لا يخفي راعي ابرشية الفرزل وزحلة والبقاع للروم الكاثوليك المطران عصام درويش سروره واطمئنانه، لعدم انتماء زواره حزبيا، فيما يكتفون بالانتماء إلى الطائفة.
هذا السرور الذي يرافق «سيد» كاتدرائية «سيدة النجاة»، يتعزز مع غياب الكاثوليك عن هيئات ومنسقيات الأحزاب المسيحية الثلاث في زحلة، في حين يتكفل الحضور الماروني بالتعويض العددي في هذه الهيئات.
يقول درويش إنها «ظاهرة صحية، في إشارة إلى الابتعاد الكاثوليكي عن العمل الحزبي المسيحي، في مقابل انغماس الكاثوليك في كاثوليكيتهم المنفتحة على الجميع».
يشهد قضاء زحلة اليوم صراعا يدور حول الحفاظ على الهوية السياسية والعائلية من جهة، ومحاولات التمدد الحزبي، تقوده «القوات اللبنانية» من جهة ثانية. إذ تصدح ألسنة العديد من كوادر «القوات» بأن الترشيحات الحزبية القواتية في أي استحقاق نيابي مقبل بات أمرا لا مفر منه، وعليه يعتبر البعض بأن الترشيحات البلدية الحزبية الأخيرة في زحلة لم تكن سوى بروفة ومقدمة لمجريات الانتخابات النيابية المقبلة.
فرح درويش يبث اليأس في معراب. فـ «القوات» تبحث من دون كلل عن كاثوليكيين يجاهرون بانتمائهم الحزبي لها. يفتش «الحكيم» سمير جعجع عن ذلك بين زواره بلا جدوى. بدا هذا واضحا في حفل عشاء «القوات» الأخير في زحلة. وكان يعوزه حضور درويش الذي أرسل ممثلا عنه كعادته منذ سنوات. كذلك كان واضحا غياب المرجعيات الكاثوليكية من الكتلة الشعبية وميشال ضاهر وعائلة فتوش.
حالة النفور السائدة بين «القوات» والكاثوليك تدفع بعض المرجعيات الكاثوليكية الى مجاهرتهم برفض ما يسمونه «الثوب القواتي» ويصفونه بأنه «ضيق جدا» ولا يتناسب مع خصوصية قضاء زحلة وما يحويه من موزاييك عائلي وطائفي متنوع، وان كانوا يعبّرون عن قربهم من «ثورة الارز» انما لا يفضلون الدخول الى قمقم «القوات».
من جهتها، لا تسقط «القوات» من اجندتها اليومية اي من التفاصيل الزحلية السياسية. قيادة معراب تتطلع دوما إلى تسجيل زحلة ضمن املاكها الحزبية وإلى تعزيز سطوتها السياسية التي لن تكون الا بمرشحين يحملون بطاقات انتساب قواتية. وعليه ينعى بعض القواتيين تجربة النائب طوني ابو خاطر الذي لم يجاهر بانتمائه القواتي يوما بل بقيّ منتميا الى عائلته وكاثوليكيته التي لاتروق لقيادة معراب.
عقب فوز لائحة المهندس اسعد زغيب في الانتخابات البلدية الاخيرة في زحلة، حاولت «القوات» تسجيل هذا الفوز ضمن سجل انتصاراتها الزحلية التي ستخولها لاحقا الاتيان بمرشحين كاثوليكيين يجاهرون بانتمائهم الحزبي. علما ان زغيب لم يعلن يوما انتسابه لـ «القوات»، بل على العكس فإن زغيب كان يحظى برافعة كاثوليكية بدءا من موقعه وحيثيته الزحلية الى تبنّيه من قبل درويش وأغلب المرجعيات الكاثوليكية الأخرى، وعليه لم تجد القوات اللبنانية خيارا بديلا عن زغيب وارتضت به مرغمة.
ويبدو واضحا أن «القوات اللبنانية» تريد رئيسا قواتيا كاثوليكيا للائحتها النيابية في زحلة، وقد تخلت عن المقعد الماروني لصالح «التيار الوطني الحر» عبر تزكية «الحكيم» ترشيح النائب السابق سليم عون عن المقعد الماروني الذي كان يطمح اليه ابراهيم الصقر أحد صقور «القوات».
يعتبر الباحث السياسي الدكتور طوني ساروفيم ان «القوات» انتصرت في زحلة من خلال ايصال اعضاء حزبيين الى داخل المجلس البلدي. والاهم أن ضغوطها أدت إلى فك تحالف «التيار» مع النائب نقولا فتوش وأشقاءه والى خسارة «الكتلة الشعبية» لأول مرة المجلس البلدي في زحلة، واللافت للانتباه ان هذه الإستراتيجية أصابت بالضرر خصمين كاثوليكيين لـ «القوات».