IMLebanon

«سيدر» الإصلاح قبل الأموال  

 

عاد الحديث عن «إصلاح» و»خفض العجز» وهو في الحقيقة مجرّد «مجاراة» لرغبات أيمانويل ماكرون الواضحة، لا أموال من سيدر من دون خطوات لبنانية جديّة لا صوريّة، إلا أنّ الحقيقة اللبنانيّة المؤلمة أنّه ليس في المستطاع أكثر من «ادّعاء» إصلاح مستحيل!!

 

أمّا اليوميّات اللبنانيّة، فحدّث ولا حرج، تتصاعد الأزمة الاقتصادية الداخليّة وتشتدّ، لا يحتاج اللبناني لا إلى تقارير إخباريّة ولا تحليلات ولا تطمينات مصرفيّة ولا لإثارة قلقه ومخاوفه ولا لطمأنته وبثّ التفاؤل من حوله، اللبناني «ابن سوق»، الدورة الاقتصاديّة ماتت فماذا أنتم فاعلون؟ والواقع قد يكون أسوأ بكثير ممّا يُتصوّر!

 

«الآن حصحص الحقّ»، الحديث «المستعاد» عن إنقاذ البلد، أو خطط النهضة بالاقتصاد المنهار التي يعدون بها اللبنانيّين، كلّهم لا يملكون لها مشروعاً حقيقيّاً ولا حتى في أضعف الإيمان خطّة طوارىء لمواجهة الواقع الصعب، نحن أمام منظومة حكم تتخبّط في رمال متحركة تغرق فيها شيئاً فشيئاً وتغرق معها البلاد، ويبدو أنه قد حكم على لبنان والحكم فيه أن يبقى يدور في حلقة ردود الفعل والعجز عن الإتيان بأي فعل حقيقي!!

 

لن تجد الحكومة في الأيام المقبلة ما تستطيع أن تشغل به الشعب اللبناني عن الواقع المأساوي الذي بلغته البلاد، فلم يعدّ سرّاً أو خفيّاً أنّ هذه دولة مفلسة أخلاقياً وسياسياً منذ زمن بعيد، وأنّه قد حان وقتها الطبيعي لتصبح مفلسة إقتصادياً، لم تعد مجدية أبداً محاولات تسكين المخاوف الجديّة التي تعصف بأذهان اللبنانيّين الذين يتمسكون حتى اللحظة بصمتهم لأنّهم لا يملكون إلا إلتزام الصمت، أمّا عن كيفية الخروج من المأزق الاقتصادي فهذا السؤال يقضّ مضاجع اللبنانيّين ويطرحون حوله ألف علامة استفهام كبيرة وصغيرة، فماذا بعد، وهل هناك من ينهض بإعلان خطة طوارىء واضحة للبنانيين على طريق إنقاذ ما يمكن إنقاذه من بقايا البلد؟!

 

وكأنّه لا يوجد في بلادنا ذوي اختصاص لإعداد دراسات وافية لهكذا أزمة بكلّ فروعها وتفرّعاتها، أو كأنّه لا يوجد فيه أصحاب اهتمام واطّلاع يشرحون لهذا الشعب المسكين الضائع ما هي ضرورات المرحلة التي نمرّ بها، وكيف سنعبرها، وما هي الخطوات والخطط التي علينا التزامها لنخرج من هذه الأزمة، الارتجال الهزيل!!

 

لحظة المواجهة آتية لا محالة، أكبر مخاوفنا أن نجد أنفسنا أمام حقيقة واحدة «على البلد السلام»، الأيام المقبلة على اللبنانيين مقلقة جداً، ليس لأنّه مقلقة، بل لأننا نتعايش مع مسؤولين في السلطة لا يملكون خطط عمل كتلك التي تضعها الدّول التي تحترم نفسها وشعوبها لمواجهة الأزمات الطارئة، بلد لم تتعامل فيه الدّولة يوماً مع مواجهة الواقع بل هربت من الاستحقاقات إلى التأجيل، فأجّلت وأجّلت حتى وصلنا إلى المصير المحتوم!

 

من المؤسف أيضاً، أنّه حتى اليوم لم يكلّف مسؤول واحد منهم أن يتحمّل مسؤولياته وخاطب الشعب اللبناني شارحاً الواقع الصعب والسّبل المتاحة لمعالجته، أليس من حقّنا كمواطنين أن يضعنا المسؤول في صورة ما يحدث وما هو متوقّع أن يحدث، ولماذا هذا الإصرار على مخادعة الشعب اللبناني والاستمرار في ممارسة الكذب عليه، وتحميله أعباء كل ارتكابات المسؤولين طوال العقود الماضية؟!