Cedre حجر الرحى بمنهجية جديدة وجهد فرنسي لتخطّي السياق الجيوسياسي المحبِط
مؤتمرات الدعم الثلاثة في مواقيتها .. والتحضيرات اللبنانية على همّة رئيس الحكومة
يجب ألا يغيب عن بال باريس في خضم التعبئة الدولية لمؤتمر Cedre مخاطر سوء الإدارة وانعدام الرؤية الاقتصادية
ثُبِّتت مواقيت مؤتمرات الدعم الثلاثة للبنان والتي تتولى الإدارة الرئاسية الفرنسية بشكل رئيس تنسيقها وحشد التأييد لها، من باريس (الإستثمار في البنى والتنمية) الى روما (الجيش وقوى الامن) فبروكسيل (النازحين السوريين)، رغم كل ما سبق التحضير للمؤتمرات الثلاثة من تشويش محلي بغرض إنتخابي، ربما لإعتقاد (قاصر لدى) الجهات المعارضة أن أي نجاح دولي ستستثمره الحكومة بتياراتها الرئيسة في الإنتخابات النيابية.
ويشكل مؤتمر Cedre حجر الرحى، وينظر اليه لبنانيا وفرنسيا على انه عصب المؤتمرات الثلاثة وحجر الأساس الذي يعول عليه لجلب إستثمارات دولية تناهز الـ16 مليار دولار، من شأنها أن ترفع نسبة النمو من 1% راهنا الى نحو 7%.
تستضيف باريس المؤتمر بغرض جعله منصة اقتصادية دولية مكرسة لتعزيز الاستثمار في لبنان، فيما ينشغل بعض اللبنانيين في السعي الى تقزيم مرامي مؤتمرات الدعم الثلاثة نتيجة المحدودية في النظرة الى مصلحة البلد ومستقبله وديمومته، تحت وابل من الشعارات ذات الصبغة الإنتخابية الفاقعة.
وCedre يختلف مضمونا عن مؤتمرات باريس الثلاثة التي رعاها الرئيس السابق جاك شيراك. إذ أراد الرئيس إيمانويل ماكرون، وفق مصادر ديبلوماسية غربية، أن يتميّز المؤتمر الجديد عن نظيراته الثلاثة، لتجنب أي غموض في الغرض من المؤتمر، قد يشكل حاجزا أمام مشاركة فاعلة للدول والمنظمات المدعوة، وللتفريق بين نهجين رئاسيين فرنسيين، ربما يفترقان بالنسبة الى برامج الدعم الإقتصادي للحكومة اللبنانية. فمؤتمرات باريس الثلاثة رمت الى توفير الحجر الأساس الاقتصادي والمالي للبنان بمباركة من المجتمع الدولي والجهات الفاعلة الإقليمية الوازنة. وأتاحت هذه المؤتمرات تمويل إعادة إعمار لبنان، غير أنها دعمت استقرار البلاد لكن بأثمان عالية وربما مبالغ فيها للغاية على المستوى السياسي (بفعل الوجود العسكري السوري حينها والفساد) كما على المستوى المالي (الديون التي تقدر بمليارات عدة من الدولارات).
وترى المصادر الديبلوماسية الغربية أن السياق الراهن يتطلب مزيدا من التدقيق الدولي في الوضع اللبناني، والتزاما أكبر من جانب فرنسا جنبا إلى جنب مع الحكومة اللبنانية. ففي الجانبين الاقتصادي والمالي يجب ألا يغيب عن بال باريس، في خضم هذه التعبئة الدولية، مخاطر سوء الإدارة نتيجة الفساد المؤسسي، وانعدام الرؤية الاقتصادية ودرجة عالية من عدم الإحترافية، تماما كما أن السياق الجيوسياسي الراهن يبرّد همم المانحين العرب التقليديين، ويحدّ من الدعم الدولي، ويبعد المستثمرين من القطاع الخاص.
وتعتبر المصادر أن التزام فرنسا تجاه لبنان واستقراره وسيادته وازدهاره لا يعني تضليل الفرنسيين وشركائهم الدوليين واللبنانيين في آن. فالفلسفة التي أريدَ لـCedre أن يقوم على أساسها، تختلف جذريا عن فلسفة مؤتمرات باريس 1 و2 و3. وهذا الإختلاف يجب أن تتحمّله فرنسا، الدولة المنسقة لهذه المبادرة، والمجتمع الدولي. كما تقع على اللبنانيين أنفسهم بكل أحزابهم وتيارتهم، وخصوصا تلك الممثلة في الحكومة، مسؤولية تحقيق إصلاحات جذرية تعكس رغبتهم في تحقيق فارق وازن، وفي ملاقاة الرغبة الفرنسية – الدولية لدعم الإستقرار اللبناني السياسي والإقتصادي – الإجتماعي.
محليا، تقوم التحضيرات بشكل أساس على همّة ما يحضر له رئيس الحكومة سعد الحريري من جولة من المشاورات العربية – الخليجية والدولية لتأمين أكبر حشد ممكن، مع الإدراك المسبق للبرودة لدى بعض الدول غير الراغبة في تكرار تجربة الدعم المالي الذي قامت عليه مؤتمرات باريس الثلاثة، وربما غير القابلة لتوفير الدعم اللازم لنجاح Cedre بفعل ما تعتبره واقعا سياسيا لبنانيا يجافيها.
وينظر الى زيارة رئيس الحكومة الى السعودية كركن رئيس في هذه التحضيرات، ولا شك أنه في ضوئها سيتحدد مآل المؤتمر الجديد ونجاحاته المعول عليه لبنانيا.