Site icon IMLebanon

ثورة 17 تشرين ساهمت في فرز المشاهير والنجوم

 

 

مندفعون ورافضون ووسطيون

يتداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لتوقعات المنجّم ميشال حايك في رأس السنة، ما كان يتوقعها أحد: “حركة شبه انقلابية” يشارك فيها عددٌ من الفنانين والرياضيين والمشاهير في ثورة لإنقاذ الوضع المعيشي والإقتصادي، تتسبب باستقالةِ عدد من المسؤولين الكبار واعتكاف عدد منهم. وها هو النجم العالمي اللبناني الأصل “مساري” يؤكد دعمه للثورة اللبنانية، عبر أغنيته الجديدة ” قلبي انكسر” موجهاً رسالة حب وتقدير الى كلّ الشعب اللبناني الذي ثار على واقعه الأليم، وطالب بحقوقه الإنسانية بكلّ حضارة وبعيداً عن الأديان والإنتماءات السياسية. وعلى متن صحيفة لوموند الفرنسية، كتب المخرج السينمائي اللبناني غسان سلهب مقالاً يعج بالمشاعر، بعد أربعة أسابيع عاشها بين المتظاهرين متنقلاً من بيروت إلى طرابلس، ليتساءل كيف للمرء أن يعبّر عن مدى وتنوع المشاعر التي تنتابه أمام الكثير من التباينات التي تجمعت فجأة واتفقت؟

لم تشغل أي ثورة لبنانية الرأي العام والمشاهير من ممثلين وفنانين وإعلاميين، كما فعلت ثورة “كلن يعني كلن” وشعار “لبنان ينتفض”، فراح هؤلاء يتماهون مع خطاب الناس بينهم المؤيد والمعارض للثورة ومنهم لا يزال متمسكاً بصمته و… تحفظه.

 

يعد الممثل وسام حنا من الأوائل الذين انطلقوا بالتظاهرة عندما لم يتعد عدد المشاركين فيها العشرات مع بدايتها، فيتذكر تلك اللحظات، “شعرت بالحزن عندها لأن عدد المشاركين كان قليلاً، ولا أعلم كيف تزايد العدد ليصل إلى ما بلغه اليوم”.

 

إسقاط بالثلاث

 

 

وما هي إلا أيام حتى انضمت الممثلة رولا شامية إلى الثورة، وبعدها سافرت بداعي العمل إلى الخارج وتقول “مطلبي كالجميع هو إسقاط الحكومة ورئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب، لقد اكتفينا من هذه السلطة. فمنذ ولادتي والسياسيون ذاتهم يحكمون الشعب، وكأنه لا يوجد بين الشعب شباب متعلم ومثقف وأهل لتسلم السلطات، جاء الوقت لروح جديدة ونفس جديد للتغيير في لبنان”.

 

لأول مرة تشارك شامية الثورة لأنها للمرة الأولى تشعر بأن لبنان واحد والعَلم واحد، وتضيف، أننا خلعنا الطائفية والمذهبية وكلنا نطالب بالكرامة في بلدنا؛ والجميل كثرة الشعارات الطريفة؛ فالشعب اللبناني صاحب فكاهة رغم الألم، وهذا المضحك المبكي.

 

أما الفنان معين شريف فقد شارك بالثورات منذ الثمانينات أيام الرئيس الراحل رشيد كرامي، بعدها في العام 1992 عندما تم إسقاط حكومة الرئيس عمر كرامي، ويشرح “منذ ذلك الحين ما زلنا نعاني من سوء الحكومات المتعاقبة في إدارة شؤون البلاد، وعلى الشعب اللبناني اليوم التركيز على عدم جر لبنان الى الفوضى”، موصياً إياه أن يُحدد أهدافه، وأن لا يقطع الطرقات على بعضه البعض، لأنه في النهاية “جحا ما في الا على خالتو” فما هَم المسؤولين إذا كان هناك قطعٌ للطرقات؟ أوَليست الناس تقطع الطرقات على نفسها ؟.

 

ويتابع، إذا اراد الشعب الحلول، فالحل الوحيد هو تحرير القضاء من السلطة السياسية، وهو قادر على جلب أي فاسدٍ ووضعه وراء قضبان السجن، هناك فرق شاسع بين الثورة المطالبة بالحقوق وبين الفوضى التي تهدم الوطن.

 

تنوع أساليب التعبير والموقف واحد

 

بدورها شاركت الممثلة كارمن لبس سابقاً في تظاهرة 2015 عند إنتشار النفايات في الشوارع، لكن الحافز هذه المرة تمثّل بأنه “وللمرة الأولى منذ الحرب الأهلية أشعر بأن فئة من الشباب لديها الوعي الكافي، وغير منقادة وراء الأحزاب ويأتمرون بما يقوله الزعيم”.

 

وتشدد على أن كل المطالب يجب أن تتحقق، فبعد حرب أهلية وفساد ثلاثين عاماً لا يمكن أن يتغير كل شيء بسحر ساحر، مطالبة بإسقاط الحكومة وتأليف حكومة إنتقالية، ومجلس النواب هو مَن سيعطي الثقة للحكومة، مستدركة ” لكن الفساد جعل الأمور تصل إلى هذا الحد؛ ففرض الضرائب واستغباء السلطة للمواطن لم يعودا مقبولين، وأطالب بإيقاف رواتب النواب والوزراء السابقين”.

 

وعلى الرغم من تأخره بالكشف عن موقفه، فاجأ الفنان مارسيل خليفة الثوار بأغنياته الثورية في 20 تشرين الاول الماضي في ساحة النور في طرابلس، وبعدها بـ 8 أيام إنضم إلى الثوار أمام سراي النبطية بالأناشيد الثورية، ومما غنى “شدّوا الهمّة،وإني اخترتك يا وطني” و”منتصب القامة أمشي”.

 

وكان خليفة قد وجّه رسالة عبر حسابه على “فيسبوك” جاء فيها: ” الناس صامدون هنا ! لا أحد يستطيع أن يوقف هذه الهتافات. إصرار وجرأة وإرادة في أعين الناس… صدقوني إنها ثورة لبنان الجميل، تهدم الطائفية والاستبداد وتهزّ أركان النظام الذي إستكان إلى التقسيمات الطائفية، ثورة على غياب العدالة الاجتماعية ولا للإبقاء على حكومة تمثّل مصالح رموز الفساد والاستغلال والقهر الاقتصادي. السلطة لا تصدِّق ماذا يحصل، وكيف ظهرت هذه الجموع متّحدة في كل لبنان ومن أين جاءت؟ لا يستطيع أحد أيّاً كان أن يقف ضد الثورة الشعبية. صرخة الثورة تدفع لبنان إلى وضع أسس دولة مدنية تحررية”. وفي السياق نفسه يوجز الممثل بديع أبو شقرا خلال مشاركته في إحدى التظاهرات مطالبه “بتشكيل حكومة مصغرة تكنوقراط تحدد انتخابات نيابية جديدة”، مضيفاً “يجب فرض ضرائب كبيرة على الأملاك البحرية أو إعادة استملاكها من الدولة، كما يجب أن تكون الضريبة تصاعدية على المصارف والأموال التي ترسل إلى الخارج”.

 

ظاهرة فريدة في تاريخ البلد

 

واصفاً تطورات الاوضاع في لبنان بـ”المرحلة الخطيرة”، وأنه “ظاهرة فريدة في تاريخ البلد”، يرى الإعلامي علي جابر أنه من المفترض منذ الدقائق الخمس الاولى أن تسقط السلطة، ولكن هناك تعنتاً وممانعة وتكابراً من الحكومة، باعتقادهم أنهم يستقوون ببعض الأصدقاء المحليين الموجودين، ورهانهم أن الشباب سيتفرقون إذا طال الوقت.

 

واستطرد “70% من سكان هذا البلد تحت 35 سنة، وهناك بطالة نسبتها 30%، واللبناني طوال عمره مهاجر، ويصدّر رجاله، والآن أبواب الهجرة أُغلقت في وجه اللبنانيين”، معتبرا أن الشباب اللبناني وصلوا إلى نقطة الذروة، ولن يرجعوا إلا في حالة وجود مكاسب لهم مثل سقوط الحكومة، وإعادة النظر في النظام الطائفي، والدعوة لإنتخابات مبكرة للمجلس النيابي وإجراء تعديلات دستورية أساسية “مش ممكن شاب عمره 30 سنة بيحب واحدة عمرها 25 سنة وبدو يروح عقبرص عشان يتجوزها عشان مش من دين بعض”.

 

بين الصمت والتحفظ والغموض

 

بدورها الفنانة جوليا بطرس، وعلى الرغم من أنّ أغانيها إحتلت ساحات الاعتصامات، فإنها التزمت الصمت وهي التي غنّت “يا ثوار الأرض”، ودعت الشعوب إلى الثورة على الظلم، وصمتها لم يكن مفاجئاً إذ أنّها زوجة وزير الدفاع الياس بو صعب، في الحكومة التي يتظاهر ضدّها اللبنانيون. البعض أعذرها، إذ أنّ موقفها حرج لا تحسد عليه، والبعض لامها، مذكّراً إياها بوقوفها أمام مبنى الإسكوا في بيروت العام 2006 بعد ساعات من مجزرة قانا الثانية التي راح ضحيتها أطفال لبنانيون، حيث وجّهت كلمة شديدة اللهجة إلى المجتمع الدولي المتواطئ يومها، رغم أنّ زوجها كان رئيساً للجامعة الأميركية في دبي.

 

هذا الموقف ينسحب على الفنانة ماجدة الرومي، مطربة الثورات أيضا، فأغانيها كانت تملأ الساحات، ما أثار استغراب اللبنانيين كيف أن صوت الفنانة التي غنّت “قوم تحدّى الظلم” كان خافتاً، ولم تشارك المعتصمين صرخاتهم، ولم تنزل إلى التظاهرات، واكتفت بتغريدات عامّة على “تويتر” لم تسجّل فيها موقفاً واضحاً؛ وربما أرادت الرومي المهادنة، بعد أن تمّ توريطها أكثر من مرّة في مواقف سياسيّة دفعت ثمنها الكثير، رغم أنّ المهادنة بنظر البعض تعتبر تواطؤاً في زمن الثورات.

 

مواقف معارضة ورأس الحراك خارج لبنان

 

وبالإنتقال إلى الملحن سمير صفير، ليس خافيا أنه ومنذ انطلاق اليوم الأوّل للتظاهرات كان ضدّها وضدّ المتظاهرين، كما حوّل حسابه على “تويتر” إلى حساب شتم، مستخدماً عبارات نابية، ومنذ أيام أثار الجدل بتغريدة تنطوي على تهديد نشرها على حسابه على “تويتر”، عندما أشار إلى أن المحاسبة ستكون كبيرة على ما حدث، و”يضحك من يضحك في النهاية”.

 

ولا يزال روّاد مواقع التواصل الإجتماعي يتساءلون إذا كان الفنان زين العمر ( طوني حدشيتي) قد قصد مهاجمة الثورة اللبنانية في تغريدته الّتي كتب فيها “الثورة التي لا يقودها الوعي تتحوّل الى إرهاب. والثورة التي يُغدق عليها المال تتحوّل الى مجموعة من اللصوص والمجرمين. ما بدنا جدار، بدنا ثورة على الفاسدين، استرداد الأموال المنهوبة هيدا مطلب كل الشعب”. ومن المعروف أن العمر إنضم الى تجمّع التيّار الوطني الحرّ في بعبدا، ليؤكدّ دعمه لرئيس الجمهورية العماد ميشال عون قائلاً: لو منعت من الغناء في كل العالم، لن اتوقف عن الغناء لك.

 

ومنذ أيام قليلة غرد مجدداً “ملتهيين بـ أنت غلطان، لأ أنا معي حق، وحزبي أقوى من حزبك، وطايفتي قبل طايفتك، وانت بلشت… يا خوفي تكون نهاية حلم أسمو لبنان. عذرًا يا وطني”.

 

متحفظا على ركوب بعض الأحزاب السياسية موجة الحراك، الذي يطالب كل فريق في داخله بشيء معين، يؤكد الإعلامي جوزيف أبو فاضل “ما يهمني هو مكافحة الفساد وإجراء الاصلاح في البلد، لأن لا أحد يمتلك المال إلا حيتان المال السياسيون، ولا يمكن القول إن الرئيس العماد ميشال عون هو حوت مالي وكذلك السيد حسن نصر الله، من الممكن أن يكون في فريق كل منهم أشخاص يستفيدون، وهما مستعدان لتقديمهم للقضاء”.

 

نصيحة أبو فاضل: خذ وطالب

 

وإذ يدعو إلى المباشرة بإقرار كل القوانين المتعلقة بمكافحة الفساد، يضيف أنه مع تطبيق الشعب مبدأ “خذ وطالب” فلا يمكن الخروج من السياسيين بهذه البساطة، “فلنسترجع ممن يملك من السياسيين العديد من القصور والفلل، وكذلك الأملاك البحرية من طرابلس وحتى الناقورة، ولنقم بمكافحة “كارتل المولدات” لأنه مافيا كبيرة، وأصحابه الذين عرقلوا ملف الكهرباء، محققين أرباحاً سنوية تقارب الـ 900 مليون دولار وهل كان جبران يحميهم؟ معروف من يقوم بحمايتهم”.

 

ويتوقع أبو فاضل أنه إذا بقي الحراك على الوتيرة نفسها فمن الصعب أن يستمر، شارحاً “هناك خلط بين اليسار والاحزاب والمطالب والتحرك وقطع الطرقات، هذا الحراك لن يربح ولو كان في كل لبنان، أدعم مطالبه، لكن ليس بطريقة الشتائم، أسلوب لم نعهده في لبنان حتى في أيام الحرب، أهداف الحراك غير موحّدة وغير واضحة، لأن رأس الحراك خارج لبنان”.

 

لتوحيد الاهداف والإبتعاد عن “التخبيص”

 

وفي قراءته النقدية يوضح الناقد الفني والصحافي الدكتور جمال فياض أنه من غير الجائز أن نقول هذا الفنان أو الممثل مع الثورة وذاك ضدها، لأن هذا يتعلق بإعلان كل منهم موقفه من الثورة بنفسه، متطرقاً إلى أهداف الثورة “عندما تنشأ الثورة يجب أن يكون لديها هدف محدد تسعى لتحقيقه، فيما تشعب الأهداف وتنوعها لا يوصل الثورة إلى أي مكان، لا بل يدخلها في لعبة تضييع الوقت”. مذكرا بأن الثورة اليوم على الفساد والفاسدين، واستعادة الاموال المنهوبة، وأي شيء خارج هذه المطالب يصبح “تخبيصاً” ما يلحق الخسارة بالثورة.

 

ويؤكد أن الفنانتين جوليا وماجدة بالتأكيد هما مثل الشعب، لا ترتضيان أن يكون الفساد والفاسدون في السلطة كائناً من كانوا، مبدياً ثقته بأن زوج جوليا الوزير أبو صعب هو ضد الفاسدين، وهي ليست محرجة لأن زوجها ليس من الفاسدين”.

 

ورداً على سؤال يجيب فياض، نحن بانتظار أن يفرز جيل شباب الثورة أغانيها، فيما من المفترض بالإعلامي أن يكون لديه موقف، وبالطبع لكل أسبابه وحججه حيال دعمها أو معارضتها، والناس هي التي تحكم إذا كان محقاً أو متطرفاً برأيه أو يتبع لأجندة، أو لديه أهدافه الخاصة. وفي كل الاحوال يجدر بالإعلامي أن يوجه الرأي العام نحو الطريق الأسلم، إنما الفنان يجب عليه أن يكون عقلانياً، وصاحب قضية وغير متطرف بآرائه وأفكاره، كي لا يخسر كل الجمهور، شأنه شأن الاعلامي الموزون، وخاصة حيال المسلّمات مثل الخير والسلام والحق والفساد، يجب على الجميع أن تكون مواقفهم واضحة حيالها وفق فياض.

 

ويكشف أن هناك نوعين من جيل الشباب في صفوف الثورة الاول واعٍ ورزين ويدرك جيداً هدفه، والثاني دخل في الغوغاء، دخل عبر “العجقة” و”الهيصة” وبـ”أي كلام” يقال على الهواء، وليس من الصواب أن يفتح الإعلام الهواء بهذه الحرية للنوع الثاني، لأنه يشوه سمعة الثوار العقلاء، وإلا سيصبح الإعلامي غير عقلاني.

 

وفي الختام، وبعد هذا التنوع في الآراء حيال الثورة ومطالبها وما بات مطلوباً منها، والحديث عن عناصر قوتها وضعفها، لا بد أن نسأل هل كانت الفنانة إليسا محقة بهتافها ” ثورة، ثورة ” وبتعليقها “الشعب موجوع ومقهور وجوعان، أقل شي ينزل عالطريق، نحنا بأسوأ حالة اقتصادية واجتماعية من وقت الحرب؟”، وماذا عن تغريدة الفنان راغب علامة: 60 مليار دولار صرنا دافعين بس للكهربا غير الموجودة!!! هلق بدكن يانا نصدقكن؟ من سنين عم نقول #طار_البلد وطبقوا قانون من أين لك هذا”. أولا تتطلب معالجة هذا الواقع الاقتصادي والإجتماعي تطبيق قانون من أين لك هذا. خطوات جريئة في العمل لا… في القول؟، لربما عندها تتحول إلى قاسم مشترك بين هذه المواقف والتغريدات المختلفة.