الأيام الماضية القليلة تعيد نفسها، لا التاريخ يعيد نفسه مع هذه الحكومة، ومع ذلك ليس هناك من يستوعب التجارب، خصوصاً المريرة منها، ويتعلّم…
فبعد الاشكالية العنيفة بمضمونها السياسي التي حصلت بين بطريركية الروم الارثوذوكس ورئيس الحكومة حسان دياب حول منصب محافظ بيروت، إختار الرئيس سيّدة من فريق عمله من الطائفة الارثوذكسية لم توافق عليها البطركية لأنها تعتبر نفسها الأحَق بتسمية الشخص الذي سيشغل الموقع، فحصل تجاذب أربَك السياسة العامة في البلد، وانتهى بتراجع دياب عن اقتراحه.
المشكلة نفسها مرشّحة للحصول مرة ثانية بشأن موقع رئيس مجلس ادارة تلفزيون لبنان.
ففي شكل مفاجيء، كانت زيارة بطرك الروم الكاثوليك ووفد من البطركية الى القصر الجمهوري للقاء الرئيس عون، وكان استغراب شديد للعقبات التي توضَع من وزيرة الاعلام أمام تشكيل مجلس ادارة تلفزيون لبنان، فيتأخّر التشكيل بالطريقة السهلة المعروفة لصالح طريقة مستجدة لم يحدُث أن اتّبِعت من قبل في أي مؤسسة…
وشدّد الوفد على أنّ موقع رئيس مجلس ادارة التلفزيون ينبغي أن يُسأل فيه رأي المرجعية الروحية للروم الكاثوليك لا أن يُضرب رأيها عرض الحائط، وهذه المرجعية ترى الابقاء على اعتماد آلية التعيين المألوفة لأنها واضحة، لا أن يتم اللجوء الى آليّات ظاهرها جيّد أما مضمونها فسيئ!
وكانت وزيرة الاعلام منال عبد الصمد تستعدّ لتضع بين أيدي الوزراء في جلسة قريبة مقبلة 18 أسماً (3 أسماء من كل طائفة) هي أسماء من بين الاشخاص الذين ترشّحوا لمجلس ادارة التلفزيون، واختارتهم لجنة في وزارة التنمية الادارية، ولم يطّلع على الاسماء أحد، وذلك من اجل ان تختار الحكومة من بينها 6 اسماء (واحد لكل طائفة)… ما سيضع الوزراء امام بلبلة عارمة في الاختيار لأنّ أحداً من قيادات الوزراء، في البلد، أي الذين عيّنوا الوزراء في وزاراتهم لم يُبدِ رأياً أو يزكّي اسماً على الاقل لابن طائفته، ومن المؤكد انّ هذه القيادات سترفض تجاوزَها، فضلاً عن انّ الوزراء أنفسهم سيتعرّفون الى الاسماء (لا الأشخاص) من خلال لائحة الوزيرة، وتالياً سيختارون (إذا اختاروا) أشخاصاً مجهولين عليهم!
خطوة وزيرة الاعلام المبنية على تَوهّم تشكيل مجلس ادارة لتلفزيون لبنان يتجاوز كل الاعراف (والعرف في لبنان أقوى من القانون)، كان متوقعاً لها أن تصطدم بواقع انه تمّ تخطّي القيادات وسؤالها رأيها، وسيُرفَض المُقتَرَح ساعة إعلانه !..
ويقول موظف في الاعلام: «لا بد لعبد الصمد من العودة عن اعتبار نفسها حكَماً على أعضاء مجلس ادارة تلفزيون لبنان الإعلامية، وهي بحد ذاتها كوزيرة، غير معروفةٍ عنها خبراتٌ إعلامية سوى انها رُسِمت وزيرة للاعلام ضمن اعتبارات سياسية!