السوق عاد لينتعش تدريجياً ولكنه لم يعد إلى سابق عهده
الأزمة الإقتصادية والمعيشية تفرز كل يوم ظاهرة جديدة ومنها: الاقبال على شراء الذهب، انتشار الصرافين غير الشرعيين، امتلاء المعارض بالسيارات بعد فترة من فراغها وركود سوقها وتدني أسعارها مع بدء الانهيار المالي قبل ثلاثة اعوام الا بضعة اشهر تقريباً.
في صيدا عادت المعارض المنتشرة على طول أوتوستراد الدكتور نزيه البزري (الشرقي) الممتد من جسر الاولي حتى تقاطع «ايليا» وعلى جانبيها تعج بمئات السيارات بعد فترة من الغياب، والسبب يعود الى الازمة المعيشية وركود سوق بيعها بعدما تحولت نوعاً من الكماليات من جهة وارتفاع اسعار البنزين من جهة أخرى، حيث فضل الكثير بيعها وشراء دراجات كهربائية او نارية للتوفير من المصروف.
ويؤكد عبد وهو صاحب معرض لـ»نداء الوطن» ان غالبية التجار «فضلوا شراء السيارات على أنواعها واحجامها المختلفة، قبل ارتفاع سعر الدولار الجمركي بهدف تفادي دفع رسوم كبيرة عليها في الموانئ حين استيرادها، وتالياً الربح الوفير بها بعد اقراره وهي في ارضها، وخاصة بعد الحديث الجدي عن طرح الموضوع لتأمين الايرادات المالية الضرورية للدولة».
والدولار الجمركي كان ليشق طريقه الى التنفيذ قبل أسابيع عدة بعدما طرح في لقاء وزاري برئاسة الرئيس نجيب ميقاتي، بهدف توفير اموال اضافية وتأمين السيولة اللازمة لصرفها على الزيادات التي أقرت للموظفين في القطاع العام من اجل تعليق اضرابهم المفتوح. ولكن الخلافات السياسية جمدته حتى اشعار آخر وسط ذريعة حول الاختلاف حول قيمته وما اذا كان على سعر صيرفة او المنصة او السوق السوداء او غيرها.
ويؤكد محمد وهو تاجر سيارات، «ان سوق السيارات كاد ينهار كليّاً مع بدء الازمة الاقتصادية اللبنانية، وبيعت السيارات بأسعار زهيدة من اجل تقليل الخسائر قدر الامكان، وباللبناني، فيما كان الدولار الاميركي يواصل ارتفاعه وتحليقه ليلحق بنا المزيد من الخسائر الاضافية، في انتكاسة غير مسبوقة»، قبل ان يستدرك «السوق عاد لينتعش تدريجياً ولكنه لم يعد الى سابق عهده وشراء السيارات صار مقتصراً على طبقة معينة من الاغنياء والميسورين وبعض الذين حضروا الى لبنان لقضاء اجازة الصيف اخيراً».
ويقول علي قدورة لـ»نداء الوطن» ان التجار «درسوا كل خياراتهم بعناية فائقة وتأن، ووجدوا ان استيراد السيارات قبل رفع الجمارك حل، إما للتعويض عن خسائرهم السابقة او زيادة ارباحهم، علماً ان سوق بيع السيارات لم ينتعش كثيراً كي يتم استيراد كل هذا العدد من السيارات، المعارض «فول» عن بكرة أبيها من صيدا الى بيروت».
في لبنان، يعيش المواطن الشيء ونقيضه، انه بلد التناقضات بلا منازع، ولكن اللبناني «حربوق» بطبعه، يتأقلم مع الازمات والواقع، يخترع البدائل لها، يسعى لتخفيف تداعياتها السلبية والا «طق ومات»، انقطع التيار الكهربائي فازدهر سوق اشتراك المولدات الخاصة وقد أصبح بديلاً عنه، ارتفع سعر المازوت فحضرت الطاقة البديلة بكل انواعها من بطارية الشحن حتى الطاقة البديلة، وباع الكثير من المواطنين سياراتهم واشتروا مكانها الدراجات النارية او الكهربائية او الهوائية وصولاً الى الـ»توك توك»، فقدت الادوية فجرى جلبها من الخارج مع كل عائد او الاستعاضة بالبديل… وهكذا دواليك.