Site icon IMLebanon

هل يفتح «الليمون المخدّر» ثغرة أقفلها «الرمان المخدّر»؟!

 

مع الساعات الاولى من السنة الجديدة منّن المسؤولون اللبنانيون النَفس بزيارة مزعومة لبيروت، يخرق فيها وزير خارجية الكويت أحمد ناصر المحمد الصباح قطيعة دول مجلس التعاون الخليجي للبنان. فهو قوّم مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام المولوي اكتشاف صفقة «الليمون المخدّر» على انّها إنجاز. فأُعطيت لها صفة النصر. فكيف إن فتحت ثغرة في القطيعة الخليجية التي أحدثها «الرمان المخدّر» منذ مطلع نيسان الماضي؟

حتى كتابة هذه السطور لم يصدر اي تأكيد رسمي يتحدث عن زيارة اي مسؤول خليجي للبنان. وبالتالي، فإنّ أي حديث عن الزيارة التي ينوي وزير خارجية الكويت القيام بها الى بيروت في وقت قريب ما زال مجرد رواية لم تثبت بعد. فلا قصر بعبدا ولا رئاسة الحكومة ولا وزارة الخارجية على علم بهذه الزيارة. وكل ما اشارت اليه مصادر السرايا الحكومية، انّها أعادت التذكير بوعد كويتي قُطع بزيارة لبيروت يقوم بها وزير الخارجية، الذي شارك في اللقاء الذي جمع ميقاتي بنظيره الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد الصباح مطلع شهر تشرين الثاني الفائت، على هامش «مؤتمر الأمم المتحدة السادس والعشرين للأطراف في «الاتفاقية الإطارية بشأن التغيّر المناخي» الذي عُقد في مدينة غلاسكو في اسكتلندا.

 

إلّا انّ هذا التذكير، وبحسب مصادر ديبلوماسية لبنانية وخليجية، لا أهمية له، وهو لا يعطي أي اشارة واضحة الى إمكان عودة العلاقات الطبيعية بين الكويت ولبنان لانتظار مثل هذه الزيارة. فهي الدولة التي فاجأت اللبنانيين عندما التزمت مع نظيراتها الخليجيات القطيعة الديبلوماسية مع لبنان، عقب التصريحات التي نُشرت لوزير الإعلام جورج قرداحي تجاه حرب اليمن في مطلع الخريف الماضي، والتي زادت في الطين بلّة، في مرحلة لم تكن المساعي التي بُذلت قد أدّت الى تطويق تداعيات فضيحة «الرمان المخدّر» التي كُشف عنها في المملكة العربية السعودية مطلع نيسان الماضي.

 

وبمعزل عن هذه الأجواء السلبية التي ما زالت تظلل العلاقات اللبنانية ـ الخليجية، فقد فتحت عملية اكتشاف صفقة «الليمون المخدّر» التي كانت وجهتها العاصمة الكويتية بحمولة تقدّر بنحو 9 ملايين حبة من الكبتاغون، كوة صغيرة في جدار القطيعة الديبلوماسية والاقتصادية بين لبنان والكويت. وأدّت الظروف التي واكبت اكتشافها على يد عناصر مفرزة من الجمارك اللبنانية في 29 من الشهر الماضي في مرفأ بيروت، الى اعتبارها صيداً ثميناً لاعتبارات عدة أبرزها، انّها جاءت باعتراف مرجع أمني لتلقي الضوء على أخرى سابقة كانت قد استُخدمت فيها الوسيلة عينها وتمكنت الشبكة التي نظّمتها من الوصول بها وبما حملته بأكثر من مليون و160 الف و500 حبة من الحبوب المخدّرة إلى الإمارات العربية المتحدة قبل 6 أيام وتحديداً في الثالث والعشرين من الشهر عينه، حيث تمكنت قوة من مكتب الإدارة العامة لمكافحة المخدرات من توقيف عدد من المتورطين بترويجها، ومن بينهم اربعة اشخاص يحملون الجنسية السورية وآخرون من أبناء الإمارات ومن جنسيات مختلفة مقيمين فيها.

 

وعليه، تعتقد مراجع ديبلوماسية واقتصادية وأمنية، انّ اتصال وزير الخارجية الكويتي هاتفياً بميقاتي ومولوي، لشكرهما على الجهود الاستباقية التي أوقعت بالشبكة، لا يكفي لترميم العلاقات بين الدولتين. فكل المساعي التي بذلتها الهيئات الاقتصادية اللبنانية والخليجية لم تصل بعد الى غاياتها النهائية المأمولة لإحياء العلاقات كما كانت من قبل. وعليه، فقد عُقد الرهان على ما يمكن ان تقوم به الأجهزة الامنية المكلّفة هذه المهمة من جمارك وجيش وقوى أمن وأمن عام، من أجل ضبط الحدود اللبنانية ـ السورية وتشديد الرقابة على الموانئ البحرية والجوية اللبنانية التي تستخدمها هذه الشبكات المنظّمة، والتي تعمل منذ سنوات عدة في ظروف مكشوفة لدى هذه المرجعيات الأمنية اللبنانية والعربية والدولية.

 

وانطلاقاً من هذه الرهانات، فقد كشفت مراجع أمنية عليمة، انّ معظم الشبكات التي تتقن هذه العمليات معروفة لديها وهي مرصودة بدقّة، وأنّ ما يعوق الوصول اليها افراداً وجماعات، رهن كثير مما لم يتحقق بعد. ولعلّ أبرز العقبات هي التي تتحدث عن حماية متوافرة لها من الجانبين اللبناني والسوري بوجهيها الأمني والعسكري «الشرعي و»غير الشرعي»، عدا عن المصالح الاخرى التي تربط شبكات منظّمة موجودة في البلدين وتسيطر على معابر غير شرعية لا تُحصى ولا تُعدّ. ولذلك، فإنّ مواجهتها ليست من المهمات التقليدية والسهلة. وخصوصاً إن كان هناك قرار سياسي يحمي مثل هذه المجموعات للزجّ بها في حروب سياسية وديبلوماسية مشبوهة، لتعزيز مواردها المالية بالعملات الصعبة، في بلدين يعانيان من عدم توافرها نتيجة الحصار والعقوبات المفروضة على جهات حكومية وسياسية وحزبية، لم يعد لها سوى هذا المتنفس لتمويل جماعتها ومشاريعها.

 

لا تقف القراءة الناجحة لمثل هذه العمليات عند هذه المعطيات فحسب، فالقطيعة بين لبنان ودول الخليج مرشحة للاستمرارلأسباب سياسية أبعد بكثير من المعطيات الأمنية المرتبطة بأعمال التهريب، بما تحمله من رسائل سياسية. فالوعود التي قطعتها الحكومة اللبنانية أمام المسؤولين الخليجيين والوساطات الاجنبية، ولا سيما منها الفرنسية، التي بُذلت لتحسين العلاقات بين الخليج ولبنان، لم ينفّذ منها شيء بعد. وما يخشاه الساعون الى تحسين هذه العلاقات، رهن الجو السياسي الملبّد. فهناك في السلطة اللبنانية، في رأي الديبلوماسية والمراجع الأمنية الخليجية، من لا يسعى بما فيه الكفاية لقيادة لبنان الى مرحلة النأي بالنفس ووقف التدخّلات الخارجية التي يقودها «حزب الله» في دول الخليج واليمن. والأسوأ انّه لم يعد هنالك من يبرّر للمسؤولين اللبنانيين عجزهم عن الإيفاء بوعودهم، الى درجة وضع فيها المسؤولين الحزبيين والسياسيين الكبار في سلة واحدة مع المجموعات الارهابية كما تسمّيها. ولا ينتظرون منهم الإيفاء بالتزاماتهم وإعادة النظر في أولوياتهم. فبعض المقتضيات التي تفرضها الحياة السياسية في لبنان لها الأفضلية في تصرفات البعض ومواقفهم على أي مهمة أخرى، وخصوصاً في هذه المرحلة التي دخلت فيها البلاد مدار الانتخابات النيابية، وهي تعيق التفاهمات التي يسعى الاقتصاديون ومعهم الجهات الديبلوماسية، للتوصل إلى ما يرضي الدول الخليجية لتسهيل تراجعها عن إجراءاتها العقابية، وإلى أجل غير محدود.