IMLebanon

هل يُمهَّد “الكابيتال كونترول” لتحويل قسري للودائع؟

 

جرى إدراج مشروع قانون «الكابيتال كونترول» كبند أول على جدول اعمال مجلس الوزراء الذي ينعقد اليوم، وكانت قد وزّعت نسخة منه على الوزراء لدرسه قبل طرحه للنقاش. صحيح أنّ تعديلات كثيرة طرأت على المشروع، لكن هل ستساهم هذه التعديلات في حماية حقوق المودع أم انها ستؤدي الى قوننة الوضع القائم لمصلحة المصارف؟

تسرّبت أمس مجموعة تعديلات أدخلها وزير المال على مشروع قانون «الكابيتال كونترول» طاوَلت المادتين السابعة والعاشرة. ونصّت المادة السابعة، المتعلقة بالسحوبات بالعملات الاجنبية بعد التعديل، على ما يلي: تحدّد السحوبات بالعملة الاجنبية لدى المصارف العاملة في لبنان بأنظمة وتعاميم دورية تصدر عن المصرف المركزي بالتنسيق مع وزير المالية وجمعية المصارف والمصارف المعنية. فاستناداً الى قانون النقد والتسليف، يصدر مصرف لبنان الانظمة والتعاميم التي تجيز للعملاء سحب مبالغ بالعملات الاجنبية لأغراض تحويلها الى العملة اللبنانية حصراً، وذلك على أساس سعر صرف السوق المتّبع لدى الصرافين. تحدّد سقوف سحب المبالغ بالعملات الاجنبية وآليات التحويل بموجب الانظمة والتعاميم.

 

امّا في المادة العاشرة، والمتعلقة بأحكام قروض التجزئة، وبعدما كان النص السابق يقول انّ على المصارف قبول تسديد الاقساط او الدفعات المستحقة بالعملات الاجنبية الناتجة عن قروض التجزئة بالليرة اللبنانية على اساس سعر الصرف الرسمي، أضيف اليها شرط «ألّا تتعدى القيمة المسددة بالليرة اللبنانية لمجموع الاقساط مبلغ المليون ليرة».

 

في السياق، اعتبر الخبير الاقتصادي كمال حمدان انّ مشروع الكابيتال كونترول المطروح هو تكريس لِما هو قائم مع تحسينات طفيفة، وكأنّ هناك إقراراً من قبل الحكومة ضمناً بأن ليس في الامكان أفضل مما كان، مع النية لتوسيع صلاحية حاكم مصرف لبنان بإصداره للقرارات والتعاميم الاستثنائية المؤقتة.

 

عن التعديلات المطروحة قال حمدان: في ما خَصّ المادة العاشرة المتعلقة بقروض التجزئة، ورغم التعديلات لم تحدّد الفترة الزمنية، إنما اذا سلّمنا جدلاً بأنّ الفترة شهرية ففي ذلك حماية لصغار المقترضين وهذا افضل من لا شيء، وحماية للمصارف من القروض المشكوك في تحصيلها. وبما انّ الشيطان يدخل في التفاصيل الصغيرة من الافضل ان يذكر المشروع كيف سيتم تسديد كل قرض يزيد عن المليون ليرة هل يدفع الفارق بالدولار؟ او يستوفى مجمل القرض بالدولار؟

 

وعن تعديلات البند السابع، نلاحظ إلغاء السقف الزمني الذي يُلزم مصرف لبنان بإصدار التنظيمات والتعاميم الخاصة والتعامي عن ذكر المهلة الزمنية له تداعيات خطيرة، ومن المفترض بهذه التعاميم ان تحدّد سقف السحوبات بالعملة الاجنبية والطابع الدوري للسحوبات (أسبوعياً او شهرياً)، متسائلاً عن أي سعر صرف في السوق يتحدث التعميم خصوصاً انه الى جانب السعر الرسمي هناك سوقان للدولار.

 

امّا عن بقية البنود، فقد لحظ حمدان بعض التقدم في ما يتعلق بحرية التصرف بالاموال الجديدة، لكن برأيه انّ ما يطرح علامات استفهام هو ربطها جميعها بتاريخ 17/11/2019 فلماذا اختيار هذا التاريخ بالذات؟

 

بالنسبة الى التحاويل الى الخارج فهي عملياً لا تزال محصورة بالاموال الجديدة مع بعض السقوف على الاقساط الجامعية والمدرسية والطبابة والاستشفاء والنفقات الملحّة والمعيشة في الخارج التي حدّدها بـ 15 ألف دولار. والسؤال هنا على أي أساس وضع هذا المبلغ خصوصاً انه ليس لدينا أي قانون ينظّم مفهوم الاقامة، عدا عن ان لا أحد يستطيع ان يضبط هذه الامور. أضف الى ذلك، يتبيّن من مسودّة مشروع القانون وكأنّ هذه التسهيلات تنطبق على مَن سبق وغادر لبنان من دون الاشارة الى كيفية تسهيل أمور من ينوون المغادرة في المرحلة المقبلة. وانتقد حمدان شرط «ألا يكون للمودع طالب التحويل حساباً مصرفياً خارج لبنان»، لافتاً الى انّ غالبية اللبنانيين لديهم حسابات في الخارج.

 

امّا عن بند تخصيص كل مصرف ما لا يقل عن 0,5% من مجموع ودائعه بالعملات الاجنبية للاستيراد، اعتبر حمدان انّ هذه النسبة قليلة جداً فإذا كان يملك المصرف نحو مليار دولار ودائع أجنبية لن يكون بمقداره تخصيص اكثر من 5 ملايين دولار للاستيراد، ماذا لو تلقّى المصرف طلبات استيراد بما مجموعه 20 مليوناً كيف يتصرّف؟ وهل الاختيار هنا ايضاً يخضع للاستنسابية؟

 

وعن سقف السحوبات بالعملة اللبنانية لم يتم تحديد المهلة الزمنية فهل يمكن سحب 25 مليون ليرة كل يومين؟ امّا السحوبات بالعملة الاجنبية فلم يتم ذكرها وكأنّ سحب العملات الاجنبية لن يكون متوفراً، ما يدعو الى القلق.

 

إستمرار حجز الودائع

يستنتج حمدان في النتيجة، انّ مشروع القانون هو اعتراف ضمني باستمرار حجز الودائع ومن دون اي ضمانات، والاخطر انه سيتم درس مشروع القانون هذا قبل أسابيع قليلة من صدور خطة الانقاذ. وإذا كانت الروحية التي أُعدّ فيها هذا القانون هي نفسها ستنسحب على مضمون خطة الانقاذ، فهذا يعني انّ هناك إمعاناً في فرض أسوأ اشكال الـ haircut والقاضي بإجبار الناس على تحويل ودائعهم من الدولار الى الليرة اللبنانية ووفق السعر الرسمي.

 

ورداً على سؤال، لم يستبعد حمدان أن يكون ما يتم التسويق له في اليومين الماضيين عن احتساب الدولار على 2000 ليرة هو من المَخارج المطروحة، وقال: صحيح انّ هذا ايضاً يعتبر haircut لكنّ قص شعر عن آخر يختلف، وفي الحالتين لا ضمانات، إذ عندما تتوقف المصارف عن إعطاء الدولار وتستبدله بـ2000 ليرة، ما الضمانات بألّا يتخطّى سعر الليرة مقابل الدولار 4000.