المحاولة الاولى التي قامت بها الحكومة لإقرار قانون «الكابيتال كونترول» لم تنجح. والمحاولة الثانية التي تمّ التحضير لها بالتعاون بين كتلة «التنمية والتحرير» وكتلة «لبنان القوي»، تبدو متعثرة من حيث التوقيت، اذ يحتاج المشروع الى مزيد من الدرس لسدّ الثغرات وجعله قابلاً للتطبيق.
من المتوقع ان تعيد لجنة المال النيابية دراسة قانون «الكابيتال كونترول» الذي تمّ توقيعه بصفة المعجّل المكرّر، من اجل بحث الثغرات التي تتضمنه، مع المعنيين في القطاع المصرفي، من مصرف لبنان ولجنة الرقابة على المصارف وجمعية المصارف، بهدف التوصل الى قانون قابل للتطبيق، يراعي امكانات المصارف من حيث السيولة المتوفرة بالعملات الاجنبية، في مقابل إضافة ضوابط وإجراءات تُلزم المصارف تطبيق هذا القانون.
وفيما يبقى الهدف من قانون «الكابيتال كونترول»، الذي سيأتي متأخّراً اليوم، تقييد التحويلات إلى خارج لبنان بالعملات الأجنبية من الحسابات المصرفية كافة، إلّا انّ الحالات المستثناة بموجب هذا القانون قد لا تكون للقطاع المصرفي قدرة على تلبيتها، حيث انّها تشمل التالي:
– تسديد نفقات (المعيشة أو الطبابة أو الاستشفاء أو التعليم او الإيجار) على ان تكون سقوف المبالغ المحوّلة في سنة واحدة لتلك النفقات، بما لا يتجاوز مبلغ 50,000 دولار أو ما يعادلها بالعملات الأخرى سنوياً.
- إيفاء قروض ناشئة قبل نفاذ هذا القانون.
– تسديد ضرائب أو رسوم او إلزامات مالية ملحّة متوجبة لسلطات أجنبيّة.
– شراء مواد أو منتجات صناعيّة أو تجاريّة أو زراعيّة أو غذائيّة أو تكنولوجيّة أو طبية (أدوية ومستلزمات).
– الأموال الجديدة التي وردت وترد إلى المصارف اللبنانيّة من أو إلى عملائها نقداً أو من حسابات مصرفيّة خارج لبنان، اعتباراً من تاريخ 17/10/2019، على أن يُفتح لها حساب خاص لتمييزها عن أموال المودع الأخرى.
- أموال الدولة اللبنانيّة ومصرف لبنان.
- أموال المؤسسات الماليّة الدوليّة.
– أموال وإيداعات البعثات الدبلوماسيّة والسفارات والمنظمات الدوليّة والإقليميّة والعربية العاملة في لبنان.
– صافي قيم بوالص التأمين العائدة لشركات إعادة التأمين .
وتبرز في هذا الاطار، نقطتان اساسيتان قد يتمّ تعديلهما في لجنة المال النيابية، تتعلقان بسقف التحويلات الى الخارج، لغرض تسديد نفقات الطلاب والمحدّد بـ50 الف دولار سنوياً، بالاضافة الى التحويلات من اجل شراء مواد تجارية، حيث لم يحدّد القانون المواد الضرورية التي سيُسمح تحويل الاموال لاستيرادها، كذلك السقف المالي المسموح به سنوياً للتحويلات التجارية.
200 الف حساب لطلاب في الخارج
ورأى الخبير المصرفي مروان مخايل في هذا السياق، انّ سقف التحويلات لغرض تسديد نفقات الطلاب والمحدّد بموجب القانون بـ50 الف دولار سنوياً، هو سقف مرتفع نوعاً ما، ولا قدرة لكافة المصارف على تأمينه، وكان من الاجدى تحديده عند 30 الف دولار «رغم انّه مبلغ مجحف بحق المودعين، وقد لا يكفي لتسديد اقساط الجامعات في الخارج وتأمين مستلزمات معيشة الطلاب. إلّا انّ حجم السيولة المتوفرة لدى المصارف لن يسمح بتأمين تلك التحويلات لكافة الطلاب، علماً انّ التقديرات تشير الى وجود حوالى 200 الف حساب لطلاب في الخارج».
وقال لـ«الجمهورية»، انّ بعض المصارف قادر على تلبية سقف الـ50 الف دولار لكل طالب، لكن ليس جميع المصارف، وبالتالي انّ خفض هذا السقف الى 30 الف دولار سنوياً قد يسهّل العملية على القطاع المصرفي، «وإلّا فإنّ هذا القانون سيظهر الى العلن لاحقاً عند بدء تطبيقه، من هي المصارف التي تتمتع بملاءة مالية ومن هي المصارف التي تحتاج للاندماج».
وأشار الى انّ المصارف تملك حوالى 5 مليارات دولار من السيولة في الخارج، لكن في المقابل يبلغ حجم قروضها في الخارج 7 مليارات دولار، وبالتالي سيتوجب على المصارف تأمين السيولة المطلوبة للالتزام بتطبيق هذا القانون، «وكما استطاع بعضها اجراء تحويلات مالية الى الخارج في ظلّ الأزمة الحالية، عليه اليوم تأمين الاموال اللازمة لإتمام التحويلات التي ينصّ عليها قانون الكابيتال كونترول».
كما اعتبر مخايل انّ القانون لا يجب ان يستثني شراء المواد التجارية خصوصاً انّ مصرف لبنان سيقوم بتمويل استيراد المواد الاساسية، ولا يمكن للمصارف تأمين سيولة لاستيراد مواد تجارية وصناعية وزراعية، من دون تحديد المواد التي يستثنيها هذا القانون او من دون وضع سقف مالي لتلك التحويلات، على غرار تعميم مصرف لبنان السابق، الذي سبق وسمح بالتحويلات الى الخارج لشراء المواد الاولية للصناعة على سبيل المثال، بنسبة لا تتجاوز 0,5 في المئة من رأسمال المصارف. وبالنسبة لعدم وضوح القانون من ناحية كيفية التعامل مع الـfresh money، قال مخايل، انّ القانون يجب ان ينصّ على استثناء تلك الاموال من اي عملية اقتطاع او bail in قد يتمّ اعتمادها لاحقاً ضمن خطة الحكومة الاصلاحية، وذلك بهدف التشجيع على جذب ودائع جديدة الى القطاع المصرفي.
وفي الختام، شدّد مخايل على ضرورة إقرار قانون «الكابيتال كونترول»، من اجل حماية المودعين ومنع المصارف من التعامل باستنسابية معهم، بالاضافة الى وقف هروب الودائع الى الخارج، حيث انّ بعض المصارف ما زال يقوم بتحويلات مالية لبعض العملاء. كما انّ القانون سيحمي المصارف من الملاحقات القضائية.