لم تُعلن قوى «14 آذار» حتّى الساعة برنامجَ إحتفالها أو حتّى تفاصيل إحياء ذكرى ثورة الأرز الإثنين المقبل، مع الإشارة الى أنّ 14 آذار 2005 كان يوم إثنين، وبعد 11 عاماً تُصادف هذه الذكرى في اليوم نفسه.
عندما تَسأل أحد كوادر «14 آذار» الكبار، كيف ستحتفلون بهذه المناسبة الوطنيّة، وتستعيدون روح الثورة، يجيب مستغرباً: «إحتفال؟ عن أيّ إحتفالٍ تتكلّم، ليش في هيك شي». وعندما توضح له أنّ الإستفسار هو عن مكان إحياء الذكرى، يقول: «بعد مش مقرّرين شي، بهاليومين بتبيّن الأمور».
يختصر القيادي المذكور التخبّط الذي تعيشه قوى «14 آذار» التي لم يعد يجمعها شيء سوى الضرورة وإلتقاط الصورة، أو ربّما باتت تشبه الزوجين اللذين مات الحبّ بينهما لكنهما لا يستطيعان الطلاق، لأنّهما موارنة، والطلاق الماروني لا يتمّ بهذه السهولة، لكنّ الإنفصال النهائي مسألة وقت.
لا يستطيع أحد من مكوّنات هذا الفريق إخفاءَ ما أحدثه التباين بين «القوّات اللبنانيّة» وتيار «المستقبل» في الملفّ الرئاسي من أزمة داخل «14 آذار»، حيث إنه بعد إنسحاب الحزب التقدّمي الإشتراكي، بات تيار «المستقبل» و»القّوات» هما العامود الفقري للحركة الإستقلالية. وبعد الخضّة الرئاسيّة، إنهارت هيكلية هذه القوى التي كانت تجتمع تحت عنوان الأمانة العامة وتضمّ أحزاباً وشخصياتٍ مستقلّة أخرى.
وإذا كان الإتجاه الغالب لإقامة الذكرى في «بيت الوسط»، حيث يقتصر الحضور على القياديّين والشخصيات البارزة، إلّا أنّ التباينات لم تسمح حتّى الساعة بوضع الخطوط العريضة، أو الإعلان الرسمي عن مكان اللقاء وموعده. وفي المعلومات أنّ «الخلافات الرئاسيّة والتضعضع في صفوف «14 آذار» يقفان عائقاً أمام إقامة هذه الذكرى، وحتّى الساعة لم تنجح كل الإتصالات في إقناع قيادات «14 آذار» بحضور الإحتفال والظهور بصورة موحّدة، وهو ما صعَّب مساعي الأمانة العامة لهذه القوى».
وفي وقت يتردَّد في الأروقة أنّ هناك إعتراضات عدّة برزت أيضاً بسبب إقامة الذكرى في «بيت الوسط»، بينما يجب أن تُقام في مكان عام أو له رمزيّة جامعة، نفت مصادر قواتية لـ»الجمهوريّة» أن «تكون «القوّات» قد إعترضت على إحياء الذكرى في «بيت الوسط» أو حتّى في أي مكان آخر»، لافتة الى أنّ «التباين الرئاسي مع «المستقبل» ما زال قائماً، لكنّ العلاقة بيننا تحسّنت والإلتباس زال بعد مهرجان «البيال» وزيارة الرئيس سعد الحريري الى معراب ولقائه الدكتور سمير جعجع والإتفاق على تنظيم الخلاف».
وعزت المصادر عدم إعلان الصيغة النهائيّة للذكرى حتى الساعة إلى «الإختلافات المعروفة»، رافضة «القول إنّ هناك خلافاتٍ جوهريّة، بل إختلافات تفصيليّة، خصوصاً أنّ ملفّ الرئاسة بات خارج التداول مع صعوبة خروج «14 آذار» بمرشح واحد».
يتّفق جميع العاملين على خطّ تنظيم هذه الذكرى، على أنّ بيان «14 آذار» المرتقب لن يكون تحت سقف الإجتماع الأخير الذي عقد في «بيت الوسط» بعد توتّر العلاقات اللبنانية – السعوديّة ومواقف «حزب الله» التصعيدية المستمرّة.
ومن هذا المنطلق، فإنّ «14 آذار»، وإذا نجحت في إحياء هذه الذكرى، فستؤكّد رفضها تجاوزات «حزب الله» وقتاله في سوريا والساحات العربيّة الأخرى، وستدعو الى حصر السلاح في يد الجيش اللبناني والقوى الشرعيّة من أجل بناء دولة حرّة وسيّدة ومستقلّة ما يحقّق أحلامَ ثورة الأرز.
إضافة الى هذا المطلب وتأكيد الحرص على العلاقات اللبنانية- السعوديّة، واللبنانية- العربيّة، من المنتظر أن تصرّ «14 آذار» على وحدتها في مواجهة عواصف الداخل والخارج، والتشبّث بربيع بيروت والثورات الحقيقية وتحرّر الشعوب من الأنظمة الديكتاتوريّة وعلى رأسها النظام السوري، ومعالجة الملفات الداخلية ومطالب الشعب.
من جهتها، تؤكّد مصادر «المستقبل» لـ»الجمهوريّة»، أنه «حتى لو إختلفت «14 آذار» على الملفّ الرئاسي إلّا أنها تتفق على العناوين الوطنية والسياديّة، وهذا ما سيظهر في بيانها مساءَ الإثنين المقبل، لأن لا مساومة على الثوابت الوطنيّة التي سقط من أجلها شهداء ثورة الأرز».
11 عاماً مرّت ولبنان ينحدر نحو الأسوأ، الثورة فشلت، ومؤسسات البلد منهارة، والعالم فقد الأمل، لكنّ الأخطر أن يفقد الشعب اللبناني حلمه بوطن الأرز.