IMLebanon

انتخابات “نقيب المهندسين” تُربك الأحزاب… وتُشتّت صفوفها

 

مهما حاولت الأحزاب ترقيع وتجميل نتائج انتخابات نقابة مهندسي بيروت، بجولتها الأولى، فهي تواجه ارباكاً قلّ نظيره، في التعاطي مع استحقاق منصب النقيب الذي سيجري يوم الأحد المقبل في مقر النقابة. هي فعلاً تتردد في اتخاذ قرار مواجهة هذه المعمودية من جديد كي لا تصاب بالانتكاسة التي حلّت بها في الانتخابات الأخيرة التي جرت في 27 حزيران الماضي، وتخشى أن تكرس هزيمتها في نقابة المهندسين، كمقدمة لسلسة خسائر قد تصاب بها، سواء على مستوى النقابات، أو على مستوى الرأي العام.

 

لا يجوز بطبيعة الحال، تعميم نتائج نقابة مهندسي بيروت على بقية النقابات أو الاستحقاقات المنتظرة، وأهمها الانتخابات النيابية، ولكن لا يجوز أيضاً التعاطي مع هذه الصورة “الانقلابية” المستجدة وكأنها عابرة، أو غير مؤثرة، لا بل هي بمثابة جرس انذار لا يمكن اغفاله أو الاستخفاف بأهميته. ولهذا قرر بعض الأحزاب الانكفاء عن الاستحقاق، أقله بشكل علني، ورسمي، فيما الأكيد أنّ هؤلاء المنكفئين يفضّلون الابتعاد عن “نار” الترشيحات الحزبية التي بيّن مزاج المهندسين، أنها تحرق، فيما ستحاول الأحزاب المنخرطة في المعركة تحشيد مهندسيها لرفع نسبة المشاركة يوم الاحد علّها تتمكّن من تعويض التراجع الذي عانت منه في المرحلة الاولى خصوصاً أنّ النتائج بيّنت أن نسبة المشاركة التي شهدتها الجولة الأولى كانت لمصلحة “المعارضات” التي نجحت في تكوين موجة مؤيدة لها في النقابة تجلّت في انحسار التشطيب داخل اللائحة الواحدة كون التصويت كان لعنوان المعركة لا لأسمائها وهذا ما تأمل مجموعات “النقابة تنتفض” تكرار مشهده.

 

إلى الآن، تبدو المعركة محرجة بالنسبة للكثير من الأحزاب، التي تشتّتت صفوفها وهي التي اعتادت خوض الاستحقاقات النقابية متحالفة، بعدما حددت مجموعات “النقابة تنتفض” التي فازت في الجولة الأولى من الاستحقاق بمعظم المقاعد، خيارها من خلال تبني ترشيح المهندس عارف ياسين، فيما الأنظار تتجه إلى “تيار المستقبل” الذي عادة ما كان يقود معركة النقيب حين تكون المداورة من حصّة الطوائف المسلمة، فيصار إلى انتخاب نقيب أقرب إلى هذا الفريق الذي يملك كتلة وازنة بين المهندسين. هذه المرة يميل “التيار الأزرق” إلى تبني ترشيح باسم العويني بعدما كانت الخيارات أمامه متنوعة بين أكثر من اسم، بانتظار أن تحسم بقية القوى النقابية خيارها من سلّة الترشيحات الموضوعة على الطاولة.

 

بالتوازي، يصرّ الحزب التقدمي الاشتراكي على عدم المشاركة في الاستحقاق، ولو أنّ بعض المهندسين من الخصوم يعتبرون أنّ الترجمة العملانية لهذا الخيار، لا تزال ضبابية، وقد تتغير بين ليلة وضحاها، وقد تصبح مشاركة غير رسمية أو غير علنية. يعتقد هؤلاء أنّ الحزب التقدمي قد يترك الحرية لمهندسيه في اختيار من يعتقدون أنّه أقرب إلى أفكارهم وتطلعاتهم، وبذلك فإنّ انكفاءه هو بمثابة اختبار لميول محازبيه من المهندسين والمناخ المحيط بهم، أو أشبه ببالون اختبار لمعرفة حقيقة مزاج جمهوره.

 

كذلك لا تزال “القوات اللبنانية” في موقع الانتظار، إلا أنّها تنطلق في قرارها المرتقب من رفضيْن: الأول رفض الالتحاق بمركب اللائحة الحزبية والتي يفترض أن يشكلها مرشح” تيار المستقبل” انفاذاً لقرارها بعدم التحالف مع أحزاب السلطة وليس من باب عرقلة معركة “المستقبل”. والثاني هو رفض التحالف مع مجموعات “النقابة تنتفض” نظراً لغياب المشروع النقابي الواضح عند هذا الفريق الذي اكتفى وفق مصادر قواتية بتقديم أفكار عامة مطروحة منذ سنوات، فضلاً عن أن كل المهندسين القدامى يعرفون جيداً أنّ مرشح “النقابة تنتفض” لمنصب النقيب، عارف ياسين، هو شيوعي ولطالما ترشّح عن الحزب الشيوعي، من دون أن يعني ذلك أنّ القوات تتخذ موقفاً سلبياً من الحزب الشيوعي ولكنها كانت تفضّل أن يتم تقديمه على هذا الأساس لا تحت ستار “مجموعات مستقلة” تعمل على “شيطنة” بقية الأحزاب. ولذا لا تزال القوات تدقق في بقية الترشيحات المستقلة قبل اتخاذ القرار النهائي.

 

كذلك الأمر بالنسبة لـ”التيار الوطني الحر” الذي يبدو مربكاً بين اللحاق بمركب “المجموعات المستقلة” التي “ترجُمُه” كما ترجم بقية الأحزاب، وبين تأييد مرشح “المستقبل” وهو قرار غير منسجم مع خياراته السياسية.