Site icon IMLebanon

إذهب إلى المصنع يا معالي الوزير!

 

 

أعلن وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال في لبنان بسام مولوي عن «ضبط الأجهزة الأمنية اللبنانية، كمية كبيرة من حبوب الكبتاغون، تفوق المليون حبة، في مرفأ بيروت، كانت مخبأة داخل شحنة من العنب، وجهتها الأولى جمهورية السودان، ومن ثم الكويت».

 

وبالطبع، رفع وزير الداخلية راية النصر، وأكد أن التحقيقات مستمرة. وغيرها ربما لا يزال مستمراً منذ سنوات ومن دون أي نتائج فعالة. ليقتصر الأمر على سجناء موقوفين لا تنتهي محاكماتهم، أو محكومين لأنهم حملوا القضية مقابل بدل سخي يؤمن لعائلاتهم مردوداً مالياً لا يوفره أي عمل شرعي آخر.

 

ومعلوم أن هذه الشحنة ليست الأولى، ولن تكون الأخيرة ما دام الكبتاغون يُصنَّع في لبنان، وسيُصَنَّع وستبقى عجلة الإنتاج على نشاطها في المصانع التي تتوزع على أكثر من 60 مصنعاً بين كبير وصغير معظمها في محافظة البقاع اللبناني الشمالي وعلى الحدود المتاخمة لسوريا، ويمكن لمن يشاء التأكد أن يتحرك ويداهم ويلقي القبض على أصحابها.

 

ولكن، ليس هناك من يشاء، إن شاء لا يستطيع، ولن يستطيع إلا إذا صار المصنع والتاجر من المغضوب عليهم، أي من دون غطاء، حينها لا يتم إلقاء القبض عليه، ولكن يتم إعداد كمين لقتله، من دون تحقيق أو قضاء أو أي توتر من أن يطال التحقيق رؤوساً لا يمكن قطافها، وإذا ما حاول قاضٍ عنيد ذلك يصار إلى تهديده بتصفيته… لذا لا لزوم لبطولات عنترية في غير موضعها.

 

وهذا ما حصل مع طيفور المقداد، وهو كان رئيس عصابة لسرقة السيارات والمتاجرة بالمخدرات، عندما طالب رئيس الجمهورية الأسبق إميل لحود بإلقاء القبض عليه إرضاء للسفير السعودي، بعد تكرار سرقة سيارات لسائحين سعوديين، حينذاك، قضي الأمر بكمين وقتل، و ..»لا من شاف ولا من دري».

 

كذلك تكرر الأمر مع من لقب بـ «اسكوبار لبنان» علي زيد إسماعيل، الذي رُفع الغطاء عنه في تموز 2018، حينها روى لي قريبه أن «علي كانت له علاقات بأصحاب النفوذ. ولديه بطاقة أمن سحبت منه قبل فترة وجيزة بحجة تجديدها. أي انه كان من عظام الرقبة. المداهمة كانت أشبه بعملية اغتيال، لأن اعتقاله وسجنه والتحقيق معه ستجر كبار المتورطين وقد يصل الى رؤوس كبيرة».

 

كذلك يروي أهالي احدى قرى بعلبك أن «جهات نافذة» أودعت لدى ناظر مدرسة القرية صناديق فيها مساعدات، حسب زعم هذه الجهات، ليصار إلى دهم المدرسة واعتقال الناظر الذي تعرض للضرب المتواصل حتى يقر بهوية من أودعوه الصناديق، وعندما أقر، تواصل تعرضه للضرب حتى سحب إفادته.

 

بالتالي، ليست شطارة أن تضبط شحنات الكبتاغون قبل تصديرها، في حين يتم تهريب غيرها، ولن «تشيل الزير من البير» ملاحقة «أبو سلة» ومن في مثل حجمه من الموزعين والمروجين، وتصوير الأمر وكأنه إنجاز لا مثيل له في عالم الأمن، في حين أن الشطارة في ضبط أصحاب المصانع الذين لا يتحركون إلا بمواكب مسلحة جهاراً نهاراً، وليس من يضع البضاعة في العنب أو الرمان أو غير ذلك.

 

لذا اذهب إلى المصنع يا معالي الوزير… وإلا ستذهب هباء كل الجهود التي تقتصر على منع التصدير عندما تستطيع إليه سبيلاً…