Site icon IMLebanon

سلطة تقونن الحشيشة أم حشيشة تقونن السلطة؟

 

 

كان النائب عن “حزب الله” حسين الحاج حسن تكنوقراطياً أكثر من كل تكنوقراطيي الحكومة ومجلس النواب والبلد بأسره، عندما برر عدم تصويت حزبه لمصلحة تشريع القنب الهندي (الحشيشة) بالقول إن أحداً لم يُعدّ دراسة جدوى للمشروع.

 

وليس جديداً موقف “الحزب” هذا، بل هو موقف ثابت منذ بدء البحث في تشريع الزراعة الممنوعة. وفي اجتماع اللجان النيابية الأخير (26 شباط 2020) الذي تم فيه إقرار اقتراح القانون المقدم من نائب “القوات اللبنانية” أنطوان حبشي ورفعه الى الهيئة العامة، سجل الحاج حسن موقفه الذي كرره الثلثاء الماضي متسائلاً عن الجدوى الاقتصادية لتشريع زراعة القنب الهندي الذي سيصبح الاسم الرسمي للحشيشة الموعودة.

 

يعرف “حزب الله” الجدوى مثلما يعرفها أب المشروع تشريعياً الرئيس نبيه بري، الذي اطلق الفكرة منذ عامين في أعقاب لقاء مثمر مع السفيرة الاميركية السابقة، وقبل ذلك بسنوات كان وليد جنبلاط غرّد منادياً بالتشريع، متفقاً مع بري وكثيرين ان الجدوى ستتمثل بنحو نصف مليار دولار ستوفره الزراعة دخلاً للدولة، من عمل مقونن يجري تأمينه لآلاف المزارعين الذين يتعاطون هذا النوع من النشاط وتجري ملاحقتهم في المبدأ لخرقهم القوانين.

 

“صوْرَخَ” مجلس النواب وسار في قانون سيضمن القنب للدواء. ولم يوافق “حزب الله” ربما لأسباب شرعية دينية لم يقلها، أو لأسباب سياسية تتعلق بصورته الدولية وعدم رغبته في تقديم ذريعة تُضاف الى ملفه الاميركي، الذي يتناوله كشبكة دولية للمخدرات، والذريعتان لا تبرران التحفظات ولا الرفض، خصوصاً أن جزءاً أساسياً من الجمهور المستهدف بالقانون يخص “الحزب” ويشكل في تعابير المرحلة “بيئة حاضنة” لطموحاته. يقود ذلك، إلى تفسير آخر فحواه أن “الحزب” لا يريد ربط نفسه بتشريعٍ يعرف سلفاً انه لن يُطَبقْ. وفي لبنان الكثير من القوانين والقليل من الالتزام بتنفيذها، بسبب انهيار السلطة وتفسخ اجهزتها وأيضاً بسبب تحول “حزب الله” الى سلطة رديفة أقوى أحياناً من السلطة الرسمية.

 

لقد وضع قانون للتدخين ولم يُطبق وآخر للسير ينبغي التذكير به من وقت الى آخر، وقانون الصيد العثماني افضل من قانون صيد حديث لا يلتزم به العسكري المكلف تنفيذه، والكوشان الذي كان يُفرض كرخصة لحمار المكاري كانت فعاليته أقوى من رخصة سواقه تُحصّلها من دون امتحان… يعرف أصغر مواطن هذه الوقائع، ويعرف ان تشريع الحشيشة من دون سلطة تضبط زراعته من ضمن ضبطها تنفيذ القانون في شتى المجالات، سيجعل اللبنانيين عناصر في يد سلطة الحشيشة، ولن تكون صناعة الدواء الحضارية الموعودة إلا الواجهة الثقافية لكارتيلات المخدرات… التي احتفظ “حزب الله” بحرية التعامل معها من دون التزام بحاجات الثنائي التشريعية أو بتشريع لن يكون مصيره أفضل من معبر يضاف الى المعابر الشرعية الاخرى.