في موازاة الاستعدادات الرسمية التي لم تهدأ في عطلة عيد الفصح ، مع استمرار الاتصالات والتحضيرات لمؤتمر «سيدر1»، وجدت النشاطات الانتخابية مساحة لها مع توالي اعلان اللوائح في المناطق بعد ايام من اقفال باب تسجيلها الرسمي لدى وزارة الداخلية، وبروز معطيات حول تدخلات اقليمية وحديث عن رشاوى تدفع وآليات لاثبات الرشوة، وسط تساؤلات عن اسباب غياب المناظرات بين المتنافسين، وارتفاع اسعار كلفة الاعلانات الانتخابية.
فمع بلوغ التوتر الانتخابي ذروته في عطلة الفصح بين الاقطاب، لا سيما على خط بيت الوسط- كليمنصو موزعا شظاياه على مواقف الفريقين التي اصابت في شكل خاص القاعدة الشعبية لا سيما في دوائر التحالف، تشهد الساحة السياسية شد عصب ناتج عن عودة المملكة العربية السعودية القوية الى الساحة اللبنانية، لتلفح الانفراج المأمول على المستويين الاقتصادي والمالي من مؤتمر «سادر» الذي يعقد الجمعة في باريس، بعد زيارتي القائم بالاعمال السعودي وليد البخاري والسفير الاماراتي حمد الشامسي الى مدينة بعلبك منذ ايام، فهي اكدت ما سبق واعلنه امين عام حزب الله من ان سفارات اقليمية تتدخّل في المعركة، وهي اعلان واضح وصريح بانها «معركة اقليمية» تقودها الدول الخليجية، وكلما كثّفوا زياراتهم كلما كان هذا من مصلحتنا»، على ما تؤكده اوساط مقربة من الثامن من آذار.
تحرك رأى فيه كثيرون دخولا اقليميا مباشرا على خط المعركة ،بعد فشل الرياض «النسبي» في فرض تحالفات على قياسها، على ما تشير الاوساط، واستعدادها لضخ الاموال لتمويل المعركة الانتخابية خصوصا في بعض المناطق ذات رمزية معينة، رغم ادراكها بان خسارة الثامن من آذار مقعدا من هنا او من هناك او العكس لن يقدم ولن يؤخر في التوازنات السياسية القائمة التي تحكمها معادلات مرتبطة بالاوضاع الاقليمية وتطوراتها، «فتكبير الحجر» لن يفيد وتحقيق الانتصارات الوهمية لا يغير الوقائع الثابتة على الارض، داعية الى التخفيف من لهجة التحريض التي لم تعد تنفع في ظل وجود الجميع الى نفس الطاولة في الحكومة، ولان الامور لا تستأهل كل هذا التجييش.
غير ان الاطراف جميعها، بما فيها الثنائي الشيعي، التي نامت مطمئنة على حرير النتائج المعروفة سلفا يوم اقرت القانون، اصطدمت بواقع «المعارك القائمة» والتي وان لن تغير في النتائج الكثير الا انها لن تجعل من هذه الانتخابات نزهة، حيث سيكون لها تداعيات وارتدادات قوية على كامل الاراضي اللبنانية، ليس اقلها ورشة تعديل قد تنطلق فور اكتمال عقد المجلس الجديد، فيما يبقى ثابت وحيد عودة الرئيس نبيه بري الى موقعه حتى قبل حصول العملية الانتخابية، هو الذي ضمن مقعده «بالتزكية» في ظل غياب المعركة الجدية في دائرته.
واذا كان لم يحسم حتى الساعة الى اي «اتجاه» سيميل ميزان المعارك، بانتظار الانتهاء من حسابات «التفضيلي» و«الحاصل»، بعد فرز الحزبيين عن المناصرين، ومحاولات «الكبار» رفع الحاصل الانتخابي ما يصعب عمليات الاختراق خصوصا في الدوائر التي تشهد «زحمة» لوائح، تزامنا مع ما بدأ يتم تداوله عن دفع اموال مقابل الصوت التفضيلي بلغت الاربعة آلاف دولار في بعض المناطق، تدفع على دفعتين جزء قبل عملية التصويت ويسدد كامل المبلغ بعد انتهاء العملية الانتخابية.
وتكشف المصادر على هذا الصعيد عن وجود ثغرة خطيرة جدا على وزير الداخلية المبادرة فورا الى اتخاذ الاجراءات اللازمة لضبطها ووقف مفاعيلهاـ تتمثل بمنع المقترع من ادخال هاتفه الجوال وراء العازل اثناء عملية الاقتراع، اذ سيتعمد من اشترى الصوت الى الطلب من البائع تصوير اللائحة والخيارات التي اتخذها في التصويت لتبيان ما اذا كان التزم بالاتفاق، وهذا امر يعتبر مخالفة واضحة للقانون لا يجوز السكوت عنها كونها وسيلة لاثبات الرشوة.
واذ تصف المصادر المشهد الراهن بالتنافسي الديمقراطيّ «في حدوده المقبولة»، على الرغم من كلّ التجاوزات الحاصلة،فان الحديث عن الرشاوى للمقترعين يرافقه كلام وتسريبات عن روائح صفقات في تكلفة بعض التلزيمات المتعلقة بالامور اللوجستية من حبر واوراق اقتراع ومظاريف وغيرها.