ما تزال تداعيات الازمات المتتالية في لبنان، ترخي بثقلها على مختلف القطاعات، والاخطر ما يتعرّض له القطاع الطبي – الاستشفائي، الذي لطالما تميّز به لبنان، بعد ان حمل لقب «مستشفى الشرق»، بسبب تقديمه الخدمات الطبية المميّزة، وبروز مهارات اطبائه، فكان مقصداً للمعالجة في مستشفياته، خصوصاً من قبل الشعوب العربية. لكن اليوم وبسبب الانهيارات والاوضاع المعيشية الصعبة، يكاد البلد يصبح من دون أطباء بسبب هجرتهم المتواصلة، والتي تفاقمت بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، ما جعل القطاع الطبي يُصاب بضربة كبيرة، جرّاء سقوط ضحايا بين أفراده، وتضرّر كبير لعدد من المستشفيات، وارتفاع اسعار المستلزمات الطبية وكلفة المعالجة بسبب الارتفاع الجنوني لسعر الدولار والى ما هنالك، بالتزامن ايضاً مع المعركة ضد فيروس كورونا، التي خاضها اطباء لبنان والطاقم الاستشفائي بشجاعة، فدفع بعضهم حياته ثمناً باهظاً بسبب الإصابة بالعدوى، والنتيجة انّ القطاع في أزمة تهدّد بانهياره.
هذه المشاهد المأساوية دفعت بنقيب الأطباء الدكتور شرف أبو شرف، الى تكرار نداءاته للمسؤولين لمعالجة مشاكل هذا القطاع، التي سرّعت بهجرة متواصلة لا تنتهي لعدد كبير من الاطباء، بهدف تأمين سبل العيش الكريم لهم ولعائلاتهم، الامر الذي ينذر بعواقب وخيمة جداً.
في هذا الاطار اطلق النقيب ابو شرف صرخة جديدة عبر»الديار» وقال: «عدد الاطباء المهاجرين وصل الى 1200 حتى اليوم، قسم كبير منهم من أصحاب الاختصاص والكفاءات العالية هاجروا الى اوروبا واميركا واوستراليا، وهذا يعني لا عودة لهم الى لبنان، والبعض منهم انتقل الى دول الخليج مما يتيح إمكانية رجوعهم، إضافة الى الأطباء المتخرجين حديثاً الذين يغادرون على الفور، لانهم يعرفون انهم لن يجدوا عملاً في بلدهم في هذه الظروف». لافتاً الى انّ الفئة العمرية التي تهاجر تتراوح بين سن الثلاثين والخمسين، وهي تشكّل عصب القطاع الطبي، الذي تعوّل عليه المؤسسات الاستشفائية ، وبالتالي فإن هجرتهم ستسبّب فراغًاً كبيراً ينعكس سلباً على هذا القطاع .
وعن لقائهم المسؤولين المعنيين وطرح مشاكلهم، اشار الى انهم إلتقوا مسؤولين في وزارتيّ الصحة والعمل، والضمان الاجتماعي والجهات الضامنة الخاصة، في إطار تحسين العمل في القطاع الطبي، ووضع حدّ لهجرة الأطباء وتحفيزهم وتعزيز صمودهم في تأدية واجبهم المهني، وطالبوا بضرورة معالجة هذه المشاكل، وتأمين الحد الأدنى من حقوق الاطباء، بدءاً برفع التعرفة الرسمية الهزيلة، وتوفير الضمان الصحي لهم مدى الحياة، ودفع مستحقاتهم في وقت قريب، إضافة الى معالجة ملف حصانة الاطباء في ظل ما يحصل من إعتداء عليهم، على غرار ما جرى قبل ايام في مستشفى «اوتيل ديو»، حيث تعرّض احد الاطباء الى الاعتداء وشهر السلاح في وجهه لسبب بسيط، وهذا امر غير مقبول ويتطلب حلاً عاجلاً . واشار الى انّ مشاكل القطاع الى تفاقم، وهم لم يحصلوا حتى اليوم سوى على الوعود الكلامية من قبل المسؤولين.
ورداً على سؤال حول ملف الطفلة ايللا طنوس، ختم ابو شرف: «لقد طلبوا منا تقريراً علمياً عن القضية وقدمناه، ونأمل حدوث حل قريب، لكن على الدولة ان تتكّفل بمعالجة الطفلة ايللا مدى الحياة وليس المستشفى».
وكانت محكمة الاستئناف في بيروت، برئاسة القاضي طارق بيطار، قد اصدرت حكمها النهائي في القضية المذكورة وبالإجماع، فقررت رد طلبيّ فتح المحاكمة المقدّمَين من المعنيّين بالملف، وحكمت بتصديق الحكم الابتدائي، مع تعديل قيمة التعويضات المقرّة للطفلة ايللا، لتصبح 9 مليارات ليرة لبنانية يلزم بها ويدفعها المدعى عليهم بالتكافل والتضامن في ما بينهم، إضافة إلى دخل شهري لها بمعدل أربعة أضعاف الحد الأدنى للأجور، ولكل من الوالدين مبلغ 500 مليون ليرة.