Site icon IMLebanon

المساعدات المنتظرة “إنسانية” لا تنفقها الحكومة

 

 

في انتظار أن تنقشع المواقف الخارجية من لبنان وحكومته، لا يبدو أن المبالغ المالية العاجلة التي ستأتيه من الخارج لإخراجه من مأزقه الاقتصادي والمالي، ستفوق ما خصصه بعض الدول من ميزانياته السنوية على شكل “مساعدات إنسانية” للمجتمع اللبناني، لا للحكومة، أو للخزينة أو للمشاريع.

المعطيات عن إنفاق الأموال التي يمكن أن تعد دول غربية بها على مشاريع استثمارية، هي أنها تنتظر الإصلاحات، بعد تقييم دولي لمدى مساهمتها في خفض الهدر والعجز والفساد، بدءأ بالكهرباء، ومدى فعاليتها في تحقيق بعض الواردات التي كانت الخزينة حرمت منها.

يقول السياسيون الذين يلتقون سفراء الدول الكبرى إنها لا تضع شروطاً على مساعدة لبنان كما يصفها البعض في الحديث عن المبالغ المالية الموعودة، بل أن هؤلاء السفراء يشددون على أن دعم لبنان ينتظر قيام حكومته بما سبق لها أن وعدت به في مؤتمر “سيدر” الذي انعقد في باريس في 6 نيسان 2018، من إصلاحات جاءت في ورقة أعدها الجانب اللبناني على أنها خطة يتوقف على تنفيذها إفادة البلد من المبالغ المالية التي تعهدت الدول والهيئات المالية الدولية تأمينها لتمويل عشرات المشاريع الواردة في لائحة قدمتها الحكومة لتجديد البنى التحتية ودعم قطاعات منتجة وفق خطة ماكنزي.

مع رفض السفراء الحديث عن “شروط” فإن الأمر قد يتعدى ذلك عند بعضهم ممن لدى دولهم تحفظات سياسية على سياسة الدولة اللبنانية الخارجية. فالجانب الأميركي سبق أن تحفظ على تأمين دعم مالي للبنان قبل أن تتفاقم أزمته الاقتصادية المالية والمصرفية بعد 17 تشرين الأول الماضي، والتي كشفت عمق المشكلة والصعوبات التي تواجه المصارف في تأمين السيولة بالعملة الصعبة، ما انعكس إرباكاً في تمويل إمداد البلد بالمواد الغذائية، والطبية، والأولية المطلوبة للصناعات المحلية، وبالقمح والمحروقات. فهذه تتطلب قروضاً للبلد بقيمة 4 إلى 5 مليارات دولار وفق وزير المال غازي وزني.

كانت حجة واشنطن وما تزال هي الحؤول دون دخول أموال إلى لبنان يستفيد منها “حزب الله” على رغم أن مراجع وقيادات لبنانية عدة أبلغت موفديها إلى بيروت، ولا سيما نائب وزير الخارجية للشؤون السياسية ديفيد هيل، وقبله مساعد الوزير لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر، أن العقوبات التي فرضتها على الحزب تؤدي إلى ضرب الاقتصاد اللبناني وتمنع نهوضه من المشاكل التي يعاني منها.

لا يبدو أن الإدارة الأميركية ستغير من نهجها في العقوبات حتى لو كانت تؤثر سلباً على الوضعين الاقتصادي والمالي. بل هي ماضية في إجراءاتها ضد الحزب في سياق تشددها ضد إيران وأذرعها وخصوصاً “حزب الله”. وإبقاء الموقف الأميركي متأرجحاً من الحكومة ومن مدى نفوذ الحزب فيها، يعود إلى أن واشنطن تهيئ لرزمة عقوبات جديدة في سياق تشديد الحملة على مصادر تمويل الحزب، ليس فقط في لبنان بل أيضاً في أميركا اللاتينية وأفريقيا.

من نافل القول أن نظرتها إلى مساعدة لبنان تؤثر على هيئات دولية كثيرة كالبنك الدولي وصندوق النقد الدولي، اللذين مع الهيئات الأوروبية المتعددة تنتظر الإصلاحات من أجل ضمان ألا تذهب أموال “سيدر” هدراً.

الشيء الوحيد الذي أبدى بعض العواصم الغربية تجاوباً إزاءه هو أن تساهم في التخفيف من الضائقة الاجتماعية التي تصيب اللبنانيين جراء تزايد الصعوبات الاجتماعية، عبر تخصيص مبالغ تحت عنوان “مساعدات إنسانية”. وبالنسبة إلى الإدارة الأميركية فإنها ستحتفظ بدعمها المتواصل للجيش، لكنها ستنفق تلك المساعدات عبر العلاقة مع البلديات والجمعيات غير الحكومية، ومؤسسات الرعاية الاجتماعية، حيث خصصت منظمة US aid ما يقارب 135 مليون دولار، للتخفيف من حدة الضائقة الاجتماعية، لكنها لن تنفقها عبر الحكومة كي لا تخضع للمحاصصة والهدر أو يستفيد منها الحزب. وحتى هذا المبلغ لم تقرر واشنطن الإفراج عنه بعد. ويبدو أن دولاً أوروبية ستخصص مساعدات شبيهة.