IMLebanon

البطريرك مصرّ على انتخابات «مجلس الكاثوليك»: انقسام حول جريصاتي

 

مع اقتراب موعد الانتخاب لمنصب نائب رئيس المجلس الأعلى للروم الكاثوليك تعود الصراعات السياسية لتتأجج بين فريقين، واحد يؤيد مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي والآخر يقف ضده. إزاء ذلك تذرّع الفريق الثاني بالمهل القانونية للطعن في موعد الانتخابات، فردّ البطريرك يوسف العبسي بالإصرار على المواعيد، معلناً إقفال باب الترشيح اليوم

 

يُقفل مساء اليوم باب الترشيحات لانتخاب 14 عضواً في الهيئة التنفيذية في المجلس الأعلى للروم الكاثوليك، لينتخبوا، مع بقية الأعضاء الـ26 غير المنتخبين، نائب رئيس المجلس وأمينه العام وأمين السرّ. وقد عيّن رئيس المجلس، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك يوسف العبسي، موعد جلسة الانتخابات الأولى في الثالث من شهر آذار المقبل إذا تأمن نصاب الثلثين، والثانية في السابع عشر منه بمن حضر إذا لم يحصل النصاب في المرة الأولى. رغبة البطريرك في إجراء الانتخابات وعدم تأجيلها ستة أشهر، أثارت حفيظة نائب رئيس المجلس الحالي ميشال فرعون الذي انتهت ولايته في الثامن من تشرين الثاني 2020 كما ولاية الهيئتين العامة والتنفيذية، ولكنه يسعى ضمناً للتمديد لنفسه. هكذا وقع سجال قانوني حول القانونين 199/2020 و212/2021. ويقول النائب جورج عقيص لـ«الأخبار» إن ثمة خلافاً على «تفسير القانون 212 (تعليق المهل) ومداه ونطاقه، وإذا ما كان يشمل إعادة تعليق مهل الانتخابات في المجالس والنقابات والجمعيات أو أنه يفترض اتباع القانون 199 من ناحية الإبقاء على الانتخابات في مواعيدها». عقيص امتنع عن إعطاء رأيه الشخصي، لكنه رأى أن «الأولوية لإبعاد التشرذم عن الطائفة ووقف السجال الاعلامي عبر نقله الى الداخل ووقف الرسائل عبر الاعلام أو التسريبات»، علماً بأن احتمال سريان القانون 212 على تأجيل الانتخابات يعني أنه يمكن لأي خاسر في هذه الانتخابات الطعن في نتائجها ليضع القرار بيد المحكمة الناظرة في الأمر.

 

وقد استبق بعض الشخصيات الأمر بإرسال مطالعة عبر المحامي جان غاوي الى البطريرك يستند فيها الى تمديد التعبئة العامة الى 31/3/2021، ما يفترض أن يسري على جميع المهل. وذلك حدا بالبطريرك العبسي الى إرسال كتاب مساء أول من أمس الى أعضاء المجلس الأعلى يردّ فيه ضمنياً على من يرغب في التأجيل عبر الاستناد الى القانون 199 الذي أوجب في بنده الخامس على الجمعيات إجراء الانتخابات ضمن المهل ووفقاً للأصول، معلناً التزامه بالقوانين. وأشار العبسي الى أن القانون 212/2021 قضى بتمديد مهل تقديم تصاريح الذمّة المالية المتعلقة بالإثراء غير المشروع والمهل القانونية والقضائية والعقدية المتعلقة بالهيئات القضائية والمحاكم والادارات المرتبطة بها. وقد غمز البطريرك من قناة فرعون عبر أسفه «للجوء البعض الى وسائل الاعلام لمعالجة قضايا المجلس ومحاولة إظهار البطريرك بصورة لا تعكس الواقع».

يرى الفر يق المؤيد لتأجيل الانتخابات أن بصمات مستشار رئيس الجمهورية سليم جريصاتي واضحة في ردّ البطريك، رغم أن القانون 212 واضح في عدم تطرقه الى انتخابات المجالس والجمعيات، وبالتالي مطالعتهم القانونية لا تستند الى أي مادة واضحة. وتدخّل الاكليروس اليوم لدعم شخص هو جريصاتي، خلق ردود فعل وخلافات في زحلة وخارجها؛ إذ سمّى راعي أبرشية زحلة والفرزل والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام درويش، سليم جريصاتي كمندوب في الهيئة التنفيذية. والأخير يحظى أيضاً بدعم ضمني من رئيس المجلس الأعلى، أي البطريرك العبسي. لكن مجرد تسمية جريصاتي يعني استفزاز غالبية مرجعيات الطائفة وفعالياتها، ومنهم نواب زحلة ورئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف. وهو ما أدى الى خلق جبهة مضادة بقيادة فرعون وتضم النائبين ميشال ضاهر وجورج عقيص ورئيس بلدية زحلة أسعد زغيب الذين اجتمعوا على دعم الوزير السابق سليم وردة نكاية بالمستشار. أما أوساط البطريرك فتتهم هؤلاء بالوقوف وراء هجوم بعض المواقع الاعلامية على العبسي، وبتعمّدهم الاتصال ببعض المطارنة لخلق مشكلات داخل الاكليروس.

 

يقف نواب زحلة ورئيس بلديتها الى جانب فرعون «نكاية» بمستشار رئيس الجمهورية

 

 

يعبّر بعض المرجعيات عن خوف من انعكاس هذا الصراع السياسي على خروج مركز نائب الرئيس مرة أخرى من العباءة الزحلية، رغم أحقيّة زحلة بالمنصب، بعد أن جرت العادة على أن يكون الدور مرة لزحلة ومرة للمناطق الأخرى، وبعد أن كان التوافق يخرج من منزل الوزير الراحل ايلي سكاف كما حصل في العام 2014 عندما أتى سكاف بفرعون. ثم في العام 2017 عند لجوء فرعون الى رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل لسحب جريصاتي وتعيينه لولاية ثانية خارقاً الاتفاق، فكان العشاء الائتلافي في منزل باسيل بحضور الجميع. وتشير المصادر الى أن فرعون المنتهية ولايته، يقوم بالمستحيل اليوم ليبقى واقفاً، لكن لا أحد يقف مع تمديد ولاية فرعون، بل يرى الفريق المواجه لجريصاتي أنه سيقف مع وردة إذا كان الخيار بينه وبين جريصاتي.

في غضون ذلك، لا يزال التيار الوطني الحر غير منغمس في معركة المجلس الأعلى للروم الكاثوليك، رغم امتلاكه الأكثرية المرجّحة في الانتخابات. قد يكون مردّ ذلك الى عدم رغبة الجزء الأكبر في دعم جريصاتي، ورغبة البعض الآخر في عدم زجّه في هذا الصراع كما المرة الماضية. وفيما لم يكشف التيار عن أوراقه بعد، تؤكد أوساطه أن جريصاتي لم يطلب دعمه بعد، ولا أعلن نيّته الترشح للمنصب. وحتى الساعة، يساند جريصاتي كلّ من المطران درويش ورئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد. فعربيد وبعض من يدورون في فلكه ينشطون في مواجهة فرعون ونواب زحلة، وقد عقدوا يوم أمس اجتماعاً عبر تطبيق “زوم” مع البطريرك العبسي للتسويق لجريصاتي. ثمة من يقول هنا إن مساعي عربيد تدخل في خانة “الخدمات المتبادلة” إثر انتهاء ولاية مجلسه في كانون الأول الماضي وتعويله على فتوى قانونية تتيح له التمديد في فترة تصريف الأعمال.