IMLebanon

كاريكاتور

هل حقاً أن المعضلة اللبنانية المتفاقمة اليوم تتمحور على عدم انتخاب رئيس للجمهورية؟ وهل وجود رئيس يقدم أو يؤخّر في حل مشكلات تراكمت فوق رؤوسنا، ولن أعددها باستثناء إشارة الى موقف وزير البيئة من برغش المزابل الذي كاد يحجب السماء، فطلب من اللبنانيين إقفال أفواههم كي لا يبتلعوه؟

ثم هل يقدّم أو يؤخّر وجود رئيس للوزراء ووزراء عاطلين عن الإنجاز، ما استطاعوا حل مشكلة واحدة من مشاكلنا الكثيرة؟ وهل ضروري وجود رئيس لمجلس نواب ممدّدين إقامتهم مرتين في ربوع سلطة تشريعية لا تشرّع؟، بل تشرّع أبوابها لنواب يقبضون معاشاتهم مع زيادة غلاء معيشة يضيفونها الى خزناتهم ساعة يشاؤون، ولا يبالون بمطالب الأساتذة والموظفين والعمال، مطالب مستمرة لسنوات تظاهر واحتجاج ظلّت بلا إجابة، فموضة الصمت المطبق الوقح أمام صوت الشعب لا تتغيّر، ويتغيّر محيط أجساد النواب بوجوههم المنفوضة من شدة تكديسهم للثروات غير الشرعية؟

والشعب موجود فقط ليملأ الفراغ الدستوري من وقت الى آخر وبحسب دورة الفصول في زمن الانفصام اليوم، آن وقت انتخابات بلدية لا تؤثر بدورها في مصير شعب تفكك الى طوائف ومذاهب متناحرة في شرق حرقته شمس الجهل والتخلّف، فأهله لا ينتمون الى عصر تطوّر، بل الى عصر بدائي، وثني، متحجر، طافت ثروات النفط على وجهه فحرقته وقضت على كل أمل له في بلوغ فجر جديد.

لمّا هبط لبنان، وطن النجوم، من السماء الى أرض الواقع، ظهر أنه وكر لصوص ومزبلة شاسعة مقرفة، تنتج حشرات وزواحف وبرغشاً يحجب وجه الشمس، على رغم جامعاته الخمسين ومعاهده الكثيرة، وفنادقه التي تستقبل وتودّع ضيوفاً ما عادوا يأتون بعدما أقفلت في لبنان أبواب الأمان بفعل إرهاب دولة إسلامية تسللت مراراً ثم صدّتها مقاومة من غير لونها جذب إليها اتهاماً عربياً غربياً بالإرهاب. وهناك من وقف عند حقيقة انقسام عربي جوهري داخل تنافس على سلطة دينية ما أدت يوماً الى تطور وعي مصيري عربي. وجذور هذا الارهاب الذي دمّر العراق وسوريا وفلسطين وسرق لون الحياة من لبنان تتغذى من الصهيونية اليهودية المدمرة في فلسطين.

وعصور الانحطاط تنتهي دائماً بدمار الأماكن المريضة بمن عليها، تاركة المساحات فارغة بانتظار عصر مضيء… وما يجري اليوم في بلاد الشام فصل من فصول نهايات هذا العصر الذي يشمل أيضاً كل البلاد العربية، ولا يهمّ حقاً لو للبنان رئيس لأن لا قيامة بعد للعرب من نهاية تبدو واضحة، ولن تنقذ المرتكبين كل ثروات الأرض.