Site icon IMLebanon

زمن الكبتاغون ولّى… ضربة جديدة لـ “حزب الله”

 

المرحلة المُقبلة تقتصر على تهريبات صغيرة

 

 

 

لطالما شكّل الكبتاغون وصناعته في الداخل السوري وعند الحدود اللبنانيّة مصدراً مهماً “للعملة السوداء” التي أغنت كبار الشخصيّات على طرفيْ الحدود، إلّا أنّ هذه الإمبراطوريّة التي أطاحت بها الثورة أدّت إلى أضرار كبيرة في مصالح وأعمال تلك الشخصيّات، ممّا يرسم علامات استفهام حول مصير صناعة الكبتاغون في ظلّ النظام الجديد، وهل سيتمّ إحياء هذه الجماعات أمْ أنّ نجمها قد أفل إلى غير رجعة؟

 

 

 

رئيس تحرير نشرة ذي سيريا ريبورت (The Syria Report) جهاد يازجي، يؤكّد لـ “نداء الوطن”، أنّ “الكبتاغون كان يُشكّل أوّلاً، مصدراً مهماً لنظام الأسد، ومصدر تمويل مباشر  للجهاز الأمني والعسكري للنظام، وكانت قيمة الكبتاغون الذي كان يتم تصديره تصل أحياناً إلى ما بين 3 أو 5 مليارات دولار سنويّاً. لكن هذه الأسعار هي فعليّاً القيمة السوقية، والمبلغ الذي كان يدخل إلى سوريا أقلّ بكثير من ذلك، لأنّ بين خروجه من سوريا ووصوله إلى البلد الذي يتمّ تصدير الكبتاغون إليه، هناك عدد كبير من المُهرّبين والتجّار. لذلك فإنّ الأرقام التي تصدر حول المبلغ الذي يؤمّنه الكبتاغون لسوريا مُبالَغ به رغم أنّ حجمه كبير”.

 

 

 

“الفرقة الرابعة”

 

أولاً، كان الكبتاغون بشكلِ أساسي بيد الفرقة الرابعة التابعة لماهر الأسد لدعم الميليشيات التي يتحالف معها والتي هي في معظمها تابعة للحلف الإيراني. إنمّا هذا لا يعني كمنتجين أنه لم يكن هناك أشخاص آخرون، بل إنّ الكثير من المعامل تحوّلت إلى صناعته وتمّ فتح ورشات لصناعة الكبتاغون لدرجة أنّ البعض أطلق عليه تسمية “مطبخ الكبتاغون” بسبب رواج تصنيعه، والكثير من الأشخاص كانوا يصنعونه على مستوى صغير، لكن إخراجه من البلد كان يتم بشكل أساسي عن طريق الفرقة الرابعة.

 

 

 

حزب الله وشبكاته التجاريّة

 

ثانياً، في ما يخصّ لبنان، فإن جزءاً كبيراً من التجّارة كان يمرّ عن طريق بيروت، وبالطبع الحليف التاريخي للفرقة الرابعة هو “حزب الله” وشبكاته التجاريّة. لكن الكبتاغون لم يكن بالضرورة مُوجّها إلى السوق اللبناني، لكن مصنّعيه في سوريا يعدّونه بشكل أساسي لسوق الخليج، وكانوا يهرّبونه عبر طرق مختلفة، لأن كل الحاويات التي كانت تصل إلى المرافئ الخليجيّة آتية من سوريا تتمّ مراقبتها بشكل دقيق جداً، لدرجة حتى أن الصناعيين السوريين لمواد أخرى يقولون إنّ سمعة المنتج السوري تضرّرت بشكلٍ كبير جرّاء الكبتاغون، وباتت كل الدول تخاف من أي حاوية تحمل منتجات غذائية أو ألبسة أن يكون بداخلها كبتاغون مُخبَّأ. فمن جهة تأذّى الصناعيون السوريّون والتجّار جرّاء سمعة المنتَج السوري السيئة أو المخاوف من المنتجات السورية، ومن جهة أخرى بدأ تجار الكبتاغون يُصدّرون بضائعهم عن طريق دول أخرى، كلبنان مثلاً، ومن مرفأ بيروت إلى الخليج. لكنهم كانوا أيضاً يصدّرون إلى أوروبا أوّلاً ومنها إلى الخليج للتمويه. وقد جرى توقيف شحنة في إيطاليا مرة، وفي اليونان مرة أخرى، لكن الشحنة كانت متوجّهة في الحقيقة إلى الخليج. فكانت البواخر تخرج من سوريا نحو أوروبا ومنها تنتقل إلى باخرة أخرى باتجاه الخليج وذلك بهدف تمويه وإخفاء المصدر، لأنّ الفرقة الرابعة كانت تعلم أنّ أي حاوية تأتي مباشرة من سوريا سيتمّ تفتيشها”.

 

 

 

 

 

طريقة سهلة وسريعة

 

ويختم يازجي: “بالطبع هناك معامل قريبة من الحدود اللبنانية كي يتمّ تصدير الكبتاغون عبر لبنان، لكن هناك أيضاً معامل كثيرة أخرى تصنع الكبتاغون في أنحاء البلاد كلها كحلب مثلاً، وكان يتمّ تهريبه عن طريق الأردن وهذه أسهل وأسرع طريق للوصول. تخرج البضاعة عن طريق المرافئ السوريّة كاللاذقية وطرطوس وعن طريق الحدود الاردنية واللبنانية وأعتقد عن طريق تركيا والعراق أيضاً”.

 

 

 

 

 

المقلب اللبناني

 

على المقلب اللبناني، النائب السابق الدكتور مصطفى علوش يلفت إلى أنّ “المعامل الأكثر نشاطاً كانت تلك الموجودة في منطقة القصير، لكن اليوم لم يعد هناك تواجد لحزب الله في المنطقة. وهناك معامل مُنتشرة في العديد من المواقع الأخرى أهمّها في الهرمل”.

 

 

 

 

 

إشكاليّة تُعيق “حزب الله”

 

ويوضح لـ “نداء الوطن”، أنّ “تصنيع الكبتاغون سهل ولا يحتاج معامل ضخمة، فالقدرات موجودة غير أنّ الإشكال الذي يُعيق “الحزب” اليوم هو التصريف، حيث أنّ الحدود متفلتة والتهريب كان يتم في معظم الأحيان عن طريق سوريا، مستذكراً فضائح “رمان وليمون الكبتاغون”.

 

 

 

ويتابع علوش: “كان لبنان يُشكل أحد الممرّات ومراكز تصدير الكبتاغون، لكن عندما كشفت طرق التصدير إن كان في اتجاه أوروبا أو الخليج، لم تعد القدرة على التصريف من لبنان كافية لتمويل لا النظام السوري ولا “حزب الله”. وظلت الحدود مفتوحة فقط في اتجاه الأردن والعراق مع وجود بعض المراكز المُمكن لـ”الحزب” التصرّف بها. والقوى الأمنيّة باتت قادرة على مداهمة ووقف عمل المصانع التي تتعامل مع “الحزب” أو التي تنشط تحت إشرافه بعد أن زالت الحمايات التي كانت قائمة عليها”.

 

 

 

بالتالي، يُشير إلى أنّه “حتى لو تم تصنيع كميات ضخمة من المخدرات إنْ لم يتم تصريفها وبكميّات كبيرة فلا فائدة منها ولا جدوى، خصوصاً وأنّ سعر حبة الكبتاغون مُتدنّ”.

 

 

 

ويعتبر علوش أن “زمن الكبتاغون ولّى مع انعدام القدرة على التهريب بكميّات هائلة، وسيقتصر في المرحلة المُقبلة على تهريبات صغيرة أو الاستخدام المحلي”.

 

 

 

ضربة ماليّة لـ “حزب الله”

 

يختم علوش: “العديد من المُستفيدين “انقطع رزقهم” مع انقطاع تهريب المخدرات والكبتاغون وحتى الدخان، لا سيّما بعد المداهمة الأخيرة في عكار. حتى أن “الحزب” وشركاءه لم يعد في وسعهم تهريب البضائع على مختلف أنواعها إنْ كان في حاويات الشحن على المرافئ أو الأصناف المشحونة رغم عقوبات قانون قيصر. كل هذه التهريبات كانت تُشكّل مصدر تمويل مهم لـ”الحزب” ووقفها شكّل ضربة ماليّة جديدة له”.