دَرَجَت الحكومات على مَرّ من الزمن، على تضمين الموازنات نصوصاً تتعلّق بمواضيع لا علاقة لها بالموازنة، لا من قريب أو بعيد على الإطلاق.
مع العِلم أنّ الموازنة يجب أن تقتصر على المسائل التي تتعلّق بمالية الدولة، كتقدير الواردات والنفقات وأنواع الضرائب ومعدّلاتها و…
وبالعودة إلى موازنة عام/2024/ يتبيّن جليّاً أنها تضمّنت مواد لا علاقة لها البتّة بالموازنة، لا من قريب أو بعيد على الإطلاق، ولا يجوز أن تَرِد فيها.
تقدّم العديد من الكتل بطعون في هذه الموازنة أمام المجلس الدستوري، بهدف إبطال هذه المواد، كونها لا تمتّ إلى الموازنة بِصِلة. وهي ما يُطلق عليها في الإجتهاد الدستوري «فرسان الموازنة» (cavaliers brudgétaires).
ونحن على بُعد أيام قليلة من إصدار المجلس الدستوري قراره النهائي بخصوص هذه الطعون، لا بُدّ من تعريف «فرسان الموازنة» وما المقصود بهذا المصطلح.
عَرّف الفقه الفرنسي «فرسان الموازنة» بأنها كل مادة تَرِد في الموازنة، لا ينبغي أن تكون من ضمنها. فالمواد التي يمكن أن تَرِد فيها، هي تلك التي لها صفة مالية أو ضرائبية لا غير.
Villiers (M.de), Dictionnaire de droit constitutionnel, Armand Colin.1998,
P. 20.
وهذا ما سار عليه الإجتهاد الفرنسي وفي أكثر من قرار:
Turpin (D), op. cit.P.455 et S.
Rousseau et autres, op. cit. P 535 S.
ونتيجة التمحُّص في موازنة عام/2024/ يظهر للعيان أنّ الموازنة المذكورة تضمّنت العديد من المواد التي لا علاقة لها بالموازنة، ويقتضي على المجلس الدستوري اعتبارها مخالفة للدستور.
علماً أن المجلس الدستوري سبقَ له وفي قراره رقم 2 / 2018 تاريخ 14/5/2018 (طعنًا بقانون الموازنة العامة والموازنات الملحقة للعام 2018) أن أبطَل العديد من المواد، بعد أن وصفها «بفرسان الموازنة».
ولم يكتفِ المجلس الدستوري بذلك حينها، بل أشار صراحةً إلى أنّ النصوص التي تعدّل قانوناً (سبق إقراره) ينبغي أن تَرِد في طلب القانون المعدّل. ولا يجب أن تُدسّ في قانون الموازنة، لأنه عندها يخرج المشترع عن أصول التشريع. فضلاً عن أن هذا السلوك يُلحق الضرر بالمواطن، الذي يمكن أن لا يطّلع على التعديل الوارد في الموازنة.
وبالخُلاصة،
نحن على بُعد أيام فاصلة عن قرار المجلس الدستوري، فهل سيذهب هذا المجلس إلى تقويم الإعوجاج الذي اعترى الموازنة ؟ أم سيترك الأمر على حاله ؟ أم سيعجز عن تأمين الأكثرية المطلوبة للالتئام والتقرير؟.