IMLebanon

الحرب وعدم وقف إطلاق النار مصلحة صهيونيّة 

 

اصبح موضوع وقف اطلاق النار مصلحة قومية ووطنية بامتياز، فالحرب القوية والشرسة تقع على جبهة الجنوب، والقصف البربري والوحشي يصيب الضاحية الجنوبية من العاصمة بيروت، وليلة السبت كانت ليلة سوداء، وليلة امس الاحد كانت همجية اكثر واكثر، والصهيونية تنفذ بنود حكماء بني صهيون التي ذكرت قائلة : «واجعلوا دماء اعدائكم تسيل في شوارعهم»، ولذلك فللصهيونة مصلحة كبرى في استمرار الحرب، وعدم القبول في وقف اطلاق النار، حيث اغار العدو الاسرائيلي بسلاحه الجوي باكثر من 30 غارة على الضاحية الجنوبية، دمر خلالها العديد من الابنية، فكان الدمار شاملا، ولا نعرف عدد الشهداء الذين سقطوا من مدنيين ونساء واطفال وشيوخ ورجال، او من مقاومين ومجاهدين، لكن الذي شاهد هذه الغارات يستنتج تماما انها من اعنف الحروب، التي يجري شنها على الاراضي اللبنانية.

 

بعد الغارة الزلزال التي اغتالت الشهيد الكبير سماحة السيد حسن نصرالله رحمه الله، والضربة الثانية التي استهدفت مركز مخابرات حزب الله في المريجة ببرج البراجنة، اصبح وقف اطلاق النار في لبنان مصلحة وطنية وقومية عالية، ولم تعد جبهة غزة بحاجة الى اسناد ودعم، كما كانت قبل شهرين ، بقدر ما اصبحت جبهة لبنان الجنوبية وخاصة جبهة الضاحية الجنوبية، بحاجة الى دعم واسناد، ووقف هذا القصف البربري اللاانساني عليها .

 

نحن مع شعب غزة، ووقفت المقاومة معه 11 شهرا ، وهي تقصف العدو الاسرائيلي في شمال فلسطين المحتلة، لكن الحرب في غزة انتهت بنسبة 90 بالمئة، وباتت الآن حرب مجازر يقوم بها الطيران «الاسرائيلي» على مخيم جباليا وبعض القطاع، ولذلك ان العقل القومي يجب ان يفعّل الآن، وان الوعي الوطني هو الذي يجب ان يفعّل الان .

 

مقاومة حزب الله تقدم التضحيات ومجاهدوها نجحوا في صد الهجومات «الاسرائيلية» على جنوب لبنان، والحقوا خسائر كبيرة بهم، كذلك اوقعوا خسائر بسلاح الدبابات والمدفعية لدى العدو الاسرائيلي، لان المجاهدين يتحصنون بانفاق، اضافة الى شجاعتهم في قصف الدبابات، واكبر دليل ما حصل في مارون الراس وبلدة العديسة، حيث تم صد الهجوم «الاسرائيلي» البري والحاق الخسائر التي زادت عن 15 قتيلا «اسرائيليا» منهم 3 ضباط واكثر من 45 جريحا حتى يوم اول امس.

 

الحرب في غزة اصبحت مقتصرة على حصول صفقة من اجل تبادل الرهائن لدى حماس مع الاسرى الفلسطينيين، ويبدو المجرم نتانياهو لا يبالي بشأن الرهائن. في حين ان الجيش «الاسرائيلي» سيطر على اكثر من 90 بالمئة من قطاع غزة، وما تبقى مجرد عمليات تجري ضد دبابة أو جرافات ثقيلة للعدو الاسرائيلي.

 

ليس عارا ولا عيبا ولا انكفاء ولا جبنا ان نقول ان حرب لبنان هي الحرب الاساس، وان هذه الجبهة بعدد شهدائها لم تعد حرب اسناد لقطاع غزة، على هذا الاساس يجب ان تتحرك الحكومة اللبنانية مع دول العالم بموافقة مقاومة حزب الله، للاعلان عن ضرورة وقف اطلاق النار والالتزام بالقرار الدولي 1701 ، لان وقف اطلاق النار سيمنع حرب الابادة الجماعية، وسيمنع نتنياهو الذي يسعى جاهدا الى استمرار وحشيته ، ومعركة الابادة بحق لبنان بشرا وحجرا من خلال غاراته اليومية، وخاصة ليلة امس على الضاحية الجنوبية حيث استعمل اسلوب قطاع غزة اي حرب الابادة الجماعية.

 

اول ما نتعلمه في الجيش اعرف عدوك، واعرف علاقاته ومَن يدعمه، والجيش «الاسرائيلي» الصهيوني هو جيش مسلح باحداث الطائرات، وعدد طائراته 767 طائرة منها الشبحية، اضافة لاستبدال 300 طائرة اف 15 اي بطائرات تحمل اسلحة اكثر من اف 35 لكنها غير شبحية. كذلك لدى العدو «الاسرائيلي» طائرات قادرة على حمل قنابل ثقيلة وصواريخ، كما ان الجسر الجوي بين الولايات المتحدة ودول من حلف الاطلسي مستمر، لدعم «اسرائيل» بكل انواع الاسلحة الثقيلة والصواريخ المدمرة التي تستعملها ضد الابنية، وليست مؤهلة للصمود في وجه هذه الغارات، واسلحة تخرق كل التحصينات وتغوص الى عمق 30 مترا واكثر، وتنفجر هناك.

 

لقد خسرنا اكبر خسارة، وهي استشهاد سماحة السيد حسن نصرالله حجة الاسلام وحجة المسلمين، وستمضي سنوات وسنوات قبل التعويض عن هذه الخسارة الكبرى، لنجد قائدا له صفاته ومميزاته وشجاعته وايمانه الجهادي والديني والروحاني والشجاعة المعنوية، ولذلك المطلوب وقف اطلاق النار، لان المقاومة تقوم باستيعاب الصدمة، واثناء الحرب الحالية بحاجة لاعادة تنظيم صفوفها خاصة على المستوى القيادي الاعلى، وخاصة بعد خبر الغارة الكبرى التي شنتها الطائرات «الاسرائيلية» ورمت فيها اكثر من75 طنا على حزب الله. كما ان قادة كبارا كانوا في الاجتماع والاتصال معهم مقطوع، والابشع من ذلك والاكثر وحشية ان الطيران «الاسرائيلي» يمنع وسائل الاسعاف من العمل في هذه البقعة، للتفتيش عما حصل من دمار داخل اجتماع مركز مخابرات حزب الله في برج البراجنة.

 

هناك موقف كبير في التاريخ اتخذه سماحة الامام الكبير الخميني قدس الله سره، الذي في نهاية الحرب بين ايران والعراق، تم فرض شرط لوقف اطلاق النار، وهو ان يقوم العراق بضرب آخر صاروخ على طهران بعدها تتوقف الحرب، كان موقف الامام الخميني شجاعا عندما قال: سوف اتجرع هذا الكأس من السم، ووافق على اطلاق الصاروخ العراقي الاخير على طهران.

 

على كل حال بقيادة المرشد علي خامنئي تحولت ايران الى اكبر قوة في آسيا الوسطى وفي الخليج والشرق الاوسط ، ودخلت الى العراق ودخلت الى المنطقة كلها لدى الحوثيين والى لبنان وسوريا وفلسطين، كما اصبحت قوى في آسيا الوسطى تخشاها كل دول المنطقة.

 

ان وقف اطلاق النار ضرورة قومية ووطنية، ونكرر هذا الكلام لان مليون ومئتي الف نازح هم معظمهم من بيئة حزب الله ومن الطائفة الشيعية الكريمة، فقد اصبحوا نازحين على كافة الاراضي اللبنانية وفي الاراضي السورية، ولا يجب ان يستمر هذا الوضع، بل يجب لم الشمل من جديد بعد وقف اطلاق النار، والرئيس نبيه بري الذي عقد مع الرئيس ميقاتي والوزير وليد جنبلاط اجتماعا وطنيا، ثم زار ميقاتي البطريرك الماروني وارسل جنبلاط موفدين منه الى قيادات مسيحية، هو منطلق كي تعلن الحكومة وقف اطلاق النار بقبول وحدة الجبهة الوطنية للقتال ضد العدو الاسرائيلي، ووقف الغارات على الضاحية ولم شمل النازحين، ومن بعدها كما تم الوعد بانتخاب رئيس جمهورية جديد.

 

وعلى كل حال، هذا الامر لا يجب ان ينادي البعض بحصوله في خلال ايام، بل يتطلب اجتماعات وطنية كبرى لتحديد عناوين المرحلة الكبرى.

 

لا اكتب افتتاحيتي من منطلق موقف جبان او موقف متخاذل، بل اكتبه من منطلق عقل قومي يحاول ان يحدد المصلحة القومية العليا في القتال ضد العدو الصهيوني، ومصلحة وقف اطلاق النار. ونتنياهو لا يريد وقف اطلاق النار الا بعد تدمير لبنان، كما دمر قطاع غزة، والعدو الصهيوني يريد استمرار الحرب على لبنان.

 

واذا كان لدينا القوة في ردع العدو الصهيوني في الحرب البرية، فانه ليس لدينا مدافع او صواريخ ارض – جو ترد عنا الغارات الوحشية ، التي دمرت المدن والقرى المؤيدة لخط المقاومة التابعة لحزب الله، والقرى الشيعية غير المؤيدة لخط حزب الله، بل عاطفتها تؤيد حزب الله ضد الصهيونية.

 

نناشد دولة رئيس الحكومة الرئيس نجيب ميقاتي الاتصال بمقاومة حزب الله والتوافق مع المقاومة على موقف واحد، وبعدها الاتصال بدول العالم والطلب اليهم دعوة مجلس الامن لوقف النار على اساس تطبيق القرار 1701 ، دون ان يتحجج العدو الصهيوني بان لبنان ما زال يقاتل دعما واسنادا لقطاع غزة، بعدما دمرته الصهيونية.

 

المحكمة الجنائية الدولية اصدرت قرارا بتوقيف نتنياهو وغالانت رئيس وزراء الحرب «الاسرائيلي»، لكن بريطانيا وفرنسا والمانيا والولايات المتحدة تدخلت، ووضعت كل ثقلها لتعديل المحكمة الجنائية الدولية.

 

تحتاج المقاومة الآن الى لمّ شمل بيئتها، تحتاج المقاومة الى اعادة صفوفها ، تحتاج المقاومة الى حماية الضاحية الجنوبية، وتحتاج المقاومة الى لم شمل البيئة ومحاولة اعادتهم الى قراهم، وتحتاج المقاومة الى دفع الحكومة اللبنانية كي تقوم باتصالاتها مع دول العالم ، على اساس ان حجة الصهيونية في وحدة الساحات بين غزة ولبنان ليست قائمة فعليا، بل الحرب حاصلة على لبنان، بينما غزة اصبحت مدمرة وان وحدة الساحات ليست قائمة حاليا، وساحة الوغل الفعلية هي ساحة الحرب على لبنان، بكل بقاعه وارضه وجنوبه وعاصمته والضاحية الجنويبة ومناطق القرى، والمدن الشيعية في كسروان والمتن الشمالي وقضاء جبيل وشمال لبنان.

 

على كل حال، ومهما يكن فان حربنا مع الصهيوني هي حرب اجيال، وهي حرب وجود، وقد بدأت منذ 150 سنة عندما بدأت الصهيونية تحضّر في مؤتمرات سويسرا للمخطط، ودفعت اموالا من ليرات ذهب للسلطنة العثمانية، ثم دفعت لبريطانيا حيث اصدر وزير خارجيتها الوعد المشؤوم وعد بلفور، بان تكون فلسطين دولة لليهود. ثم حصلت نكبة 48 ، ومنذ ذلك الوقت الى اليوم تكبدت المقاومة خسائر، الى حرب 1982 حيث اخرجت جيش العدو الاسرائيلي من كامل الاراضي اللبنانية، الى حرب 2006 اصبحت «اسرائيل» تريد وقف اطلاق النار وتضغط عليها الولايات المتحدة لاكمال الحرب.

 

لذلك، فحربنا مستمرة مع الصهيونية لو سعينا الى وقف اطلاق النار، ليس عن خوف من العدو، بل التحضير للحرب المقبلة، التي سنكون مستعدين لها بكل معنى الكلمة.