أظهرت الأجواء السياسية ربطاً بكلّ ما واكب التكليف إلى استشارات التأليف، بأنه من الصعوبة بمكان، لا بل ثمة استحالة بأن تشكّل حكومة في وقت قريب، لأن الإتجاه هو بتعويم الحكومة الحالية مع بعض التعديلات، وبالتالي قد يُصار إلى عدم التعديل، أي بقاء الحكومة الحالية كما هي، باعتبار أن ثمة معلومات أن بعض الأطراف السياسية والحزبية تحضّر أسماءً للتوزير في الحقائب التي قد يطالها التغيير، وهو ما لن يقبل به رئيس حكومة تصريف الأعمال الرئيس نجيب ميقاتي، الذي يؤكد بأنه لن يخضع لأي ابتزاز ومن قبل أي طرف كان، بل سيعدّ تشكيلةً وزارية ويرفعها لرئيس الجمهورية ميشال عون، وفي حال رفضها، سيرفع له أسماء الوزراء الذين سيصار إلى إخراجهم من الحكومة الحالية، والأسماء التي ستدخل مكانهم، وحيث التعديل سيطال 3 حقائب لا أكثر.
وأضافت المعلومات، أنه وفي حال رفض الرئيس عون أيضاً ذلك، لن يعاود ميقاتي رفع أي تشكيلة أخرى، بل سيمارس دوره كرئيس حكومة تصريف أعمال، وفق ما نصّ عليه الدستور، إلى حين انتهاء ولاية رئيس، حيث تعتبر أكثر من جهة سياسية متابعة، بأن الأرجحية هي لتعويم حكومة تصريف الأعمال، لا سيّما وأنها لم تلقَ معارضةً في الداخل والخارج، خصوصا الموقف الفرنسي الغير الممانع لاستمرار حكومة ميقاتي الحالية التي تبقى أفضل من الفراغ، وهذا الموقف يدركه أكثر من مسؤول سياسي كبير لديه علاقات وتواصل مع باريس.
لذا، فإن الأيام القليلة المقبلة، ستبلور الصورة بشكل حاسم ودون إبطاء، على اعتبار أنه ليس هناك من وقت للمناورة، مع اقتراب انتهاء ولاية رئيس الجمهورية، ومن ثم عدم قدرة البعض على رفع سقف شروطهم، أو أن هذه الكتلة أو تلك سيكون لها حصص وازنة في الحكومة، بمعنى أن الجميع مقتنع بأن الأمور ذاهبة إلى تعويم الحكومة، ولن يكون هناك من مفاجآت كإعلان حكومة جديدة، نظراً لغياب الحماس وضيق هامش المناورات السياسية والوقت المتبقّي لانتهاء ولاية الرئيس عون، لأن أي تشكيلة حكومية ستسلك مسارها الدستوري التقليدي بين البيان الوزاري وجلسات الثقة والتسلّم والتسليم، وذلك يحتاج إلى وقت طويل، بينما حكومة تصريف الأعمال، وخلال جلسة واحدة يعاد تجديد انتخابها من دون أي بيان وزاري وسوى ذلك من الإجراءات والخطوات الدستورية.
من هنا، تشير المعلومات، إلى أن الإتصالات الفرنسية التي جرت في الساعات الماضية مع بعض الأطراف اللبنانية المعنية، تمً فيها الإتفاق على عدم عرقلة دور وعمل ميقاتي ومساعدته في أي خيار قد يقدم عليه، لأن الدخول في خلافات وكما كان يحصل سابقاً لدى تشكيل الحكومات، ستكون له ارتدادات سلبية إضافية على مسار الوضع الإقتصادي والإجتماعي، حيث أن باريس قامت، ومن منطلق تمرير حكومة ميقاتي الحالية مع تعديل أو بدونه، لأنها تدرك بأن المجتمع الدولي، لا سيّما الخليج والولايات المتحدة الأميركية والإتحاد الأوروبي، لن يساعدوا لبنان في ما تبقّى من هذا العهد، ويترقّبون انتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل الحكومة الجديدة التي ستقوم بإصلاحات بنيوية في إدارات الدولة، وبعدها يأتي مؤتمر الدول المانحة، وعليه تكون قد اتضحت معالم الصورة في المنطقة، مما يعني أنه لا يمكن للبنان أن يغرق في متاهات التأليف والتعديل وسوى ذلك، أي ان الحكومة الحالية تبقى أفضل من الفراغ.