IMLebanon

النواب الكاثوليك… بين “الزعامة” و”الهدايا”

 

 

 

أربعة نواب كاثوليك أعادوا تجديد نيابتهم، ثلاثة منهم بفضل قوّتهم التمثيلية مقرونة بـ «عضلات» الأحزاب التي ينتمون إليها، أما الرابع فاتّكل على «الرافعة» التي تشكلها لائحته التي ستدخل كتاب «غينيس» للأرقام القياسية بكونها أكثر اللوائح عصيّة على الخرق.

 

النواب جورج عقيص، ميشال ضاهر، ميشال موسى، ونيكولا صحناوي استعادوا اللوحة الزرقاء، كلّ على طريقته. والأرجح أنّ ضاهر هو الأكثر قدرة بينهم على تأمين حضوره التمثيلي، فيما عقيص يتحصّن بحزب «القوات» الذي يقدّم له ماكينة انتخابية حديدية، أما الصحناوي فلا يزال، كما الدورة الماضية يحتاج إلى جرعة دعم لكي يتخطى الحاصل الانتخابي، فيما موسى يتكئ على نفوذ رئيس مجلس النواب نبيه بري وحركة «أمل» لكي لا يحال إلى التقاعد النيابي.

 

في مقارنة بين محصول العامين 2018 و2022، يتبيّن أنّ عقيص تقدّم في رصيده من 11300 إلى 11900 صوت تفضيلي، فيما تراجع ضاهر من 9700 إلى 9200 صوت تفضيلي. أمّا الصحناوي فلم يتحرك عن عتبة الـ4700 صوت تفضيلي، فيما موسى تراجع من 4100 إلى 1300 صوت فقط.

 

وبذلك يكون قد دخل برلمان 2022، أربعة وجوه جديدة تمثل الطائفة الكاثوليكية، التي صارت واحدة من الطوائف الأقليات، حيث أظهرت أرقام «الدولية للمعلومات» أنّ عدد الناخبين الكاثوليك المسجّلين على لوائح الشطب للعام 2018، بلغ 167288 ناخباً أي ما نسبته 4% من إجمالي الناخبين اللبنانيين، اقترع منهم نحو 65 ألفاً أي ما نسبته 4.4% من اجمالي المقترعين.

 

يومها، أي في الاستحقاق الماضي، حصل النواب الكاثوليك على نحو 11200 صوت تفضيلي من أصل نحو 50 ألف صوت تفضيلي كاثوليكي سجّلت في الدوائر حيث توجد النسبة الأكبر من أبناء الطائفة، أي ما نسبته 23%، ما يعني أقل من ربع الأصوات التفضيلية الكاثوليكية.

 

الأربعة الجدد هم ملحم رياشي عن دائرة المتن الشمالي ليخلف ادي معلوف، غسان عطالله عن دائرة الشوف – عالية ليحلّ محلّ نعمة طعمة، سامر التوم عن دائرة بعلبك- الهرمل ليخلف ألبير منصور، وغادة أيوب عن دائرة جزين لتحلّ مطرح سليم خوري.

 

وفق لغة الأرقام، يتبيّن أنّ رياشي سجّل رقماً غير مسبوق في الأصوات التفضيلية مقارنة مع أبناء طائفته من النواب والمرشحين، ليتجاوز سقف الـ15 ألف صوت، فيما جمع خصمه معلوف عشرة آلاف صوت (حصل في الدورة الماضية على حوالى 5900 صوت تفضيلي)، في معركة حملت عنواناً كاثوليكياً بامتياز لكنها غرفت من معجن الموارنة في الأصوات، وغطّت بالنتيجة على معركة المقاعد المارونية الأربعة والمقعدين الأرثوذكسيين اللذين لطالما تصدرا عنوان معركة المتن الشمالي. الأهم هو أنّ خوض رياشي المعركة رفع حاصل «القوات» في هذه الدائرة مقارنة بالاستحقاق الماضي، ليجعل منه «زعيماً» كاثوليكياً، من خارج النادي التقليدي الذي لطالما تبوأ زعامة الطائفة.

 

أما عطالله فقد استفاد من عامليْن، الأول خروج نعمة طعمة من الحلبة وثانياً سقوط كلّ من وئام وهاب وطلال ارسلان ما حوّل كل ناتج الحواصل لمصلحة النواب العونيين، وبينهم نائب الشوف الكاثوليكي الذي جمع حوالى 5100 صوت تفضيلي، فيما كان لطعمة في الدورة الماضية 7200 صوت بدعم مباشر من الحزب التقدمي.

 

في جزين التي شهدت «مجزرة» بحق النواب العونيين، كان سليم خوري من بين من تعرّضوا «للتصفية» وهو الذي نجح في الاستحقاق الماضي بحوالى 700 صوت. أما غادة أيوب فحلّقت بحوالى 7900 صوت تفضيلي.

 

أما في بعلبك – الهرمل فالفضل يعود إلى «حزب الله» الذي قرر هذه الدورة إهداء «التيار الوطني الحر» النائب الكاثوليكي ليكون من نصيب سامر التوم مع حوالى 11300 صوت تفضيلي بينما لم يُمنح سلفه ألبير منصور إلّا حوالى 5800 صوت تفضيلي. ومع ذلك، فإنّ هذا الكم من الأصوات لا تمنحه ميثاقية كاثوليكة.

 

وفق التصنيف الحزبي، ستة نواب كاثوليك يحملون بطاقات حزبية أو محسوبين، إمّا على «التيار الوطني الحر» وإمّا على «القوات»، فيما اثنان منهم فقط لا يدينان بالولاء لأي حزب. وبالتفصيل أكثر، يتبيّن أنّ لـ»التيار الوطني الحر» ثلاثة نواب كاثوليك، وللقوات ثلاثة أيضاً، بينما للرئيس بري نائب واحد في الطائفة، وميشال ضاهر يغرّد منفرداً. وهذه نتيجة طبيعية للنظام النسبي في قانون الانتخابات الذي حوّل الأحزاب المسيحية إلى مصنع للنواب الكاثوليك. ومع ذلك، لا يمكن تحميلُ الآخرين مسؤولية تراجع حضور الزعامات الكاثوليكية، لأنّ العلّة فيها لا في غيرها، حيث فشلت هذه القيادات، في الحفاظ على ثقلها السياسي.

 

وهذا ما سيؤدي حكماً إلى «عملية مناصفة» في التوزير بين «التيار الوطني الحر» و»القوات» حين ستطرح مسألة تمثيل الكاثوليك على طاولة البحث، إلا إذا قررت «القوات» البقاء خارج الحكومة.