IMLebanon

مواجهة الدولة للعجز افضل من تعميم العجز على المواطنين

 

 

المباحثات ما بين الحكومة وصندوق النقد الدولي لن تتوصل الى اتفاق نهائي قبل نهاية هذه السنة، وحيث ان المساعدة المطلوبة هي لـ3 مليارات دولار تتوافر على 46 شهرًا يمكن الجزم بانه مساندة بالغة الكلفة لاسباب نعددها ولن تسهم في حل مشاكل لبنان، وحيث انها ترتبط باقرار قانون الكابيتال كونترول يمكن الجزم بان هذه الاتفاقية ستؤخر اي حل افضل للبنان لبضع سنوات والاسباب الواضحة هي التالية.

 

لبنان تطور وحقق نموًا استنادًا الى نشاطات اللبنانيين في الخارج وقدرتهم على تحويل مبالغ ملحوظة للبنان بلغت منذ سنوات قليلة 9.2 مليار دولار ومن ثم انخفضت الى 7 مليارات دولار والواقع ان الرقمين لا يعبران عن الحقيقة.

 

التحويلات كانت في غالبها لكفاية العائلات المستمرة في العيش بلبنان وتدريس ابنائها في ثانويات وجامعات لبنان، وكانت تضيف الى المبالغ الرسمية مبالغ ملحوظة متمثلة بنقود منقولة مع اللبنانيين المتوجهين من الخليج وافريقيا الى لبنان.

 

اذا اقر مشروع الكابيتال كونترول ستنخفض التحويلات خاصة وان الثقة بالبنوك تلاشت، ومع ان عدد اللبنانيين العاملين في بلدان الخليج ونيجيريا وبعض البلدان الافريقية الاخرى قد تزايد مع توقع زيادة التحويلات، وهذا الامر سيتحقق انما بواسطة نقل المبالغ من قبل اصحابها وتسليمها لافراد عائلاتهم وبالتالي لن تدخل حساب الدولة الرسمية.

 

ان المعونات التي يتلقاها لبنان ستتوافر للهيئات المدنية المقتدرة على مجابهة المصاعب والممتنعة عن الاستفادة غير الشرعية، فكيف للمساعدات الفرنسية للمدارس المنتسبة لمناهجها ان تعلن عن مساعداتها لهيئات رسمية وكيف للجيش اللبناني ان يفصح عن مساعدات بالغة الاهمية لتجهيزه، وكيف لنفقات القوات الدولية ان تخضع لاحصاءات رسمية وهذه المصادر الثلاثة تتجاوز في قيمتها مبلغ ال750 مليون دولار سنويًا لـ4 سنوات.

 

لقد حصلنا على 1.3 مليار دولار تسهيل من صندوق التسهيلات الاقتراضية للدول المحتاجة الذي انشأ من قبل صندوق النقد الدولي ولا زال بوسعنا الاستفادة بمبلغ مناسب، وبالامكان اطلاق مشاريع للقطاع الخاص توفر استثمارات ملحوظة شرط ان تكون مرتبطة بقيادة حكيمة للتنفيذ والمشاركة، وهكذا تطور يكون افضل للبنان من الكابيتال كونترول ويسهم في اعادة النمو الى الاقتصاد وتدريجًا في استيعاب الطاقات البشرية.

 

ماذا يمنع من تخصيص مطار رينه معوض لنقل اللبنانيين واعداد من السوريين القاطنين في مناطق قريبة من موقعه، وماذا يؤخر تخصيص مرفأ طرابلس، واستدراج مساهمة بنسبة 40% في مصلحة الريجي التي تدار بفعالية القطاع الخاص ويمكنها استدراج مشاركات اجنبية خاصة بعد تشريع الحشيشة في المانيا.

 

اضافة للمشاريع المشار اليها، وخاصة بعد استكشاف الهدر في خدمات الاتصالات يجب ان نسعى لاستعادة تخصيص هذا القطاع الامر الذي حدث بعد اصرار الرئيس لحود اوائل القرن الواحد والعشرين، لكن استرجاع الرخص تحول الى تحويل تشغيله للشركتين اللتين حصلتا على عقود الترخيص سابقًا على ان يكون امر التوظيف في يد وزراء الاتصالات وقد توضح ان احد هؤلاء مرشح التيار الوطني الحر في الاشرفية كان قد تعاقد على استئجار مبنى لسنتين لم يستعمل بمبلغ 10 ملايين دولار والتحقيقات بصدد هذا الهدر مستمرة والوزير المعني مرشح للانتخابات.

 

حسب تقديرات نائب رئيس الوزراء سابقًا غسان حاصباني يمكن تخصيص خدمات الاتصالات وتطويرها خلال فترة قصيرة توفر للبنان مبلغ يتراوح ما بين 6 و7 مليارات دولار.

 

ان جميع المبادرات التي عددناها تؤدي الى تدفق استثماري على لبنان يفوق ال10 مليارات دولار ولا يثقل على لبنان بمقترضات جديدة، ويجب ان نذكر المسؤولين، وهم لا يتذكرون ولا يدركون بالفعل ان الدين العام  بالعملات الاجنبية يمكن اعادة تقسيطه على سنوات مع نتيجة تخفيض حجم الدين بما يساوي 20 مليار دولار لان المستثمرين اصلاً تحصل لهم منذ عام 2020، تاريخ تمنعنا عن تسديد قسط من الفوائد كامل اصول الاستثمار من الفوائد المتحققة سابقًا.

 

نسمع كلامًا عن توزيع اعباء الخسائر والامر العجيب ان مخلف تقديرات اهل الحكم تنصب على تحميل المودعين العبء الاساسي اي 50% من الدين العام والدولة 25% ومصرف لبنان 25% ولا ندري كيف يتوصل خبراء العهد الى هكذا توزيع.

 

مصرفيًا الامر المعروف ان المقترض يوفر للمصرف ضمانات عقارية او نقدية او رهن اسهم لبنانية واسهم اجنبية لمؤسسات محترمة، والدولة هي المقترض الاول في لبنان فكيف نحمل المواطنين العاديين العبء الاكبر من الدين؟ ويجب ان نشير الى ان انتظار التوصل الى اتفاق مع صندوق النقد قد يستغرق 7 اشهر اي حتى نهاية السنة، وخلال هذه المدة تنقص ودائع اللبنانيين على مستوى يتراوح ما بين 70 و75 مليار دولار، علمًا بان انهيار حجم الودائع والذي تم بصورة قانونية. فالقانون يسمح بالتحويل، لكن اباطرة اسواق المال لا يقرون بذلك ويحملون المودع خسائر ادخار عمره ومجابهة اكلاف الحياة بعملة تتحول قيمتها الشرائية شهرًا بعد شهر. كل ذلك والدولة لم توفر ضمانة لاي استقراض وهي المدين الاكبر، فهل تقضم ودائع اللبنانيين ولاي سبب؟

 

الدولة تستطيع ترصيد 15% من دينها، بعد جدولة دين اليوروبوندز خلال السنة الاولى ونسبة مماثلة في السنة الثانية، واذا تدفق الاستثمار على لبنان واستعادت بعض المصارف الثقة لدى اللبنانيين العاملين في الخارج قد نستطيع ترصيد الودائع السابقة خلال عامين فنقضي على الازمة، في حين مشروع الاقتراض من صندوق النقد الدولي لا يحل اي ازمة.