وقّع حزب لله على كل ما كان لا يمكن أن يقبل به قائده التاريخي السيد حسن نصرالله!
فهو وقّع على فصل الحرب عن غزة. وهو وقّع على «القبول ببقاء نهر الليطاني في مكانه»، والانسحاب الى شماله، وعلى القبول بتدمير أنفاقه.
وهو وقّع على التعهد بعدم مهاجمة إسرائيل.
وهو وقّع على الموافقة على منع استيراده أو تصنيعه للسلاح، في كل لبنان.
وهو وقّع على حق إسرائيل بالدفاع عن نفسها، وبالتالي على حقها باستهداف لبنان عندما تشاء، معترفاً ضمناً، مرةً جديدةً، بوجود دولة إسرائيل، ومطبعاً بذلك معها من جديد، بعد عملية ترسيم الحدود البحرية!
ما يعني أن إسرائيل قد حصلت بوقف النار أكثر مما حصلت عليه بالنار!
وهي حصلت على ما أرادت لجهة الـ 1701+. وهو أبعد بكثير من الـ 1701، كما تنص بنود اتفاق وقف النار.
ولكن للأسف، فإن هذا الاتفاق يبقى هشّاً، بسبب الصعوبات التي ستواجه تنفيذه، وبسبب التخوّف من «التذاكي» عليه، وبالتالي عدم الالتزام به وبتطبيق بنوده!
فالعبرة هي في التنفيذ، وفي التزام حزب لله بتوقيعه، وبالشروط القاسية المنصوص عليها في بنود الاتفاق، انطلاقاً من مرحلة الـ 60 يوماً.
وما قد يعقّد الأمور مستقبلاً هو محاولة حزب لله تكرار سلوكه تجاه الـ 1701 بعد حرب تموز 2006! وهو ما يعطي إسرائيل هذه المرة، بموافقة حزب لله على بنود الاتفاق «حق الدفاع عن النفس»… عندما تشاء، وعسكرياً!
وطبعاً مع ضرورة التزام إسرائيل بتطبيق الاتفاق من جهتها، وهي التي كانت في السابق قد خرقت القرار 1701 آلاف المرات.
ماذا يريد رعاة الاتفاق؟
في الواقع، سيعمل المبعوث الفرنسي جان إيف لودريان اليوم في بيروت باسم عرابي الاتفاق، وبإشراف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والرئيس الأميركي جو بايدن في أيام ولايته الأخيرة على 6 أمور أساسية. وهي:
1- تثبيت وقف النار. وهو سيتعرّض على الأرجح لخروقات عديدة.
2- إقناع حزب لله بضرورة الالتزام بنص الاتفاق، مع بنوده القاسية جداً عليه.
3- تعريز قدرات الجيش اللبناني. وخاصة لجهة تفكيك حزب لله في جنوب الليطاني واستكمال تفكيك الأسلحة والأنفاق. ومنع حزب لله من إعادة التسلح، ومن استيراد الأسلحة وتصنيعها في لبنان.
4- دعم الوضع الاقتصادي في لبنان، لعودة الحياة الطبيعية.
5- انتخاب رئيس للجمهورية. وهو مدخل عودة المؤسسات.
6- العمل على تشكيل لجنة المراقبة لتنفيذ الاتفاق، التي ستشارك فيها كل من الولايات المتحدة وفرنسا.
يضع اتفاق وقف النار لبنان على سكة السلام بشرط الذهاب الى هذا السلام بخطوات فعلية وجديّة، وبشرط الالتزام ببنوده. وإلّا فإن الاتفاق يسقط ويتوجه لبنان الى جولة حرب جديدة.
الكرة الآن في ملعب حزب لله لتأكيد التزامه ببنود الاتفاق، ولمساهمته في بناء الدولة بالمساواة مع كل اللبنانيين، وفقاً لمصالح لبنان، وليس لمصلحة المحور الإيراني.
ولكن الكرة هي خاصةً في يد اللبنانيين جميعاً، بمن فيهم جمهور حزب لله، للضغط المحلي والدولي للوصول الى حصر السلاح في يد الجيش اللبناني وحده والتوجه نحو بناء جيش قوي ونحو بناء دولة مواطنة مدنية قوية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ومالياً، انطلاقاً من عودة كريمة للمهجرين الى بيوتهم.
فإما أن ينجح الشعب اللبناني بفرض وقف النار وبفرض السلام على الجميع! وإما «فالسلام على الجميع»!