Site icon IMLebanon

شركات السيارات تتورّط في مخزون لا تستطيع تصريفه

 

مشهد مبيع قطاع السيارات الجديدة، لا يزال هو هو منذ اندلاع الأزمة المالية في لبنان، تراجعات مستمرة في المبيع أكان للسيارات الجديدة أو المستعملة منها.

 

فمستوردو السيارات المستعملة صرّحوا في أكثر من مناسبة أن مبيعاتهم «ضحلة» للعام الجاري ونسبة التراجعات بلغت 90 و 95% منذ بدء الأزمة، والمعنيون بالسيارات الجديدة أعلنوا أن مبيعاتهم تراجعت بنسبة 80% بعد بدء الأزمة.

 

أسباب التراجع

 

وأسباب تلك التراجعات لم تعد بالأمر المستجد أو غير المعلوم، كما أوضح رئيس نقابة مستوردي السيارات المستعملة ايلي قزّي لـ»نداء الوطن»، وهي عدّة:

 

– ارتفاع رسم الاستهلاك والذي ساهم بزيادة سعر السيارة بين 50 و 60 مرة وعدم وجود إمكانية لتعديله بسبب فراغ سدّة رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلس النواب. وهذا الارتفاع في الرسم جاء نتيجة زيادة الدولار الجمركي من 1500 ليرة في فترة ما قبل الأزمة الى 85200 ليرة وهو سعر منصة «صيرفة».

 

– تدنّي رواتب القطاع العام الى 70 و 150 دولاراً وبالتالي عدم القدرة على شراء سيارات.

 

– وقف خدمة القروض لا سيما قروض السيارات من قبل المصارف بعد بدء الأزمة المالية في البلاد في العام 2019.

 

وبذلك يكون سوق مبيع السيارات المستعملة كما يقول المستوردون وأصحاب المعارض بعد بدء الأزمة في العام 2019 توقّف نهائياً، وانسحب ذلك على بداية العام 2020 حيث انخفضت المبيعات في تلك السنة بنسبة 90%، قبل أن تتحسّن في العام 2021 بعيد الحديث عن زيادة ستطرأ على الرسوم. ومع رفع الدعم عن أسعار المحروقات في آب وتحليق سعر صفيحة البنزين عالياً بلغت نسبة تراجع المبيع 60% بسبب الإقبال على شراء السيارات «الوفّيرة». وبالنسبة الى الكميات المستوردة فهي ارتفعت قبل زيادة سعر الدولار الجمركي وفق دولار جمركي بسعر 1500 ليرة و 8000 ليرة و15 ألف ليرة في ما بعد، محقّقين بذلك أرباحاً عند المبيع الذي عاد وسجّل تراجعات بسبب استمرار التدهور الإقتصادي والمالي وعدم الشروع في القوانين الإصلاحية.

 

قطاع نحو الإفلاس؟

 

وفي ظلّ عدم إيجاد حلّ لمسألة رسم الإستهلاك يعتبر قزّي أن «قطاع السيارات المستعملة متجه الى الإفلاس، بسبب قلّة البيع، حتى أن هناك سيارات في المرفأ لا نستطيع إخراجها و»الوضع الى الوراء»، والحلّ الوحيد هو تعديل رسم الإستهلاك وإعادة انتخاب رئيس للجمهورية وانتظام عمل الدولة». واصفاً الوضع في لبنان بـ»الميؤوس منه».

 

وضع «تعبان»

 

ووضع قطاع السيارات الجديدة يبدو أكثر صعوبة في المبيعات، الأمر الذي صرّح عنه مستشار جمعية مستوردي السيارات الجديدة في لبنان سليم سعد لـ»نداء الوطن»، اذ قال إن «سوق السيارات الجديدة في لبنان سجّل تراجعاً بنسبة 80% مقارنة مع العامين 2018 و 2017. وتمّ تسجيل نحو6500 سيارة جديدة في العام 2022 مقابل تسجيل 37 ألف سيارة مستعملة العام الماضي على غرار العام 2018. وبذلك يصف سعد قطاع مبيع السيارات الجديدة بالـ»تعبان» والسيّئ.

 

أسعار السيارات الجديدة

 

وبالنسبة الى أسعار السيارات الجديدة، قال إن «سعرها لا يزال نفسه ولكن ما تغيّر هو كلفة الرسم الجمركي والـTVA، علماً أن تسديدها يكون بالليرة اللبنانية».

 

وفي السياق قال سعد: «عادة ما نستورد بالدولار أو اليورو او الين، ويتم البيع بالدولار الأميركي، وزيادة أسعار السيارات من المصنع قد تبلغ 1 أو 2%، نسبة الى التضخّم الذي يلحق بالبلد المصنّع. وبالنسبة الى الرسم الجمركي، يُسدّد اليوم على اساس سعر الدولار الجمركي والضريبة على القيمة المضافة، فضلاً عن رسم تسجيل بنسبة 5,4% من سعر السيارة على أن يسدّد المبلغ ايضاً بالليرة اللبنانية».

 

وفي تفاصيل الرسوم أعطى مثلاً على ذلك: «يترتب على المشتري لسيارة جديدة بقيمة 10 آلاف دولار على سبيل المثال، تسديد رسم جمركي على أساس سعر صرف دولار بقيمة 85200 ليرة، وضريبة على القيمة المضافة. على أن تحتسب نسبة الرسم الجمركي كما يلي: 20% لأول 13300 دولار واذا تخطت هذا المبلغ تسدّد زيادة عليها فيكون الرسم بنسبة 50%».

 

وبالنسبة الى كيفية تسديد الثمن، فيتمّ نقداً، استناداً الى سعد، «أي من يحوز على ثمن السيارة نقداً يستطيع شراءها ومن ليس لديه كامل المبلغ لا يشتري سيارة، فالوكيل لا يمكنه أن «يقسّط» سعر السيارة بسبب عدم وجود ضمانات وكفالات، ويترتب على وكلاء السيارات تخصيص رأسمال كبير لتأمين خدمة تأمين كفالة ما بعد البيع والضمانة لسنوات».

 

سيارات هجينة وعلى الكهرباء

 

في ظلّ هذا الوضع المزري كما يصفه القيّمون على قطاع مبيع السيارات نظراً الى الرسوم المرتفعة التي تصل الى نسبة 50% من سعرالسيارة، يتمّ اليوم تسليط الضوء على استيراد السيارات الكهربائية والهجينة التي ستكون الأولى معفاة بشكل كامل من الرسوم والثانية معفاة بنسبة 80% من الرسم الجمركي ورسم الإستهلاك الداخلي.

 

فالمادة 55 من مشروع قانون موازنة 2023، عدّلت المادة 95 من قانون موازنة 2022 والمتعلقة بإعفاء السيارات والمركبات والآليات غير الملوّثة للبيئة، الهجينة منها Hybrid plug in, Hybrid والتي تعمل على الكهرباء Full electric، من الرسوم الجمركية.

 

وأصبحت المادة 95 المعدّلة في الموازنة كالتالي:

 

1 – «تعفى جميع السيارات والمركبات والآليات (كالدرجات الكهربائية-e-bicycle وE-scooter الجديدة التي تعمل على الكهرباء full electric التي يتمّ استيرادها خلال خمس سنوات اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون من 100% من الرسم الجمركي ورسم الإستهلاك الداخلي، و 70% من رسم التسجيل ورسوم السير (الميكانيك) لدى التسجيل للمرة الأولى فقط.

 

2- أما السيارات الجديدة الهجينة (hybrid, plug-in hybrid) التي يتمّ استيرادها خلال خمس سنوات اعتباراً من تاريخ نفاذ هذا القانون فتستفيد من إعفاء بنسبة 80% من الرسم الجمركي ورسم الإستهلاك الداخلي، و 70% من رسم التسجيل ورسوم السير (الميكانيك) لدى التسجيل للمرة الأولى فقط».

 

نقاش وشدّ حبال

 

ويشكّل هذا البند كما علمت «نداء الوطن» من مصادر مطّلعة محطّ جدل ونقاش وشدّ حبال في مجلس الوزراء حول ما اذا كان سيتم السماح بإدخال سيارات هجينة وكهربائية مستعملة. فهناك مساعٍ لحذف كلمة «جديدة»، عندها تقتصر عملية استيراد السيارات الكهربائية والهجينة على الجديدة فقط، وبذلك يصبح بإمكان مستوردي السيارات المستعملة بدورهم استيراد الهجينة والكهربائية منها، الأمر الذي لاقى اعتراضاً من وزير البيئة، نظراً الى تداعيات استيراد سيارات هجينة وكهربائية مستعملة الى البلاد.

 

وحول ذلك أوضح أخصائي في مجال السيارات ان السماح للسيارات الكهربائية والهجينة المستعملة بالدخول الى لبنان هو أمر خطير نظراً الى تداعياتها البيئية والصحية المضرّة. وفي تفاصيل تلك المخاطر:

 

1- بطارية السيارة المستعملة المستوردة تفقد 70 أو 80% من طاقتها، لذلك تصدّرها الدول المتطورة الى تلك التي لا تلتزم بالقوانين البيئية السليمة.

 

2 – البطارية المستعملة مكلفة للمستهلك وللاقتصاد لأن إصلاحها مكلف. ما سيرتّب اللجوء الى رمي البطارية غير الصالحة منها في البحر الذي سينتهي به المطاف الى التلوّث بالليتيوم.

 

3 – ومن جهة أخرى يترتب على مشتري السيارة المستعملة الكهربائية أو الهجينة، شراء بطارية أخرى جديدة بعد حين، وبالتالي تكبّد كلفة سعرها المرتفع والتي تصل لغاية 50% من سعر السيارة المستعملة.

 

4 – %95 من المواد المكوّنة للبطارية خطرة للبيئة، وهناك خطر من عدم إعادة تدويرها بسبب غياب البيئة الحاضنة في لبنان لذلك، لأن السوق صغير ولا يستوعب معامل إعادة تدوير بطاريات. في هذا السياق سبق أن تعهد وكلاء السيارات الجديدة، بتدوير البطاريات في لبنان أو شحنها الى الخارج لتدويرها في مصانع تلافياً لتحويل لبنان الى مستنقع لها نظراً للأضرار الناجمة عنها، الخطوة التي لا يمكن الإقبال عليها لأن لا كفالة ولا ضمانة للسيارات المستعملة بعد البيع.

 

ما زاد الطين بلّة… توقّف التسجيل في النافعة

 

 

وما زاد الطين بلّة، توقّف عمل مصلحة تسجيل السيارات في النافعة في 14 تموز المنصرم بعد إعادة سير عملها في نيسان الماضي، ما أدى الى فرملة عمليات بيع السيارات لا سيما الجديدة منها.

 

ويعود سبب دخول مصلحة تسجيل السيارات في «سبات عميق»، الى توقّف عمل شركة Encrypt الملتزمة بتقديم الخدمات المتصلة بالمكننة للمصلحة». وبالتالي توقف البرنامج الإلكتروني الخاص بهيئة إدارة السير وذلك احتجاجاً على عدم تقاضيها متأخّرات بقيمة 59.8 مليون دولار طالبت بتقاضيها بالدولار النقدي.

 

من هنا باتت إدارة هيئة السير في النافعة غير قادرة على الولوج الى «النظام» System وإتمام المعاملات أو الإطلاع على «داتا» المعلومات، فتوقفت عمليات التسجيل ومعها بيع السيارات. وبذلك لا يمكن اليوم لا تسجيل السيارات ولا حتى تقديم «فحص سواقة» أو الحصول على دفتر سوق، والتنسيق جار بحسب سعد مع وزير الداخلية للتوصل الى حلّ.

 

ماذا حصل في الأردن؟

 

المخاطر التي تترتب على استيراد سيارات كهربائية مستعملة تمّ استنتاجها من الأردن التي سمحت في العام 2018 للسيارات الهجينة والكهربائية المستعملة بالدخول الى البلاد، فبانت لهم في ما بعد وتحديداً في العام 2020 التداعيات السلبية لإدخال السيارات الكهربائية والهجينة المستعملة الى البلاد، فارتأوا ضرورة منع ذلك، ولكن وقتها كان دخل الى الأردن اكثر من 50 ألف سيارة هجينة وكهربائية مستعملة، فتحوّلت البلاد الى مكبّ لتلك السيارات والبطاريات.