Site icon IMLebanon

هوكشتاين في “تلّ أبيب” بعد إحراز التقدّم الكبير… وتفاؤل حذر بالتوصّل الى اتفاق لوقف النار قريباً 

 

هل سيُنجز اتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان و “إسرائيل” قريباً، خلال زيارة المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين الى لبنان و”تلّ أبيب” (منذ مساء الأربعاء وحتى الساعة)، أم ستذهب جهود الإدارتين الأميركيتين الحالية والجديدة سدى، في حال أفسد رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو التقدّم الذي أحرزه هوكشتاين في الداخل اللبناني على مدى يوم ونصف (الثلاثاء والأربعاء)؟ من الواضح أنّ التوصّل الى هذا الاتفاق استلزم بقاء المبعوث الأميركي في بيروت لأكثر من يوم لمتابعة مناقشة الملاحظات اللبنانية على مسودة المقترح الأميركي على بندين أساسيين. كما ارتأى إجراء زيارة الى كلّ من رئيس حزب القوّات اللبنانية سمير جعجع في معراب (مساء الثلاثاء)، ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الرابية (صباح الأربعاء) لإطلاعهما على مسار المفاوضات غير المباشرة، ولكيلا يُقال في حال موافقة “تلّ أبيب” على الاتفاق والتوقيع عليه بأنّه جرى “تغييب” الطائفة المسيحية، رغم لقاء هوكشتاين قائد الجيش جوزف عون في كلّ زيارة له الى بيروت.

 

وتمحورت المناقشات الأخيرة في لبنان، على ما تشير مصادر سياسية واسعة الإطلاع، حول نقطة “حقّ الدفاع عن النفس لكلّ من لبنان و “إسرائيل””، لكيلا تنفّذها هذه الأخيرة على هواها ومتى تشاء. وحصلت بعض المشاورات في مقرّ السفارة الأميركية مع مستشار برّي، علي حمدان بهدف تدوير الزوايا، قبل عودة هوكشتاين للقاء برّي للمرة الثانية في عين التينة على مدى ساعة. وكلّ بند في المسودة جرى الاتفاق عليه، كان هوكشتاين يُجري اتصالاً مع “تلّ أبيب” للتأكيد على الموافقة عليه، قبل الانتقال الى بند آخر. ما أشار الى ارتفاع منسوب التفاؤل، والحديث عن أنّ الاتفاق قد أُنجز بنسبة 80 %.

 

وذكرت المعلومات أنّ ردّ لبنان وصل الى الإدارة الأميركية قبل مجيء هوكشتاين الى بيروت، والردّ اللبناني تبلّغته “تلّ أبيب” قبل وصوله اليها مساء أمس. ويبقى انتظار المناقشات التي سيجريها هناك اليوم الخميس، وإذا ردّ نتنياهو سيكون إيجابياً أم لا، ويوافق على ورقة لبنان أم لا. وتلفت المصادر الى أنّ نتنياهو مستعدّ للموافقة على الاتفاق، بحسب المعطيات، لا سيما مع وجود دور عسكري أميركي لتنفيذ بنود هذا الاتفاق. فبالنسبة لبند لجنة الإشراف على مراقبة تطبيق الاتفاق، والتي طالب لبنان بأن تكون ثلاثية، على ما كانت عليه، أي مؤلّفة من لبنان و “إسرائيل” و “اليونيفيل”، والتي انضمّت اليها كلّ من الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا، وتردّد أنّ لبنان أبدى مرونة بانضمام بريطانيا اليها دون ألمانيا، فتُصبح سداسية، بدلاً من كونها خماسية، من دون تأكيد هذا الأمر، فيكفي من وجهة نظر “إسرائيل” أن يكون من ضمنها جنرال أميركي، لأنّه سيكون حريصاً على مصلحتها، وضمان تنفيذ الإتفاق. ما يعني أنّها تراجعت عن وجود بريطانيا وألمانيا ضمنها.

 

وثمّة أسباب عديدة تجعل نتنياهو يوافق على هذا الاتفاق، وسيجد حتماً تبريرات لبعض الأمور لتنفيذ الاتفاق. لعلّ أبرزها ما يجري الترويج له الى تحقيق إنجاز كبير وهو فصل جبهة لبنان عن جبهة غزّة، في الاتفاق الذي يسعى هوكشتاين الى التوصّل الى التوقيع عليه من قبل لبنان و”إسرائيل”، وتحديد موعد لوقف النار بين الجانبين. ولكن لا يزال هناك تعنّت “إسرائيلي” في موقف نتنياهو حول الشرط الذي يريده ويتعلّق بحرية عمل السلاح الجوّي فوق الأراضي اللبنانية، بهدف الردّ على أي انتهاك لوقف إطلاق النار من قبل حزب الله أو لبنان، في حال لم تتمّ معالجة الأمر من قبل لجنة الإشراف، بحسب الآلية الموضوعة للتنفيذ. وتكشف المصادر أنّ الولايات المتحدة تقدّم لـ “إسرائيل” في هذا الإطار، ضمانة حرية التصرّف في لبنان عبر المستند المصحوب بالاتفاق. في الوقت الذي تودّ فيه “إسرائيل” أن يكون بنداً ضمن اتفاق التسوية، في ظلّ رفض لبنان القطعي للمساس بسيادته.

 

من هنا، يُنتظر اليوم ما سيكون عليه الردّ “الإسرائيل”، وإذا ما كان خفّض نتنياهو سقف مطالبه، من أجل التوصّل الى اتفاق يريده اليوم أكثر من أي يوم آخر رغم انتصاراته التي يتحدّث عنها. علماً بأنّ وصول هوكشتاين الى “تلّ أبيب” مساء الأربعاء يعني حصوله على الموافقة المبدئية على التسوية من جميع الأطراف، وإلّا لما زارها بعد زيارته لبيروت. من هنا فالتفاؤل كبير بقرب إنجاز الاتفاق بين لبنان و”إسرائيل”، على ما تذكر المصادر، غير أنّ الحذر يبقى سيّد الموقف الى حين حصول هوكشتاين على الردّ النهائي من نتنياهو. وقد قال الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم في كلمته التي أُجّلت الأربعاء الى ما بعد ظهر أمس الخميس، وتزامنت مع اختتام زيارة هوكشتاين الى بيروت، بأننا “موافقون على وقف إطلاق النار، وأبلغونا أنّ “الإسرائيلي” موافق… ولكن وقف النار مرتبط بالردّ “الإسرائيلي” وبجدية نتنياهو”.

 

وبالعودة الى الأسباب التي ستُرغم نتنياهو على القبول بالتسوية، وفق المصادر السياسية نفسها، فهي كثيرة أبرزها:

 

1″- وجود مليون نازح “إسرائيلي” اليوم، بعد أن كان عددهم 130 ألف نازح. فضلاً عن مغادرة 700 ألف مهاجر. كما استمرار القصف على حيفا و “تلّ أبيب” من قبل حزب الله، ما يهدّد السكّان الباقين فيها، رغم ما يجري الحديث عنه من إنجازات أغلبها يصبّ في إطار تدمير القرى والبلدات وقتل المدنيين واغتيال قادة المقاومة.

 

2″- مغادرة 1300 شركة مختلف المناطق “الإسرائيلية” منذ بداية الحرب على غزّة ولبنان، في ظلّ تدهور الوضع الاقتصادي بشكل كبير لولا الدعم الأميركي.

 

3″- مواجهة الجيش الاسرائيلي مشاكل كثيرة في محاولات التوغّل البرّي داخل لبنان. وهناك حاجة ضرورية لانهاء القتال لأن لديه عدد كبير يومياً من القتلى والجرحى في صفوف الجيش.

 

4″- تريد “إسرائيل” تنفيذ مخطّطاتها في غزّة، وإبقاء الجيش “الإسرائيلي” فيها، مع عدم معرفة مصير 101 أسير لدى حركة حماس حتى الساعة. ولهذا تُفتّش عن توقيع اتفاق لوقف إطلاق النار مع لبنان.

 

علماً بأنّ التفاوض شمل أيضاً نقاط عدّة تمحورت، وفق المعلومات، حول توقيت عودة السكّان النازحين الى ديارهم من الجانبين، وتثبيت الحدود البريّة انطلاقاً من الحدود الدولية المعترف بها وليس الخط الأزرق الذي هو خط إنسحاب. فهل بتنا قريبين من اتفاق وقف إطلاق النار، خلال الأيّام والأسابيع المقبلة، رغم كلام وزير الأمن “الإسرائيلي” على أنّ الشرط الأساسي لأي اتفاق هو الحفاظ على القدرة الاستخباراتية في لبنان وحقّ الجيش في التصرّف لدى أي انتهاك لوقف إطلاق النار، ومع تأكيد المتحدّث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر أنّ “الاتفاق بات في متناول اليدّ”؟!