Site icon IMLebanon

إسرائيل و»حزب الله» يتبادلان إطلاق النار رغم الاتفاق

 

إفرات ليفني- نيويورك تايمز

 

 

دخلت اتفاقية لإنهاء القتال بين إسرائيل و»حزب الله» في لبنان حيّز التنفيذ يوم الأربعاء الماضي، لكن سرعان ما ظهر العديد من الادّعاءات بخرق وقف إطلاق النار من كلا الجانبَين. على رغم من أنّ الجانبَين استمرّا في تبادل إطلاق النار، إلّا أن ذلك تمّ بوتيرة أقل كثافة، ممّا أثار تساؤلات حول مدى استدامة الهدنة.

لا أحد يقول إنّ الاتفاق انهار

أوضح آرون ديفيد ميلر، الباحث الأول في مؤسسة كارنيغي والمحلّل والمفاوض السابق لشؤون الشرق الأوسط في وزارة الخارجية الأميركية: «تعاملتُ مع اتفاقيات وقف إطلاق النار في لبنان لعقود، ولم يكن هناك أي اتفاق لوقف إطلاق النار لم يتمّ خرقه في البداية».

واقترح أنّ السؤال الحقيقي هو ما إذا كانت الأطراف لديها الإرادة لاستيعاب الانتهاكات، وممارسة ضبط النفس خلال المرحلة الأولية التي تستمر 60 يوماً.

كلا الطرفَين يدّعيان وقوع انتهاكات

في بيانات صادرة خلال عطلة نهاية الأسبوع، أعلنت القوات الإسرائيلية أنّها نفّذت ضربات لمعاقبة انتهاكات وقف إطلاق النار، بما في ذلك قتل مقاتلين من «حزب الله» وقصف منشآت تابعة للجماعة.

ويوم الاثنين، صرّح «حزب الله» – وأكّدت إسرائيل – بأنّه أطلق ذخائر على منطقة الحدود المعروفة بمزارع شبعا رداً على سلسلة من الانتهاكات الإسرائيلية لوقف إطلاق النار، بما في ذلك غارات جوية وإطلاق نار خلال الأيام السابقة. كانت هذه هي المرّة الأولى منذ بدء وقف إطلاق النار التي أطلق فيها «حزب الله» النار على أرض تحت السيطرة الإسرائيلية.

ويطالب كل من لبنان وإسرائيل بمزارع شبعا كجزء من أراضيهما. وأعلن «حزب الله» أنّ الضربة كانت بمثابة تحذير.

ووصف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضربة «حزب الله» بأنّها «انتهاك خطير لوقف إطلاق النار»، وتعهّد في بيان يوم الاثنين بأنّ إسرائيل «ستردّ بقوة».

بعد الضربة على مزارع شبعا، أعلنت القوات الإسرائيلية أنّها قصفت أهدافاً في لبنان. وأسفرت الضربات الإسرائيلية يوم الاثنين، بما في ذلك تلك التي جاءت رداً على أفعال «حزب الله»، عن مقتل ما لا يقلّ عن 11 شخصاً، بحسب وزارة الصحة اللبنانية التي لا تميّز بين المدنيّين والمقاتلين.

ما الذي ينص عليه اتفاق وقف إطلاق النار؟

حتى مع استمرار الضربات، يبدو أنّ الهدنة الهشة لا تزال قائمة، ويرى الخبراء أنّها قد تصمد.

بموجب شروط الاتفاق، الذي توسطت فيه الولايات المتحدة وفرنسا، أمام إسرائيل 60 يوماً لسحب قواتها من لبنان، بينما من المفترض أن يتراجع «حزب الله» شمال نهر الليطاني، ممّا يترك منطقة عازلة في جنوب لبنان بين الجماعة المسلحة وحدود إسرائيل الشمالية. ومن المفترض أن يتولّى الجيش اللبناني، الذي ليس طرفاً في الصراع، الإشراف على الأمن هناك.

ومن المتوقع أن يتمّ الانسحاب الإسرائيلي على مراحل. ولم يتمّ بعد تحديد التفاصيل، إذ من المفترض أن يتمّ التفاوض بشأنها مع الجيش اللبناني والإشراف عليها من قِبل لجنة دولية برئاسة الولايات المتحدة.

وأكّد المسؤولون الإسرائيليّون مراراً وتكراراً أنّه خلال تلك الفترة، سيردّون على أي استفزازات، ونصحوا المدنيّين بعدم العودة بعد إلى جنوب لبنان.

وأوضح ميلر أنّ الفترة الانتقالية أُدرجت في الاتفاق لسبب وجيه: «من المتوقع حدوث مشاكل وعقبات وانتهاكات» في الأيام الأولى – ولا أحد يمكنه أن يجزم ما إذا كان ذلك سيؤثر على استدامة الاتفاق.

وأضاف: «إذا أمكن تجاوز فترة 60 يوماً من دون انهيار الاتفاق، فإنّ ذلك سيخلق فترة توقف استراتيجي»، قد تثبت قابليّتها للاستمرار على المدى الطويل.

هل يمكن للاتفاق أن يصمد على رغم من الانتهاكات؟

ترى جينيفر كافاناغ، الباحثة البارزة ومديرة التحليل العسكري في معهد «ديفينس بريورتيز» في واشنطن، أنّ الادّعاءات الأولية بوقوع خروقات تُظهر هشاشة الاتفاق وصعوبة تنفيذ الاتفاقيات بموجب القانون الدولي بشكل عام، مضيفةً أنّ: «توقيع الاتفاق شيء، وتنفيذه شيء آخر تماماً».

بموجب شروط الاتفاق، يمكن لكل من إسرائيل ولبنان ممارسة حقهما في الدفاع عن النفس، طالما أنّ ذلك يتمّ وفقاً للقانون الدولي. لكنّ التفاصيل وآليات التنفيذ لا تزال غامضة.

من المفترض أن تلعب الولايات المتحدة وفرنسا، إلى جانب الأمم المتحدة، دوراً في تقييم الانتهاكات. لكن ليس من الواضح ما إذا كانت أي آليات قد أصبحت جاهزة بالكامل حتى الآن، أو كيف من المفترض أن تعمل.

وأكّد قادة إسرائيل أنهم سيفرضون الاتفاق عسكرياً، بحجة أنّ حتى الانتهاكات الصغيرة قد تشجّع الجماعة المسلحة اللبنانية.

على رغم من الشكوك، أشار الخبراء إلى أنّ حقيقة توصّل إسرائيل ولبنان إلى اتفاق، وأنّ «حزب الله»، المدعوم من إيران، أكّد إنّه سيلتزم بالشروط، تُظهر أنّ – في الوقت الحالي – جميع الأطراف ترى فائدة في وقف التصعيد.

وأوضحت كافاناغ، أنّها تتوقع حدوث انتهاكات وإخفاقات، لكنّها لم تكن متشائمة تماماً، لأنّ جميع الأطراف «لديها دوافع لإنجاح الاتفاق».

وعلى رغم من أنّ الصراع قد لا يتمّ حلّه على المدى الطويل، نصح ميلر بعدم التأثر المفرط بالعناوين اليومية عن الانتهاكات. وأضاف: «في الوقت الحالي، سيتمّ قياس الالتزامات على مدى فترة شهرَين».