IMLebanon

عن زيارة بارولين والاستقصاء عن الرئاسة والمودعين.. وأشياء أخرى!؟

 

 

‏يتساءل اللبنانيون عن الهدف الحقيقي لمجيء الزائر الرسولي الكاردينال بيترو بارولين إلى لبنان، في وقت ولّدت زياراته للمسؤولين الرئيسيين في البلاد واللقاءات التي عقدها سراً وعلناً مع بعض المرشحين لرئاسة الجمهورية، انطباعاً بأنّه جاء لهدف حضّ المسؤولين على انتخاب رئيس الجمهورية المسيحي للبنان. ولكن هل كانت لزيارته أهداف أخرى؟

في السياق، كشف أحد الوزراء البارزين الذين التقاهم بارولين، انّه تعّمد الاستطلاع اكثر من نقل الرسائل، وبدا انّ هدفه هو استجماع المعلومات عن الوضع الراهن وعن أوضاع المرشحين لرئاسة الجمهورية فرداً فرداً، فيما استوضح بارولين محدثه الوزير، العوائق الفعلية التي تمنع انتخاب فلان اوعلان..! اسماً اسماً، وتوقف عند اسم معين من بين الأسماء، سائلاً الوزير عن سبب عدم اتفاق المسيحيين عليه!

‏في المقابل، كشف بارولين للوزير نفسه، أنّ دولة الفاتيكان سيكون لها تحرّك في اتجاه انتخاب رئيس جمهورية، بعد أن يرفع التقرير الذي أعدّه إلى الدوائر المعنية في الفاتيكان، وهي مصرّة وليست مهتمة وحسب، على انتخاب رئيس الجمهورية اللبنانية الذي هو الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق الاوسط، وفي أقرب وقت، ولاستعادة التوازن الطائفي والدستوري في لبنان. كذلك استفسر بارولين عن الدور الذي لعبته فرنسا في هذا الإطار، مذكّراً بأنّه لطالما كان لفرنسا تأثير كبير على المرجعيات المسيحية الفاعلة فضلاً عن تأثيرها في الأوضاع الداخلية اللبنانية!

 

إلّا أنّ الوزير نفسه أكّد لبارولين في المقابل، أنّ فرنسا لن تصل الى اي نتيجة مهما كانت مؤثرة في غياب الإرادة السياسية، مسيحية كانت أم إسلامية، لإنجاز الاستحقاق الرئاسي.

 

بدوره، كشف بارولين للوزير عن مضمون لقاءاته مع الشخصيات السياسية المسيحية الفاعلة، مؤكّداً انّه لم يستنتج من تلك اللقاءات أنّ هذه الشخصيات هي وحدها المعطّلة للانتخابات الرئاسية. بدوره الوزير ذكّر بارولين في أنّ لبنان بلد ديموقراطي ولم يحصل مرّة أن أجمع الأفرقاء المسيحيون كافة على رئيس مسيحي واحد، وكذلك الأمر بالنسبة إلى المسلمين، فلم يحصل أن أجمعت الطائفتان السنّية والشيعية على رئيس حكومة معين أو على رئيس مجلس نواب معين..

 

وعلى هذا الأساس لطالما تغنّى الغرب بميزة لبنان البلد العربي الديموقراطي المتميز عن سائر البلدان العربية بحكم فرادة التعددية فيه ودستوره والديموقراطية التي تتجلّى في نصوصه القانونية ودستوره.

 

المودعون المسيحيون!؟

 

‏في سياق آخر، راجت معلومات تتحدث عن نية الفاتيكان تعويض المودعين المسيحيين، ولا سيما متوسطي الحال، وذلك بهدف إبقاء هؤلاء في لبنان الحاضن الأول للمسيحيين في الشرق وللحدّ من هجرتهم، وذلك من خلال مشروع يبدأ بجمع «الداتا» الخاصة بهؤلاء في مختلف المصارف اللبنانية…

 

وفي المعلومات، أنّ هذه المهمّة، أي تجميع «الداتا» تشرف عليها «جمعية فرسان مالطا» لتسليمها لاحقاً الى الدوائر الرسمية في الفاتيكان، في وقت تشير إحصاءات أجراها مركز أبحاث معلوماتية خاص بالمؤسسات الروحية المسيحية، أنّ 30% من عدد المودعين في لبنان هم من الطائفة المسيحية يتوزعون بين الطبقة المتوسطة والعادية، فيما نسبة الـ70% المتبقية موزعة بين المودعين المغتربين الذين يحملون الجنسيتين اللبنانية والأجنبية، وبين المودعين الأجانب، اي الذين ينتمون إلى بلدان أجنبية مختلفة.

 

لا ننفي ولا نؤكّد!

 

وتساءلت ‏أوساط معنية عمّا إذا كان الزائر الرسولي تطرّق إلى الملف المالي للمودعين المسيحيين خلال محادثاته او ما إذا كان قاربه بنحو أو آخر خصوصاً أنّ العالم يدرك أن ليس هناك اليوم من راعٍ فعلي لمسيحيي لبنان أسوة بالطائفتين السنّية والشيعية، فالأولى تدعمها المملكة العربية السعودية على كل الأصعدة، والثانية تدعمها إيران… في وقت تنحصر الرعاية الخارجية لمسيحيي لبنان بتكثيف الصلوات في الفاتيكان وبالمساعدات التي تتلقّاها بعض العائلات والمؤسسات المسيحية والإرساليات الكاثوليكية من بعض الجمعيات الفرنكوفونية والجمعيات الخاصة ومن مشاريع الـusaid الأميركية التي تموّل مشاريع إنمائية في البلدات والبلديات في المناطق المسيحية والإسلامية على حدّ سواء…

 

وبذلك لا يمكن التحدث او تحديد راعٍ سياسي معنوي ومادي للمسيحيين في لبنان أسوة ببقية الطوائف غير الفاتيكان. ولذلك تلفت تلك الأوساط الى أنّ التفويض بتعويض المودعين المسيحيين في لبنان قد لا يكون واجباً على الفاتيكان، إنما من المهمّ أن يكون البحث فيه اولوية لديها أو البحث عن طريقة إيجاد الحلول لهذا الملف، او البحث عن الجهات اللازمة لتعويض المودعين المسيحيين في لبنان، خصوصاً متوسطي الحال، إذا كان الفاتيكان مهتماً فعلاً ببقائهم في أرضهم.

 

‏من جهتها، نفت اوساط السفارة البابوية لـ «الجمهورية» علمها بنية الفاتيكان تعويض المودعين المسيحيين. وقالت عن اهداف زيارة بارولين أنّها لا يمكنها أن تؤكّد أو تنفي أي برامج او أهداف تتعلق بملفات الزائر الرسولي، لكنها تكتفي بتأكيد مضمون التصريحات والبيانات المباشرة والعلنية التي صدرت فقط عنه وعبر الوسائل الإعلامية مباشرة.

 

بدورها، نفت أوساط روحية رفيعة علمها بنية الفاتيكان تعويض المودعين المسيحيين في لبنان، كاشفةً في المقابل لـ»الجمهورية» عن فقدان المؤسسات والإرساليات المسيحية كثيراً من أموالها في المصارف اللبنانية وهي مبالغ طائلة. في المقابل، أكّدت تلك الاوساط أنّ المسؤولية الأولى في تعويض جميع اللبنانيين ولا المسيحيين فقط، تقع على الدولة اللبنانية التي استدانت تلك الأموال من المصارف، ولذلك عليها وحدها إعادتها، وهذه ليست مسؤولية الفاتيكان.