد شريكة في القرار السياسي وتنظيم السير في شوارع بيروت! ثم طيّر المجلس الدستوري الفرصة مجدداً من أمامهم كرمى لعيون الوضع الأمني و»ابو بكر البغدادي» و»ابو مالك التلي».

هو الوضع الأمني نفسه الذي حَضَن ماراتون بيروت الدولي، وسَمح بإجراء «انتخابات نيابية افتراضية» في زحلة جارة «الدولة الاسلامية» و»النصرة» على الحدود الشرقية، وسمح لمجلس النواب أن يجتمع للتمديد لنفسه، ويسمح لكل القيادات السياسية كل يوم بالتنقّل بين المناطق في مواكب تقفل الطرقات أحياناً كثيرة.

المهم ان الطامحين كثر لدى مناهضي ومؤيّدي التمديد، وإن كان عددهم أقل من الذين تقدّموا بترشيحاتهم العام الماضي. بعضهم نظر الى النصف الملآن من الكوب «سنعتبر أن التمديد فرصة ذهبية لتقوية قدراتنا وإثبات وجودنا على الارض وإقناع قياداتنا السياسية بترشيحنا».

في الارقام، لُجِمت الشهية للترشيح حتى حدّها الاقصى في المناطق الشيعية، حيث كان يفترض ان يفوز بالتزكية 9 من أصل 27 مرشحاً شيعياً بينهم الرئيس نبيه بري ومحمد رعد وعلي بزي وحسن فضل الله…

أما بالنسبة للبقية فالتمديد قضى على آمال، أقلّه بالظهور وإثبات الوجود: 5 مرشحين عن المقعد الشيعي في جبيل، و9 مرشحين عن مقعد زحلة الشيعي، ومرشحين في صور (4 مقاعد)، ومرشحين عن المقعد الشيعي في مرجعيون حاصبيا، ومرشحين في البقاع الغربي (مقعدان)، وأكثر من عشرة مرشحين في بعلبك الهرمل (6 مقاعد)…

السنّة في المقابل، كانوا الأكثر ترشّحاً من الطوائف كافة، فيما جذب المقعد السني في زحلة العدد الأكبر من الترشيحات (12 على مقعد واحد). إذاً المعركة الصعبة في مناطق النفوذ الشيعي، والتي لا يكسر شوكتها سوى قانون جديد قائم على النسبية كانت، فيما لو حصلت، ستكون أكثر صعوبة في مناطق نفوذ «تيار المستقبل» بسبب وفرة المرشحين.

المجلس الدستوري، وقبله رغبة الكبار، قضيا على آمال المرشّحين السنّة الـ9 في البقاع الغربي راشيا (مقعدان)، و5 على المقعدين السنيين في الشوف، و4 مرشحين على المقعد السني في بعلبك الهرمل، و11 مرشحاً في بيروت الثالثة (5 مقاعد)، و4 في صيدا (مقعدان)، و12 في طرابلس (5 مقاعد)، و23 في عكار (3)، و4 في بيروت الثانية (مقعد واحد)، 3 في مرجعيون حاصبيا (1)، 19 مرشحاً في المنية الضنية (3 مقاعد).

وضع المسيحيين ليس افضل حالاً إطلاقاً. ميشال عون محاصر بتخمة ترشيحات في كسروان (26) والمتن (38) وجزين (16) وبعبدا (13) وزحلة (8 ارثوذكس و12 كاثوليك).

مِن هؤلاء من «يعمل خيراً» ويدفع من جيبه ويجول ويعزّي ويبارك وكأن الانتخابات حاصلة غداً، مستفيداً أيضاً من عمر التمديد الطويل كي يثبت قدرته على المنافسة. ومنهم من يؤجّل أجندة النيابة الاستعراضية حتى تحديد موعد الانتخابات نائماً على حرير التقشّف والتطنيش عن الواجبات.

الرئيس امين الجميل ورئيس «حزب القوات» سمير جعجع، وبقدر أقل النائب سليمان فرنجية يعانون أيضاً من عقدة الاختيار والحسم. التمديد أزاح عن صدورهم همّ المفاضلة بين المرشحين والنواب الحاليين، وبين المرشّحين أنفسهم.

ومثلما تجنّب الرئيس سعد الحريري بسيره بالتمديد، إحراج تبنّي أو عدم تبني مثلاً ترشيح ريا الحسن وأشرف ريفي، أنعَمَ التمديد على ميشال عون بإعفائه من مهمّة صعبة سيُقدِم عليها عاجلا ام آجلا باستبعاد نواب حاليين والإتيان بوجوه جديدة بات كثيرون يرون أنها عملية ضرورية… فقط من أجل «الإصلاح والتغيير».