بعد الغذاء والدواء، باتت السيارة أكثر ما يشغل بال اللبنانيين. بعدما كانوا يتسابقون لشرائها ولو بقروض تستنزف ميزانياتهم، أصبحوا اليوم منشغلين بتأمين المحروقات لها، وتوفير كلفة صيانتها، والأهم الحفاظ عليها من السرقات التي نشطت أخيراً، خصوصاً أن سعر سيارة صغيرة وفق «الدولار الأسود» يفوق سعر شقة وفق سعر «الدولار الرسمي»
وفّر جورج لسيارته الـ«مرسيدس» كل أدوات الحماية الممكنة، لكن ذلك لم يجنبه سرقة «شعار المرسيدس المصنوع من الكروم». وبحسب مصادر أمنية، ما من سيارة في مأمن من السرقة. كل السيارات في كل المناطق باتت طرائد لعصابات تتربّص بها. ومن «يزمط» من سرقة سيارته، لا بد أن يسجل اللصوص مرورهم عليها وانتزاع «ذكرى» ما منها: مسّاحات أو مرايا أو حتى شعار العلامة التجارية. فكل شيء له ثمنه بعدما ارتفعت أسعار القطع بشكل جنوني.
إحصاءات قوى الأمن الداخلي تظهر «قفزة هائلة» في سرقات السيارات التي تضاعف عددها بعد 17 تشرين الأول 2019. فمن 1132 حادثة سرقة سيارة بين كانون الثاني 2018 وبداية تشرين الأوّل 2019، ارتفع العدد إلى 2257 سيارة بين تشرين الأوّل 2019 و31 أيّار 2021، بزيادة نسبتها 99% (الأخبار).
دفع ذلك إلى إقبال كبير على شراء أدوات حماية السيارات من السرقة. كمال داغر، صاحب مؤسسة Dagher Car Accessories، يلفت إلى «هجمة على أجهزة حماية السيارات لم أشهد مثلها سابقاً». والطلب «يتركّز على أجهزة الإنذار وأنظمة التتبع ونظام قطع دوران السيارة». إلا أن الإقبال الأكبر هو على «قفل الديركسيون»، كونه «الأكثر فعالية نسبياً. فعامل الوقت مهم بالنسبة إلى السارق، والقفل هو الأقدر على تأخيره لأن قطعه يتطلب بين نصف ساعة إلى ثلاثة أرباع الساعة. أما أجهزة الإنذار وأنظمة التتبع وغيرها فيمكن تعطيلها بسهولة».
سعر القفل زاد ثلاثة أضعاف لندرته في السوق بعد تراجع الاستيراد
وأقفال «الديركسيون»، بحسب داغر، «متنوّعة. منها ما يأتي بقفل واحد، أو بقفلين، وبعضها مزوّد بأرقام مثل الخزنات. ومتوسط أسعارها يُراوح بين 25 دولاراً و 50 دولاراً». علماً أن هذه الأسعار زادت ثلاثة أضعاف لندرتها في السوق بسبب تراجع الاستيراد وارتفاع كلفة الشحن. أما «جهاز الإنذار الجيد فيكلف مع تركيبه حوالى 50 دولاراً، وسعر نظام قطع دوران السيارة يصل إلى 25 دولاراً».
«كنت أبيع نحو ثلاثة أقفال سنوياً. اليوم أبيع عشرات منها شهرياً وتأتيني طلبيات من كل المناطق»، يقول سامر الداعوق، صاحب مؤسسة Sam Accessories. أما الطلب على أجهزة الإنذار «فتراجع بشكل كبير. أبيع جهازَي إنذار في الشهر. الناس يخافون من قدرة السارقين على تعطيلها»، لافتاً إلى أن أبرز من يطلب أجهزة وأدوات الحماية هم «أصحاب السيارات الصغيرة في الإجمال وتحديداً سيارات كيا وهيونداي»، إضافة إلى «طلب كبير على أقفلة الديركسيون من أصحاب الموتسيكلات».
معطيات تؤكدها إحصاءات قوى الأمن الداخلي التي تبين ارتفاعاً جنونياً في سرقات السيارات من نوع «كيا» و«هيونداي». إذ زادت عمليات سرقة سيارات «كيا بيكانتو» بنسبة 1433%، وسيارات «كيا سيراتو» بنسبة 818%، وسيارات «هيونداي تاكسون» بنسبة 427%، وسيارات «كيا ريو» بنسبة 262% (بين كانون الثاني 2018 – بداية تشرين الأوّل 2019 وتشرين الأوّل 2019 – 31 أيّار 2021). كما سجّلت سرقات الدراجات النارية أرقاماً مهولة، فقفزت من 32 سرقة إلى 518 حادثة بزيادة قدرها 1520%.