IMLebanon

 «الخلوي» شريك في «غارة القنيطرة»

لم تتأخّر التحقيقات الجارية في الكشف عن أخطاء سهّلت الغارة الإسرائيلية في القنيطرة. وتحدّثت عن خطأ كبير ارتكبَه الجنرال الإيراني باحتفاظه بهاتفه الخَلوي في منطقة حسّاسة يتقاسم السيطرة فيها الجيش السوري وحزب الله مقابل «جبهة النصرة» ومكشوفة على الإسرائيليين. كما دلّت إلى عدد أكبر من القتلى، فما الذي حملته التحقيقات أكثر؟

في البحث عن الظروف التي رافقت الغارة الإسرائيلية على موكب مشترك لمسؤولين من حزب الله وخبراء إيرانيين تكشَّف كثيرٌ من الحقائق في اللحظات الأولى للتحقيق.

وكشفَت مصادر دبلوماسية مطّلعة عن جوانب من التحقيقات، منها أنّ الجنرال محمد علي الله دادي الذي كان في الموكب احتفظ في ذلك اليوم بهاتفه الخلوي مفتوحاً طوال فترة انتقاله من منطقة قريبة من ريف دمشق لموافاة مغنية ورفاقه في مهمّة استكشافية للمواقع التي يُحدِثها السوريّون والإيرانيون في «مزرعة الأمل» بعد أيّام على البدء ببناء وتجهيز غرفة عمليات مشتركة لضبّاط إيرانيين وسوريّين ولحزب الله الذي سينتشر في المنطقة لإدارة العمليات بوحدات منه وأخرى من و»حدات الدفاع الشعبي» التي لعبَت وما زالت دوراً مهمّاً في سدّ أيّ نقص لا يمكن الجيش السوري تغطيتَه بإشراف إيراني ولبناني مباشَر.

وجاء الربط بين نجاح العملية وكون الهاتف مفتوحاً أنّه سبقَ للمخابرات الإسرائيلية أن تمكّنَت من التنصّت على هواتف الضبّاط الإيرانيين وغيرهم من قادة ومسؤولين في الحكومة السوريّة عَلناً، وهو ما أدّى إلى تنفيذ عمليات سابقة سهَّلت فيها مواكبة الشبكة الخلوية مسارَ المراقبة لتحرّكات شخصيات عدّة. فسوريا باعتراف جميع الأطراف حقلٌ خصبٌ لكلّ أشكال وأنواع المخابرات الصديقة والعدوّة في آن.

ولفتَت التحقيقات إلى أنّه كان على الموكب أن يقطعَ مسافة لا بأس بها في منطقة مكشوفة على المواقع الإسرائيلية وتلك التي أحدثَتها «جبهة النصرة» في أطراف المنطقة التي سيطرَت عليها قبل أشهر وهي على تماس جغرافي ضيّق من مواقع فريق المراقبين الدوليين «الأوندوف» المكَلّفين مراقبة خط الهدنة في الجولان المحتلّ بين سوريا وإسرائيل منذ حرب 1973 والذين عادوا إلى الانتشار فيها أخيراً بعد فترة غيّبَت فيها مجموعات «النصرة» القوّة الفيليبينية التي كانت تتمركز فيها في عملية خطف جماعية امتدّت لأسابيع.

ولذلك كان على الموكب أن يكون أكثر حذراً، فالجنرال دادي، وعلى رغم ما قيل عن موقعِه في هيكلية الفريق الإيراني في سوريا، ليس من أركان الصفّ الأوّل فيها لكنّه مكلّف مهمّة التنسيق والمراقبة في المواقع المتقدّمة وإسداء النصح من موقع خبرته التقنية والعسكرية في مواقع الرصد والمراقبة على الخطوط الأمامية في كثير من الجبهات مع المجموعات المسلّحة.

وعليه، فقد كشفَت المصادر عينُها أنّ عدد قتلى الغارة تجاوزَ ما أعلِن عنه. فإلى ما أعلِن عن الشهداء الستّة من حزب الله الذين تقدَّمهم جهاد عماد مغنية والحاج محمد عيسى ورفاقهما الأربعة فقد قتِل في الغارة، بالإضافة الى دادي، مرافقُه الشخصي وسائقُه وضابط ثالث من رتبة أدنى كان يتولّى تسجيلَ محاضر اللقاءات ويدوّن التعليمات التي يصدرها دادي ويعمّمها على المراكز والوحدات التي تأتمر به، عدا عن أصابة مدنيّين سوريّين.

ولم تفصل التحقيقات في الغارة عمّا سبقها من أحداث. وعادت في سردها للوقائع الى الفترة التي إحتلّت فيها «جبهة النصرة» شريطاً حدودياً قبالة المنطقة العازلة في الجولان المحتلّ والتي ترافقَت مع حظر إسرائيلي لحركة الطيران الحربي السوري فيها وأعقبَت تحذيراتها يومها إسقاط طائرة عسكرية (23 أيلول الماضي) شاركت في الغارات على مواقع «النصرة».

وتزامنَ ذلك مع تحذير وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه يعالون في ذلك اليوم سوريا من تكرار هذه الطلعات. فبقيَت تلك «الطلعة اليتيمة» للطائرات السورية في المنطقة منذ ذلك التاريخ.

وختمَت المصادر مؤكّدةً أنّه كان على الموكب الإيراني ـ اللبناني أن يحتسبَ لكلّ هذه الظروف قبل الدخول إلى منطقة من هذا النوع. وسخرَت من مضمون الاعتذار الإسرائيلي كونها لم تكن تعرف حجمَ الهدف ورتبة الضابط الإيراني المستهدَف. واعترفت بأنّه كان هدفاً في المواجهة التي باتت مفتوحة على مصراعيها في كلّ المجالات ومن دون تمييز بين منطقة محظورة وأخرى مفتوحة.