أكثر من 200 مركز فيديو – بوكر غير شرعي من دون حسيب ورقيب
تسدّد مراكز التسلية والفيديو- بوكر المدعومة من جماعات نافذة والمقدّر عددها بنحو 200 مركز رسماً مقطوعاً بنسبة نحو 1% مما يترتّب على كازينو لبنان الى الدولة. فالأخير يحوّل نسبة 50% من مداخيله الى الخزينة اللبنانية، في حين أنه يحتفظ بالمبلغ المتبقي لإنفاقه على الرواتب وتسديد فواتير التشغيل… هذه المراكز لا تتحلّى بالشرعية ولا تلتزم بالقوانين في ما يتعلق بألعاب البوكر، ولا مستوى الممارسات السليمة المعمول بها في المراكز الشرعية عادة، وتندرج ضمن الإقتصاد غير الشرعي، ما يستدعي ضرورة إقفالها بشكل نهائي لأن منح الرخص لألعاب الميسر لا يجيزه القانون. لماذا؟ إستناداً الى المرسوم الجمهوري الصادر عام 1954، تمّ حصر ألعاب الميسر في كازينو لبنان دون سواه وبعد ثلاث سنوات أنشئ الكازينو وعمل بشكل متقطّع خلال فترات الحرب. في العام 1995 وقّعت إدارة الكازينو إتفاقية جديدة مع الدولة اللبنانية تسمح بموجبها للكازينو بالإستثمار الحصري لألعاب الميسر على الأراضي اللبنانية كافة، وذلك لفترة 30 سنة على أن تحصل الدولة على حصّة تصاعدية من العائدات وأن تعتبر ملكية الأرض والبناء والتجهيزات كافة بعد هذه الفترة من الأملاك العامة. وبناء على تلك الإتفاقية، أُعيد افتتاح الكازينو عام 1996، بعد توقفه عن العمل نهائياً بسبب الخراب الذي ألحق به خلال حرب التحرير التي وقعت بين العامين 1989 و 1990. وتمّ توقيع إتفاقية بين إدارة الكازينو والحكومة ممثّلة بوزارتي المالية والسياحة، فأُعيد بناء صالة السفراء في صيف 1998 وباتت تتّسع لـ750 شخصاً.
إيرادات دون الرقم الفعلي
ونظراً الى المكانة التي احتلّها الكازينو ليس في لبنان فحسب بل في منطقة الشرق الأوسط، والى الحقبة الذهبية التي شهدها، يساهم هذا المرفق بجزء مهمّ من إيرادات الخزينة غير الضريبية. فهو يشكّل مقصداً خصوصاً للطبقة الميسورة، وتقدّر الإيرادات التي تعود منه الى الدولة والواردة إستناداً الى موازنة 2024 بـ 3.2 تريليون ليرة، أي ما يعادل نحو 35 مليون دولار وفق سعر صرف 89500 ليرة للدولار. إلا أن هذا الرقم ليس دقيقاً بشكل متناه، ويُعتبر أدنى من الرقم المرتقب للعام الجاري، إذ يتوقّع رئيس مجلس إدارة كازينو لبنان رولان الخوري خلال حديثه الى «نداء الوطن» أن يحصّل الكازينو للخزينة للعام 2024 مداخيل بنحو 45 مليون دولار كحدّ أدنى وقد يصل الرقم الى 50 مليون دولار، مقارنة مع 80 مليوناً في العام 2019 قبل بدء مسار الإنهيار المالي والإقتصادي».
وبذلك يعتبر الكازينو «مرفقاً» من مرافق الدولة المنتجة، إذ يدرّ على الموازنة عائدات ضمن لائحة الإيرادات غير الضريبية، التي تتضمن حاصلات إدارات ومؤسسات عامة في الموازنة مثل إيرادات المرفأ وهي الأعلى (نحو 139 مليون دولار مقارنة مع نحو 110 ملايين في 2019). فالعملة المتعامل بها لكل من يرغب في «المقامرة» الشرعية في الكازينو كانت الليرة اللبنانية قبل الأزمة، وقت كان سعر صرف الدولار بقيمة 1500 ليرة وخلالها عندما اتّخذ وتيرة تصاعدية حين وصل الى 140 ألف ليرة لبنانية، وبذلك استمرّ التداول بالعملة الوطنية طوال السنوات 2020 و2021 و2022، والنصف الأول من 2023. وبدءاً من النصف الثاني من العام 2023، أجازت الحكومة التعامل بالدولار النقدي وليس من خلال بطاقات الدفع، بهدف زيادة الدولة عائداتها بالعملة الصعبة.
الحركة تأثّرت بالأزمة
أما الحركة داخل الـ»كازينو»، فتأثّرت بالأزمة الإقتصادية في البلاد ما أدى الى تراجع الإيرادات بعض الشيء. وباتت اليوم استناداً الى الخوري «تشكّل نسبة 60% من قيمة الإيرادات التي سجّلت في العام 2019. مسجّلة بذلك تحسّناً خصوصاً مع الحركة السياحية اللافتة التي تشهدها البلاد خلال المواسم السياحية. ولكن بعد انطلاق الحرب في غزة وفتح جبهة الجنوب افتقد الكازينو الى مرتادين من العراق والأردن ومصر، ورغم ذلك كانت الحركة مقبولة في الكازينو خلال الصيف، بسبب قدوم المغتربين الى بلدهم الأمّ لقضاء عطلتهم مع الأهل، وتعريجهم على الكازينو بهدف التسلية والترفيه». المداخيل التي يحقّقها الكازينو قد تشهد ارتفاعاً في ما لو تمّ وضع حدّ لعمل المراكز غير الشرعية كي لا نقول فرض رسوم وضرائب بدلاً من المقطوعية التي تسدّدها للحكومة. لأن من شأن ذلك حصر لعب الميسر في كازينو لبنان صاحب الحقّ الحصري الوحيد قانوناً في لبنان والمقصود من دول المنطقة. هكذا يكون هذا «المرفق» مصدراً لتعزيز عائداته ومعه عائدات الدولة التي تشكلّ نصف دخله بالعملة الصعبة، الأمر الذي تبحث عنه بالسراج والفتيلة ولا تجد سبيلاً له سوى من جيوب المواطنين.
تجديد رخصة الإمتياز
وما سيعزّز الدخل أيضاً، تجديد رخصة الإمتياز التي ينتهي العمل بها في العام 2026، عندها ستقوم إدارة الكازينو إستناداً الى الخوري باستثمارات جديدة مثل تجديد الصالات وفتح صالة Bingo جديدة، لأن من شأن ذلك استقطاب لاعبين جدد وتحديداً الأجانب منهم. ويقول: يبقى التعويل على الأمن الداخلي، والأمن العام لملاحقة مراكز التسلية والفيديو- بوكر غير الشرعية، لوضع حدّ لها تعزيزاً لدخل خزينة الدولة من جهة، وضبطاً للإقتصاد غير الشرعي والأعمال غير الأخلاقية في المقلب الآخر. الأمر الذي يبدو صعب المنال في ظلّ فوضى الإصلاحات وتصاعد وتيرة الحرب!