ورشة في السياسة والاقتصاد والأعمار وسقفها اتفاق الطائف
ما أن تضع الحرب اوزارها، حتى تنطلق في لبنان مرحلة تحتم على الجميع مواكبتها باعتبار أنها ستتسم بالشمولية ولن يراد استبعاد أحد منها في سياق معادلة احترام الدستور والقرارات الدولية وبناء دولة.
تطرح هذه المرحلة هواجس عن كيفية تلاقي الأفرقاء على هذه المسلمات، كما عن العلاقات السياسية بين بعضهم البعض. ما من تخطيط مسبق بشأنها لكن التمهيد لها جار، فما بين قوى المعارضة والممانعة فوارق معروفة وتقليصها يخضع لقرار بذلك، ما أورده الأمين العام لحزب لله الشيخ نعيم قاسم لجهة الألتزام باتفاق الطائف والمساهمة لانتخاب رئيس بالطريقة الدستورية والحضور في الميدان السياسي للبناء يجدر التوقف عنده بكثير من التأني. هذا التعهد من حزب لله جزء من التحضير للمرحلة.
ما تصر عليه قوى المعارضة هو عودة الحزب إلى كنف الدولة، والاتفاق على بناء دولة قوية يستدعي تفاهما وطنيا لا استثناء فيه لأي مكون. هذا المشهد إذا يراد له أن يترجم على الأرض وإلا لما تتم الأشارة إلى مرحلة ما بعد.
كثيرون من يلمحون إليها في هذه الفترة، فهل تتطلب حوارا أو تعهدات أو ضمانات؟ ربما ميثاق سياسي جديد وهو ما كان قد طرح سابقا مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لكنه يحتاج اليوم إلى تعديل.
هناك عدة عمل مطلوبة وورشة سياسية واقتصادية موسعة، والأساس فيها وجود رئيس الجمهورية يواكب وحكومة تنفذ، هذا ما تؤكد عليه مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» التي توضح أن البحث في هذه المرحلة ومقتضياتها لم يبدأ لأن قرار وقف اطلاق النار هو المنشود قبل أي خطوة، ومتى قام قرار واضح لا يحمل الصفة الرمادية، يسهل التخطيط لمرحلة كهذه مفتاحها تطبيق جميع بنود اتفاق الطائف الذي نص من بين بنوده على تجميع الأسلحة بيد الدولة اللبنانية، وترى أن هذه المسألة بالذات تحتاج إلى الحسم، وكلام الأمين العام لحزب لله يعد مؤشرا إلى الالتزام بما ورد في اتفاق الطائف حتى وإن لم يتطرق منذ الآن إلى ملف السلاح، معربة عن اعتقادها أن ثمة تفاصيل تتطلب بتا سريعا في المرحلة المقبلة. صحيح أنها مرحلة ما بعد الحرب، ولكن العناوين كبيرة تتصل بصون الدولة ومؤسساتها والانطلاق في السبل الإيلة إلى تقوية هذه الدولة تفاديا لأي اهتزاز جديد. وفي السياق عينه، يقع على عاتق السلطة السياسية منح الضوء الأخضر للجيش بالنسبة إلى تعزيز انتشاره في الجيش وفق القرارات الدولية ولاسيما القرار ١٧٠١ وكان قائد الجيش العماد جوزف عون الذي يمدد له قريبا قد أكد أن الجيش لن يترك الجنوب ولا عودة إلى الوراء، وهو بالتالي ينتظر الأشارات في ما خص تعزيز هذا الأنتشار وبالطبع الضمانات اللازمة.
كذلك تتحدث المصادر عن أهمية وضع اسس للتفاهم بين المكونات السياسية وتفادي كل ما يمكن أن يؤدي إلى إثارة الفتن واستقواء فريق على الآخر والتخوين مع إبقاء الهامش المتصل بالخلافات التي لا تفسد في الود قضية، أما مسألة انتخاب الرئيس والتي تعد أولوية بعد وقف إطلاق النار كما هو واضح فإن السبيل الأنسب لها ،هو العودة إلى الدستور على أن هذه المرحلة لا تقود إلى فرض شخصية أو التعطيل لمصلحة شخصية أخرى في الوقت عينه، ولهذا الرئيس مهمات مضاعفة مع حكومة يفترض أن تشكل سريعا بعد التفاهم بين رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف على أن يتم وضع بيان وزاري يتوافق وعناوين المرحلة. وإذ ترى أن التوقعات لهذه المرحلة كبيرة، تحذر من الفشل في التوصل إلى هذا التفاهم الكبير أو الانقضاض عليه، ومعلوم أن حوارات واجتماعات ولقاءات عقدت وخرجت بالتزامات محددة خرقت في غالبيتها ولاسيما ما يتصل منها بالاتفاقات السياسية والحوارات والاستراتيجية الدفاعية.
وتلفت إلى ان لبنان بنى لسنوات جسور التلاقي مع الدول العربية واحترم قرارات دولية. واذا خرجت السياسة الخارجية في بعض الأحيان عن اتخاذ موقف ما في فترات سابقة، فلا يعني عدم المحافظة على العلاقات مع هذه الدول، ومرحلة ما بعد الحرب لن تخلو من دراسة الامكانات المتاحة للأعمار خصوصا أن التكاليف ليس في مقدور لبنان تحملها وهي بمليارات الدولارات ، ولذلك لا بد من تكليف جهة معنية لمتابعة هذا الملف بشكل مكثف وإجراء الاتصالات مع الدول الراغبة في ذلك.
يتعين التحضير لهذه المرحلة حتى وإن لم يتكشف الموعد الفعلي لوقف إطلاق النار، وفي جميع الأحوال فإن الحديث عنها مطلوب ، أما المشاركة فيها فلا يجوز أن يكون احاديا.