Site icon IMLebanon

صدمة الكاردينال

… ويحدثك احد الاساقفة عن «صدمة الكاردينال». قال بأسى «جاء دومينيك مومبرتي الى لبنان، وراح يبحث عن الموارنة على الخريطة. لم يعثر لهم على اثر».

تزداد كلماته، تقاطيعه، تجهماً وهو يضيف «جلّ ما يخشاه البطريرك ماربشارة بطرس الراعي اذا كان البطريرك الياس الحويك الاب التاريخي لولادة دولة لبنان الكبير، ان يكون هو الاب الروحي لوفاة دولة لبنان الكبير».

لم يرَ الاسقف الفيلم المصري «ليلة القبض على فاطمة»، سمع بالعنوان. يعتبر ان اتفاق الطائف كان بمثابة» ليلة القبض على الموارنة». كان ثمة ملك ماروني على لبنان، وبصلاحيات لويس الرابع عشر. الآن بالكاد يمتلك صاحب الفخامة صلاحيات الملكة اليزابت..

لا يعترض على الذي حدث «لبنان دولة مركبة ، ولا بد للصيغة ان تتعرض، موسميا، لعمليات جراحية. مشكلة الطائف انه عطّل الخيال السياسي في لبنان الذي بنخبويته في المنطقة، كان يفترض ان ينتقل من دولة الطوائف الى دولة المواطنة. الذي حدث اننا مضينا الى الوراء، اي باتجاه دولة المذاهب بعدما شاخت دول، وانظمة، المنطقة. لم يكن هناك من مجال للنأي بالنفس لان كل الشرق الاوسط موجود في لبنان ولان كل لبنان موجود في الشرق الاوسط».

الاسقف يرثي لحال البطريرك «لا بد ان غبطته ينظر في المرآة وهو يحمل الصولجان الذي لا يحمله سوى الملوك او الاباطرة، ليكتشف انه الاضعف بين البطاركة الآخرين للطائفة». يسأل ما اذا كان «سيدنا» سيتوجه، على خطى القديس مارون، الى الصومعة…

ماذا يستطيع رئيس الكنيسة المارونية ان يفعل للمورانة؟ حين كان مطرانا على جبيل قال ان الصراع بين السنّة والشيعة هو حول من يرث الموارنة. الآن، الصراع اجتاز كل الحدود بل حطم كل الحدود. من يرث الآخر، السنّة ام الشيعة؟

نستعيد امام الاسقف تفاصيل الاسطورة التركية التي تتحدث عن ذئبين كل واحد منهما راح يأكل الآخر الى ان زالا معاً من الوجود. لا يستبعد ذلك «مادمنا في مملكة الغرائز». يستدرك «لن تكون مهمة المسيحيين في هذه الحال، او اي اقلية اخرى، ترتيب الجثث او توضيبها او دفنها لان الاعصار إما سينقلنا الى البواخر او الى المدافن».

يقول «انظروا الى وليد جنبلاط الآن اذا كنتم تريدون ان تعرفوا الى اين انتهى السياق التراجيدي للاقليات. الرجل يحني رأسه في كل الاتجاهات لكي يحمي طائفته، وهو يرفع الصوت في وجه النظام ويدعو بني قومه للقتال ضده علّ ذلك يحمل اولئك البرابرة على الرأفة بهم. ولكن هل هؤلاء الذين يقتلون حتى المعوقين والاطفال يحملون حقا المواصفات البشرية؟».

في رأيه ألا مجال لكي يتفاهم السنّة والشيعة في لبنان، حتى على رئاسة الجمهورية المارونية، الا اذا تفاهم السنّة والشيعة في المنطقة. لا بد من الانتظار على كومة الحطب. لماذا، اذا، ذاك الاقتتال، وذاك التراشق، وذلك الصراع اللاهث بين النجوم الموارنة؟.

الموفد البابوي لم يعثر على الموارنة. بعضهم تحت المعطف السنّي، بعضهم الآخر تحت المعطف الشيعي. يا جماعة، من تحت عباءة مار مارون؟ الكاردينال عاد حزينا الى الفاتيكان. لا مشكلة عند جان – فرنسوا جيرو الذي سيعاود جولته بعد الاتفاق النووي. لا بد انه قرأ وصف الملك لويس التاسع (القديس) للموارنة بأنهم فرنسيو الشرق. اذاً، اهلا بكم على الارض الفرنسية. على الاقل يغدو بالامكان اقامة توازن جزئي مع الجاليات الاسلامية…

التوازن يصبح اكثر واقعية اذا ما استضافت فرنسا مسيحيي العراق وسوريا بعدما كان ارييل شارون، وبعده بنيامين نتنياهو، قد دعيا اليهود الفرنسيين للعودة الى ارض الميعاد.

لتكن فرنسا، وهي الابنة الكبرى للكنيسة، ارض الميعاد لمسيحيي الشرق. يقول لنا الاسقف «ولكن لن يلحق بهم السيد المسيح. سيبقى هنا لان الكنيسة في الغرب الى غروب». ذات يوم قال المستشرق جاك بيرك «حين كنت ترى الله في الشرق بالعين المجردة».

الآن، يا صديقنا بيرك الذي تعرفه جامعة القديس يوسف جيداً (قال لنا انه درّس فيها)، اننا نرى الشيطان في الشرق بالعين المجردة..

الاسقف ينهي كلامه بالسؤال: اين الانجيل في صدور القادة الموارنة؟ الحرائق لن تدع دولة على حالها، مجتمعا على حاله. القادة يتصارعون على كرسي بثلاثة ارجل.ربما برجل واحدة.