Site icon IMLebanon

هل تمنع لجنة المراقبة “الإسرائيلي” من البقاء لحظة واحدة في القرى الحدودية بعد انقضاء مهلة الـ 60 يوماً؟ 

 

بدأ الجيش اللبناني بانتشاره في بلدة الخيام- مرجعيون منذ أيّام، وتمركز في 5 مواقع، ضمن إطار المرحلة الأولى من الانتشار في المنطقة الجنوبية، بعدما قامت قوات “اليونيفيل” بالتأكد من انسحاب القوّات “الإسرائيلية” منها، في الوقت الذي لا تزال هذه الأخيرة تُسجّل انسحاباً بطيئاً من البلدات اللبنانية، التي دخلت اليها خلال الفترة الماضية. كما ّتستمرّ “إسرائيل” في خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار الذي وافقت عليه، من دون أن يتمّ تحذيرها بشكل جدّي وصارم من قبل لجنة المراقبة على تنفيذ الاتفاق، سيما أنّ ما تقوم به في القرى الحدودية لا علاقة له ببند “حقّ الدفاع عن النفس”… ولهذا دعا رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي أمس من بلدة الخيام “لجنة المراقبة الى أن تقوم بالضغط على العدو “الإسرائيلي” لوقف خروقاته ووقف الدمار، والانسحاب من الأراضي التي توغّل فيها في الفترة السابقة”.

 

مصادر سياسية مطّلعة تحدّثت عن أنّ اتفاق وقف إطلاق النار واضح، لجهة تسلّم الجيش اللبناني زمام الأمور في الجنوب، من خلال انتشاره في المواقع التي دخلها “الإسرائيلي”، وعليه أن يُخليها في أسرع وقت ممكن، لا أن يواصل خروقاته فيها على ما يفعل تحت أنظار لجنة المراقبة، من دون أي رادع. وقد أظهر الجيش جهوزيته من خلال بدء انتشاره في القرى الجنوبية، منذ موافقة الحكومة اللبنانية على الاتفاق، و “ممنوع أن يكون هناك عائق أمام الجيش اللبناني، للقيام بواجبه كاملاً، والمماطلة الحاصلة هي من العدو الاسرائيلي”، على ما أوضح ميقاتي خلال جولته امس الاثنين في بلدة الخيام برفقة قائد الجيش العماد جوزف عون. وهذا يعني أنّه على لجنة المراقبة منع “الإسرائيلي” من البقاء لحظة واحدة بعد انقضاء مهلة الـ 60 يوماً التي حدّدها الاتفاق لانسحابه من القرى الحدودية الجنوبية، لا بل عليه تنفيذ الانسحاب قبل انقضاء هذه المدّة.

 

وتثير مماطلة “الإسرائيلي” في تنفيذ الانسحاب، بعض الشكوك والمخاوف حول المستقبل الأمني والسياسي في المنطقة، على ما تضيف المصادر، سيما أنّ ثمّة أسبابا أمنية واستراتيجية عديدة، قد يتذرّع بها للبقاء في بعض القرى الحدودية، والقيام بانسحاب جزئي من بعض المناطق، على ما فعل في بلدة الخيام إذ بقي في قسم منها، الأمر الذي يخالف اتفاق وقف النار، والقرارات الدولية، والقانون الدولي. ومن هذه الأسباب:

 

1- أسباب أمنية: قد يدّعي “الإسرائيلي” أّنّ وجوده في بعض القرى الحدودية، قد يمنحه القدرة على الحفاظ على السيطرة على النقاط الحسّاسة، التي قد تشهد هجمات من جماعات مسلّحة، من وجهة نظره. لِذا، فإنّ الانسحاب الكامل من تلك القرى، قد يُنظر إليه على أنّه قد يهدّد الأمن “الإسرائيلي”، سيما إذا لم يُعطَ ضمانات كافية حول استقرار الوضع الأمني في المنطقة. ولهذا يتحدّث عن “المستند” الذي “شرّع” له “حرية التحرّك في لبنان”.

 

2- التكتيك العسكري: قد يعتمد “الإسرائيلي” على سياسة “الضغط” أو “المناورة” على الأرض في إطار التكتيك العسكري، بحيث يهدف إلى الاستفادة من الوضع الميداني لتحقيق أفضل نتيجة في المفاوضات غير المباشرة المقبلة. ومن خلال تأخير الانسحاب، قد يسعى جيش الاحتلال إلى ممارسة ضغط على الجهات الدولية، أو على السلطات اللبنانية لتحقيق مكاسب ما على الأرض. وقد يكون هذا التكتيك جزءاً من استراتيجية “إسرائيلية” تهدف إلى تأخير أي تقدّم ديبلوماسي، يتطلب انسحاباً كاملاً من الأراضي اللبنانية المحتلّة، لا سيما من مزارع شبعا (التي قيل انّ رئيس الحزب “التقدّمي الاشتراكي” السابق وليد جنبلاط قد أهداها الى النظام الجديد في سوريا، خلال زيارته الأحد الى دمشق على رأس وفد درزي ديني وسياسي. علماً أنّها ليست ملكه بل ملك المواطنين اللبنانيين)، وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر، كونها أراضي لبنانية بحسب الاتفاقيات الدولية والخرائط المصحوبة بها.

 

3- التوتّرات الإقليمية: قد يجد “الجيش الإسرائيلي” نفسه في موقف صعب في حال انسحب بشكل كامل من القرى الحدودية، في ظلّ التوتّرات الإقليمية التي تشهدها بعض دول المنطقة، سيما في حال وجود فراغ أمني، قد تستغلّه أطراف معادية. ولهذا يأخذ وقته، لأنّه يرى أنّ أي انسحاب مفاجئ أو غير منسق قد يؤدي إلى تصعيد الوضع.

 

4- الاستراتيجية في التعامل مع لبنان: لطالما تبنّت “إسرائيل” سياسة التشكيك في قدرة الدولة اللبنانية على تأمين حدودها بشكل كامل.

 

5 – الأبعاد الدولية والمفاوضات: قد يرتبط بقاء القوّات “الإسرائيلية” في بعض القرى الحدودية بمفاوضات أو ضغوط دولية. وتزداد هذه الضغوط على “إسرائيل” في بعض الأحيان من المجتمع الدولي لتسوية الأمور مع لبنان بشكل كامل. وفي هذا السياق، يمكن أن يكون التأخير في الانسحاب جزءاً من استراتيجيات “إسرائيلية”، تتعلّق بانتظار مزيد من الضمانات الدولية بشأن استقرار الوضع الأمني في الجنوب اللبناني. ومن هنا، قد تكون عملية الانسحاب مشروطة بتفاهمات إقليمية ودولية مع الأطراف المعنية.

 

6- المقاومة الشعبية والضغوط الداخلية: إنّ المماطلة في الإنسحاب قد تكون أيضاً استجابة للضغوط الداخلية في “إسرائيل”. فقد تُعارض فئات من المجتمع الإسرائيلي الانسحاب الكامل من المناطق الحدودية ،لأنّها ترى أنّ هذا الأمر قد يعرض الأمن القومي للخطر.

 

غير أنّ جميع هذه الأسباب التي تتذرّع بها “إسرائيل”، لا ينصّ عليها اتفاق وقف النار، على ما تؤكّد المصادر السياسية، ولهذا فإنّ “إسرائيل” ستكون مرغمة على تنفيذ بنوده، ولا سيما بند الانسحاب من الأراضي التي دخلت اليها أخيراً، وصولاً الى تنفيذ الانسحاب الكامل من الأراضي اللبنانية المحتلّة تطبيقاً للقرار 1701. وتلفت المصادر هنا، الى أنّ الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين قد يزور لبنان والمنطقة، قبل تسلّم الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة في البيت الأبيض في 20 كانون الثاني المقبل، لمواكبة تنفيذ اتفاق وقف النار الذي عمل عليه، قبل انتهاء مهامه الديبلوماسية والسياسية.