Site icon IMLebanon

المجلس الأعلى للكاثوليك يواجه “لغم” تعيينات الطائفة

 

بينما تواظب الحالة اللبنانية على إرسال المزيد من الإشارات التحذيرية عن قرب حدوث الانفجار الكبير الذي من شأنه أن يطيح بكل ما هو قائم، يتخبط المجلس الأعلى للروم الكاثوليك في تعيينات الطائفة، وهي في الوقت الراهن محصورة بثلاثة مواقع: مدير عام تلفزيون لبنان، مدير عام وزارة الأشغال، ورئيس لجنة الرقابة على هيئات الضمان.

 

هل تطبق آلية التعيينات الإدارية أم لا تطبق؟ تلك هي المسألة التي تثير الخلاف الذي يكاد يبلغ حد الاشتباك، بين أعضاء المجلس الأعلى ومعهم البطريرك يوسف العبسي الذي يضعه بعض الكاثوليك في محور “المطنّشين” على الآلية التي أقرها مجلس النواب في قانون، ولم يكتسب بعد الصفة الإلزامية كونه لم ينشر بعد في الجريدة الرسمية نظراً لامتناع رئيس الجمهورية ميشال عون عن توقيعه، فيما ينتظر أن يتقدم نواب عونيون بطعن أمام المجلس الدستوري تحت عنوان عدم دستوريته وعدم احترامه صلاحيات الوزير.

 

تحتل المسألة حيزاً مهماً من اهتمام مسؤولي الطائفة لدرجة أن “غروب الواتساب” الذي يضمّ أعضاء المجلس الأعلى، يشهد في هذه الأيام نقاشات مستفيضة حول كيفية اجراء هذه التعيينات ومدى ضرورة الإلتزام بالآلية أو امكانية الخروج عنها.

 

يوم الأحد، إجتمع وزراء ونواب من طائفة الروم الملكيين الكاثوليك، وأصدروا بياناً، نفوا فيه “تفويض البطريرك التكلم باسمنا، وهو في الأساس لم يطلب ذلك. نحن نلتزم آلية الكفاءة التي أقرت في مجلس النواب وصوتنا لصالحها”.

 

الأهم أنّ البيان جاء قبيل ساعات من زيارة قام بها العبسي إلى رئيس الجمهورية على رأس وفد من مطارنة الطائفة، حيث كانت مسألة التعيينات في صلب النقاشات المشتركة والشكوى المرفوعة من جانب الكاثوليك إلى رئيس الجمهورية. ما توقف عنده أبناء الطائفة هو ما جاء على لسان البطريرك في هذا السياق، حيث قال إنّ “هذه التعيينات طالت في حين ان غيرها المتعلق بطوائف أخرى قد أنجز من دون آليات. لا نريد ان تضيع الأمور او تميع بين مريد للآلية ورافض لها. نضع هذا الامر بين ايدي فخامتكم ولكم ان تحسموه، ونحن كلنا ثقة بحكمتكم في معالجة هذا الملف في أقرب فرصة. فالناس يضغطون علينا وينتظرون منا جواباً شافياً ومريحاً”.

 

ما يهم بعض الكاثوليك هو أنّ العبسي لم يتمسك بالآلية معبراً إلزامياً للتعيينات تاركاً المسألة لرئاسة الجمهورية التي يميل فريقها إلى تجاوز هذا المعبر، لحجج كثيرة… الأمر الذي قد لا يمرّ مرور الكرام خلال اجتماع المجلس الأعلى اليوم.

 

وفق بعض المدافعين عن وجهة نظر رئاسة الجمهورية “كان يفترض بالمتمسكين بالآلية التصدي لمهزلة تقريب موعد جلسة مجلس الوزراء كرمى عيون مدير عام وزارة الاقتصاد، وليس زرع الفتنة بين أبناء الطوائف المسيحية في لحظة مفصلية تمر بها البلاد، مع العلم أن العرف يقضي بأن موقع رئاسة مجلس ادارة تلفزيون لبنان يترك عادة لخيار رئيس الجمهورية، أسوة مثلاً بموقع مدير عام كازينو لبنان الذي لم تطالب في حينه “القوات” بالالتزام بالآلية لتعيين مدير عام الكازينو، كونها كانت في حال تفاهم مع “التيار الوطني الحر”، أما اليوم فكل ما تحاول “القوات” القيام به هو قطع الطرق على تعيين أحد المحسوبين على رئيس الجمهورية في رئاسة مجلس ادارة التلفزيون، مع العلم أن المعيّن في هذا الموقع يأتي مع رئيس ويذهب مع الرئيس”. ويشيرون إلى أنّ البطريرك مقتنع أنّه طالما أن بقية الطوائف لا تلتزم الآلية التي لم تصبح بعد قانوناً ملزماً، فهو ليس مضطراً للتدخل لكسرها عند الكاثوليك وبالتالي لن يقحم نفسه في معركة سياسية، لأن كل ما يهم بنظره هو حماية مواقع الكاثوليك أما الباقي فتفاصيل متروكة للسياسيين.

 

اليوم، يلتئم المجلس الأعلى وسط كلام عالي النبرة اعتراضاً على تمرير التعيينات على طريقة “خود وعطيني” بلا آلية علمية تحترم الكفاءة، خصوصاً من جانب نواب “القوات” ووزرائها السابقين الذي يطالبون بالالتزام بهذا القانون لو لم يصبح ساري المفعول. وترتفع وتيرة حدة النقاشات في ضوء ما يتسرب عن نية مجلس الوزراء تعيين مدير عام جديد لتلفزيون لبنان في وقت قريب، بشكل يتناسب مع رغبات رئاسة الجمهورية، مع العلم أن وزيرة الاعلام منال عبد الصمد ارتضت بمبادرة شخصية منها اللجوء إلى آلية علمية لاختيار المدير العام الجديد. ولذا يوضع سلوك عبد الصمد تحت المجهر بحثاً عن دور مجلس الخدمة المدنية في هذا السياق، في ضوء ما يقال عن عدم الحاجة إلى دور هذه الهيئة الرقابية لتصبح الآلية شكلية – فولكلورية لا أكثر.

 

فهل سيشهد اجتماع المجلس الأعلى مفاجآة مدوية إذا ما ارتفعت حدة النقاشات ونفذ بعض أعضائه تهديداتهم بالتقدم باستقالاتهم اعتراضاً؟