هل يمكن أن تتوصّل فرنسا وإيران الى نتيجة في مجال سدّ الفراغ الرئاسي عندنا؟ وهل يُعطى هذان البلدان أن يحققا ما عجز عنه الكثير من الدول؟
السؤال يطرح ذاته منذ أن أجّل الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند زيارته الى لبنان الى «وقت لاحق» ربّـما يكون في النصف الثاني من شهر تشرين الثاني المقبل، أو النصف الأوّل من شهر كانون الأول.
واضح ان هولاند لا يريد أن يحلّ «ضيفاً بروتوكولياً» وحسب عندنا. فهو يطمح الى أن يأتي بمبادرة «قابلة للتنفيذ» يبدو أن الوسطاء بين باريس وطهران لم يتوصلوا اليها حتى الآن.
صحيح إن جيرار لارشيه رئيس الجمعية الوطنية الفرنسية (مجلس النواب) سيأتي الى بيروت يوم الجمعة المقبل. وهو سيعقد لقاءات عدة طبعاً مع الرئيس نبيه بري ثم مع الرئيس تمام سلام ومسؤولين آخرين، وكذلك مع غبطة البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي إذا كان قد أنهى زيارته الى الڤاتيكان قبل يوم الجمعة، ولكن رئيس الجمعية الوطنية ليس في الموقع الذي يخوّله أن يتجاوز حسن النيات.
لذلك فإنّ التعويل على زيارة هولاند مردّه الى أن قصر الإليزيه سيستقبل في السادس عشر من الشهر المقبل الرئيس الإيراني الذي سيزور باريس، والزيارة لها معان وأبعاد كثيرة ستطرح فيها سلة قضايا مهمة جداً معظمها على صلة بمنطقة الشرق الأوسط ومنها لبنان بالتأكيد.
أبرز تلك القضايا وفي طليعتها، من دون شك «التسوية» المؤملة في سوريا إنطلاقاً من مصير الرئيس السوري بشار الأسد: 1- ما هو دوره في التسوية؟ هل يبقى مع الحكومة الإنتقالية التي ستكون ذات صلاحية كبيرة؟ هل يكمل ولايته من دون صلاحيات أو بصلاحيات جزئية أو بصلاحيات كاملة؟… 2 – قضية الحرب على الدولة الإسلامية (داعش) والى أي مدى يمكن لهذه الحرب أن تبلغ مداها؟ وما هي النتائج الفعلية (لا الخطابية) المؤملة منها؟ 3 – الإنخراط الروسي في الحرب السورية: هل هو مرتبط بمدة زمنية أو بهدف محدّد «مهما طال الزمن» على تحقيقه؟ ماذا يعني «التنسيق» الروسي – الإسرائيلي و«التنسيق» الروسي- الأميركي إنطلاقاً من هذا الإنخراط؟.. 4 – الإستحقاق الرئاسي في لبنان.
والنقطة الأخيرة هي بيت القصيد لبنانياً. معروف أن الجانب الإيراني عقد محادثات عديدة مع الجانب الفرنسي عبر المبعوثين الفرنسيين الذين زاروا طهران والإيرانيين الذي زاروا باريس. وكان الموقف الإيراني متشدداً: اذهبوا وابحثوا الأمر مع أمين عام حزب اللّه السيد حسن نصر اللّه. وفي التصريحات العلنية يقول الإيرانيون: المسألة لبنانية، ونحن لا نتدخل فيها…
فهل يمكن أن يتوصل البحث بين الجانبين (وقد ارتقى الى الصف الأول على المستوى الرئاسي هولاند وروحاني) الى أن يبت هذا الموضوع الخطير؟!. وإذا توصلا الى نتيجة هل يضمنان موافقة واشنطن والرياض وموسكو (الوافدة حديثاً الى هذه «المهمة») وكذلك الأطراف الداخلية المعنية في طرفي الصراع؟!. هذا هو السؤال، وتلك هي المسألة.
البعض يقول إنّ الأزمة اللبنانية بلغت حداً يتعذّر معه أي حل ترضى عنه تلك «الأقوام» كلها، وبات يشكل خطراً يتعذّر تقدير أبعاده وتداعياته! والبعض الآخر يقول: لأنه كذلك صار الحل ممكناً على قاعدة «اشتدي أزمة تنفرجي».
والصبر مفتاح الفرج… هكذا قيل قديماً. ولكن يد اللبنانيين في النار. والانتظار الطويل أضحى قاتلاً وزمن الأعاجيب بات من الماضي. و«صار بدّها مار شربل يشدّ همتو» كما قال لنا سفير غير مسيحي.
… ولكن اللقاء كبير الأهمية الذي تعلق عليه المنطقة الأهمية القصوى هو بين ملك السعودية سلمان بن عبد العزيز و«القيصر» الروسي فلاديمير بوتين، أواخر هذا الشهر، الذي لن تقتصر وقائعه على الملف السوري… فللرئاسة اللبنانية مجال غير قصير من جدول أعماله أو هذا ما يأمله اللبنانيون.