ظريفةٌ هذه المعادلات:
“حزب اللّه” يفتح النار ولبنان يهرول لوقف النار.
“حزب اللّه” يستعدّ، بالمناورات، تحت شعار “سنعبر”، وإسرائيل تردّ بـ “العبور “، فتدمِّر خط الدفاع الأول الذي أنشأه “حزب اللّه” في منطقة عمليات قوات الطوارئ الدولية، وخط الدفاع الثاني، في المنطقة ذاتها، وتدمِّر الأنفاق التي عثرت عليها في القرى والبلدات التي دخلت إليها.
معادلة ثالثة، “حزب اللّه” يفوِّض إلى “الأخ الأكبر”، رئيس مجلس النواب نبيه بري، التفاوض، لكن “الأخ الأكبر” ملزمٌ بالعودة إليه عند كل شاردة وواردة، فأين التفويض في هذه الحال؟
معادلة رابعة، غالباً ما جرى التشكيك بالموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكستين، وكانت تصدر مواقف تعتبره أنه مفاوض منحاز إلى الدولة العبرية، وبلغ التشكيك به في إحدى المرات أن اتُهِم بأنه أعطى ضمانات بعدم قصف الضاحية الجنوبية والعاصمة بيروت، لكنه أخلَّ بهذه الضمانات.
في المقابل، كلما كان يتأخر هوكستين في المجيء إلى لبنان، تُثار الشكوك لدى مفاوضيه من الجانب اللبناني، وفي كل مرة، كانوا يستعجلون عودته!
معادلات أقلّ ما يُقال فيها إنها فارغة ومفككة وتثير السخرية، لكن هذا لا يمنع أنها كانت وما زالت موجودة، وخطورتها أنها إذا استمرّ العمل فيها، فستوصل إلى النتائج السلبية ذاتها التي سبق ووصلت إليها.
في هذه الحال، كيف يمكن الخروج من هذا المأزق؟
ليست هناك سوى مقاربة واحدة، وهي أن تتسلَّم الدولة اللبنانية زمام التفاوض، لا “الأخ الأكبر” ولا “الأخ الأصغر” بعدما ثبت أن آلية التفاوض التي اعتُمِدَت كانت فاشلة لأنها لم تكن شفافة، فالمفاوِض الحقيقي كان الجمهورية الإسلامية في إيران وليس “حزب اللّه”، ومن هنا تُفهَم كثافة الزيارات التي قام بها مسؤولون إيرانيون للبنان في فترات التفاوض، ليثبت أن جلّ الاهتمام الإيراني يتعلق بالملف النووي أكثر من الحرص على لبنان، بدليل استخدامه كورقة تفاوض مع الجانب الأميركي، لكن هل تنبّه الإيراني أن ورقة لبنان احترقت في يده ولم يعد بإمكانه استخدامها؟