جاء كلام الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في مستوى حرية التعبير الصريح عما حصل في القنيطرة وعن رد فعل الحزب على العدو الاسرائيلي في مزارع شبعا المحتلة التي لا تزال ارضا لبنانية مهما اختلف الرأي بصددها، اي ان الرد جاء من ضمن الاراضي اللبنانية الى ما فيه ارض لبنانية يحتلها العدو، بعكس كل ما قيل عن تحرش الحزب باسرائيل، فيما جاءت ضربتها في القنيطرة ضمن ارض عربية محتلة باعتراف العالم قاطبة؟!
لقد كان من الضروري والواجب ان تفهم اسرائيل انها غير حرة في تصرفها، مع ما يعنيه ذلك من حق ما بعده حق، والا لن يكون معنى لاي تفسير اخر للعدوان الاسرائيلي، حيث قيل انه من واجب الحزب ان يرد من القنيطرة كأن اسرائيل هي من تفرض اصول اللعبة العسكرية بما فيها من هجمات ودفاع كان يمكن ان يتسبب في حرب من النوع الذي دأبت اسرائيل على تحديد موعده ومكانه.
كما كان من الضروري والواجب اخذ الاحتياطات اللازمة كي لا تتكرر «افعال اسرائيل الدسمة» حيث اصطادت قافلة مقاتلين ومخططين بينهم احد كبار ضباط الحرس الثوري الايراني الشيء الذي دفع بعضهم الى الاعلان عن ضرورة تحسب الحزب لكل ما يقوم به، والمطلب عينه قيل عنه لاسرائيل التي كانت تعرف، ولا بد وان تعرف ان الحزب لن يسكت عما اصابه على الارض السورية، كي يستوي الفعل مع رد الفعل، والا لن يكون معنى لمقاربة اشعال نار حرب من خلال تصرف اسرائيل الارعن (…)
وفي المقابل، ليس جديدا القول ان هناك علاقات عسكرية – امنية وسياسية بين الحزب والجمهورية الاسلامية في ايران، كي يكون مجال لانتقاد الحزب على تدخله في سوريا وعلى رد فعله القوي والمركز ضد اسرائيل، وهذا معروف من الجميع، حتى وان كان القصد الانتقاد لمجرد الانتقاد، خصوصا ان الكلام الذي ورد على لسان رئيس حكومة العدو بنيامين نتانياهو جاء بمستوى التحدي الذي لا بد من الاعتراف انه كان يحتاج الى من يجعله يدرك «ان توازن الرعب» لا يسري مفعوله على جهة من دون اخرى!
لقد سبق القول بعد عملية القنيطرة ان حزب الله لم يحسب حسابا لتحركه الظاهر على الارض السورية، مثلما حصل يوم اغتالت اسرائيل القيادي عماد مغنية في احرج ظروف «وقف النار»، وها هي تكرر فعلتها الى درجة تحتم مطالبتها بان تكون على وعي وحذر طالما ان هناك عدوا يعرف كيف يخرق استار التجسس في اكثر من مكان علني؟!
ان احتفال تكريم شهداء القنيطرة امس، كان لا بد منه لتعرف ناس حزب الله انه لن يتجاهل ما عليها من ضريبة دم وشهادة، خصوصا عندما تتركز ردود الفعل على ما يجب ان تكون عليه، وهذا الشيء معروف تماما في قاموس حزب الله من لحظة تكونه وترجمة ما هو عليه من استعداد لان يدفع ضريبة الدم. هذا الكلام القصد منه ان «الجماعة على استعداد مطلق» لدفع ما هو مفروض في ميزان الحرب التي تعتبر امانة في سياق ما هو مطلوب من الحزب «كأطهر الناس واشرف الناس» الذين يعرفون دورهم السياسي والحزبي والعسكري!
ان كلام الامين العام السيد حسن نصر الله فيه من التحدي اكثر ما فيه من استعداد للبذل لانه يعرف ما عنده من طاقات يدرك مجالات تصرفها على ارض المعركة. وهو عندما يخاطب جمهور الحزب فلأنه مطالب بتزخيم دور المجاهدين الذين اثبتوا استعدادهم للشهادة عندما تدعو الحاجة وهذا شبيه باعلان الولاء لكل ما من شأنه تجنب الخصوصية السياسية الى ما فيه خصوصية مذهبية معروفة الاهداف والمرامي.
وطالما ان «جمهور الشهادة» على استعداد لان يضحي فلأنه يعرف انه في مسيرة مفروضة على معظم ابناء الطائفة الشيعية كان تأكيد عليه في كل كلمة من كلمات الامين العام لحزب الله الذي لولا الطلقات النارية التي سمعت اصداؤها خلال القاء نصر الله كلمته لما كان لها من معنى، لان من بلغته اصواتها كان يعرف انها طلقات مطلوبة مثلها مثل الديكور السياسي الذي يزين بعض المناسبات، اسوة برفع الصور واليافطات والشعارات!
من هنا كان كلام غير مردود من جانب السيد حسن نصر الله الذي انساق وراء تأكيد دور الحزب واستعداده لان يكون فاعلا مهما اختلفت ظروف المعركة مع العدو الذي يدرك تماما عدم وجود استعداد لدى الاسرائيليين ليسمعوا من نتانياهو مثل الذي سمعوه من امين عام حزب الله، ولا كان الاول قادرا على تجييش الالاف لسماعه كيف يهين آلة الحرب الاسرائيلية ومعها كل اسرائيلي لم يدرك الى الان ان حزب الله هو غير بقية الانظمة العربية منذ مطلع الاربعينات الى يومنا هذا والادلة على ذلك اكثر من ان تحصى؟!