IMLebanon

القادر لا يريد …  ومَن يريد غير قادر !

الاستعراض الخطابي الذي قدمه الرئيس الفرنسي فرنسوا أولاند بعد المجازر الداعشية في قلب باريس، مر عابراً في أسماع اللبنانيين ونفوسهم. ولم يعزز الثقة في أنهم كسبوا مقاتلاً جديداً ومحرزاً ضد الارهاب التكفيري العالمي. وربما هذه الأصداء نفسها تكررت في أنحاء عديدة من المنطقة العربية، والخارج أيضاً. ولم يكن مشهد الرئيس الفرنسي مقنعاً في محاولته تقمص شخصية البطل في هذه الظروف الاستثنائية، في حين أن الانطباع عنه لدى الناخب الفرنسي، أنه سياسي انتهازي مغامر وصل الى قمة السلطة، ولكنه غير مؤهل لمواجهة قمة التحديات العالمية. ومضمون خطابه كان انشائياً على المستوى الدولي، رغم التدابير الاستثنائية التي تم اتخاذها في الداخل الفرنسي. اما رد الفعل العسكري الفوري فكان هزيلاً: عشر طائرات وعشرون قنبلة على الرقة!

***

لعل اشكالية الحرب على داعش تتمثل في هذه المعادلة المتعلقة بإلحاق الهزيمة بالتنظيم التكفيري وتصفيته. والمعادلة هي: القادر لا يريد، ومن يريد غير قادر! والفئة الأولى تمثلها أميركا، والفئة الثانية تمثلها فرنسا في هذه المرحلة. ومع ذلك فان داعش ليست هي القوة التي لا تقهر. ومن المعروف ان قوة الارهاب تكمن في تخفّيه، وعمله تحت الأرض، وانتشاره السريع في كل اتجاه، وعدم الثبات في مكان محدد على السطح. اما الارهاب الداعشي فقد فعل العكس، وأقام لنفسه دولة مزعومة على الأرض، ورسم حدودها من الموصل الى الرقة!.. فكيف يزعم تحالف دولي من عشرات الدول بقيادة أميركا، أنه عاجز عن تصفية دولة الارهاب وازالتها عن الخريطة!

***

خير ما فعله اللبنانيون، لمواجهة هذا المد الارهابي التكفيري العالمي، هو الاعتماد على انفسهم أولاً وأخيراً، وإن بالتعاون مع كل من لديه استعداد لمد يد المساعدة في هذا الاتجاه. وقد نجحوا في ذلك حتى الآن بنسبة كبيرة على صعيدي المواجهة الأمنية الوقائية أو الميدانية حاضراً ومستقبلاً… هذا على الرغم من انقسامهم السياسي وحدة خلافاتهم الحزبية. والوصفة الحقيقية للنجاح في مواجهة الارهاب وتصفيته، هي الوحدة الوطنية في الداخل، وتلاقي المصالح وتقاطعها فعلاً ومن دون مراوغة، على الصعيد الدولي. ومن الآن والى ان يتحقق شيء من هذا التوجه، داخلياً وخارجياً، سيتسع المجال الى استعراضات دموية تقوم بها داعش هنا وهناك، اقليمياً ودولياً!