IMLebanon

«الرمان الملغوم»… ابعاد وخلفيات سياسية للمقاطعة 

 

 

السلطة تتحدّى الحصار… التوجّه شرقاً يتسلّل «من خلف الأبواب»

 

شيئاً فشيئاً يكتمل مشهد الحصار الإقتصادي والسياسي على لبنان، فالحصار الأول يبدو تتمة او تكملة للحصار السياسي الذي بدأ قبل فترة، وليس ما حصل في عملية الرمان المحشو بالمخدرات الا وجها من وجوه مقاطعة لبنان وتركه يغرق في الانهيار والأزمات.

 

فشحنة الرمان الملغوم بحبوب «الكبتاغون» تركت علامات استفهام كثيرة حيال الموقف السعودي المتشدد  وردة الفعل بالمقاطعة، خصوصا انها ليست المرة الوحيدة التي يتم فيها ضبط تهريب لمواد مهربة من لبنان او عبره، علما ان هناك تعاونا قائما بين الأجهزة في هذا الصدد يقوم على تبادل المعلومات والبرقيات حيث قامت الأجهزة باخبار الجانب السعودي أكثر من مرة.

 

فالموقف السعودي جرى ربطه بالخلفيات السياسية مع حفظ الحقوق كاملة للمملكة العربية السعودية بحماية أمنها الاجتماعي ، الا ان ما جرى لم يكن بعيدا عن الخلاف السياسي العميق والانقسام الداخلي حول الملفات وصولا الى العوامل الاقليمية.

 

فمشهد الحصار يشتد خناقا من العقوبات على سياسيين الى مقاطعة حكومة تصريف الأعمال، فعلى الرغم من استقبال دولة قطر لرئيس الحكومة حسان دياب، الا ان معالم الحصار واضــحة في رفض التعامل مع السياسيين والحكومة، وهذا الوضع يدفع كما تقول مصادر سياسية الى  البحث عن خيارات بديلة حيث بدأ عدد من السياسيين بإثارة ملف الذهاب الى الشرق بعد ان ســدّت طرق الغرب في وجه اللبنانيين، وكان رئيس التيار الوطني جبران باسيل حذر من ان العقوبات مضرة وســتؤدي الى ابعاد لبــنان عن أوروبا والغرب وتأخذنا شرقا، فالى أي درجة هذا الطرح يعتبر مقبولا؟

 

تؤكد المصادر السياسية ان هناك محاولات يقوم بها لبنان منذ فترة لتوقيع  اتفاقيات لتأمين الفيول من أجل تشغيل معامل الكهرباء ، حيث يبدو واضحا ان هناك أجندة حكومية واسعة كانت تتضمن  التعاون مع العراق في القطاعات الصحية والزراعية والصناعية وفتح آفاق التعاون مع بغداد  اصطدمت بحائط مسدود مع إلغاء  زيارة رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب على رأس وفد وزاري يضم وزراء الطاقة والزراعة والصناعة، حيث كان يفترض ايضا التواصل مع العراق من أجل تبادل النفط بالخدمات الطبية، مما يمهّد عمليا، كما تقول المصادر الى الدخول في المسار المشرقي لكسر «الفيتو» الذي يضعه الغرب على امداد السلطة السياسية بأي مساعدات وطلبها مساعدة الشرق.

 

الا ان ذلك لا يعني ان الخيار المشرقي لا يواجه أيضا تعقيدات سياسية اولا ومن ثم تقنية، فالانفتاح على الصين مثلا للاستيراد يحصل وفق عملة  الاقتصاد العالمي والدفع بالدولار، فيما لبنان يعاني شحا في الدولارات، كما ان الاستثمارات الصينية موجّهة الى المنشآت والبنى التحتية وسكك الحديد والأنفاق، فيما حاجة لبنان في هذه المرحلة  مخصصة لوقف الانهيار وتوفير فرص العمل وتحريك الاقتصاد.

 

الذهاب الى الشرق هو بالأساس طرح فريق الممانعة، فالأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اول من أطلق التوجه قبل ان يصل الدولار الى هذا السقف لكسر الحصار، داعيا الناس للمواجهة والصمود ومحددا خيارات بديلة لمواجهة الانهيار، الا ان الطرح لاقى ردود فعل رافضة له، فالذهاب الى الشرق، برأي فريق من اللبنانيين، يفقد لبنان وجهه التعددي والحضاري ولا يحل الأزمة الاقتصادية والعجز المالي للدولة وتعثر المصارف ، كما ان الدول التي تعتمد الخيارات المشرقية لديها مشاكلها الاجتماعية والاقتصادية  كما هو حاصل في العراق وسوريا وايران.

 

العقوبات والحصار الخارجي شكلا حافزا لوزراء حكومة تصريف الأعمال للتوجه شرقا،  فوزير الصحة حمد حسن قفز فوق تداعيات «قانون قيصر» لطلب الأوكسيجين السوري، فيما شاحنات البنزين انطلقت قبل فترة  من ايران لتوفير المحروقات، وفي الأسواق مواد استهلاكية وغذائية من مصادر مشرقية  بأسعار مقبولة تشبه المواد المدعومة، مما يدل على ان خيار الشرق يتسلل من دون ان يشعر به أحد تحت وطأة الضرورة الملحة والاتفاقيات،  والآتي أعظم اذا استمرت المقاطعة وأكمل الانهيار.