تستغل شركة «أوراسكوم» التي تدير شركة ميك 1 (ألفا) انتهاء عقدها لإدارة إحدى شبكتي الهاتف الخلوي لتضغط نحو تجديده بطرق «لا أخلاقية”. فأوراسكوم امتنعت عن دفع رواتب ألف موظف تحت حجة «عدم صلاحية توقيع رئيس مجلس الادارة»، معوّلة على تجويع العمال ودفعهم الى الشارع لإرضاخ الدولة اللبنانية لشروطها، فيما وزير الاتصالات، الراغب أيضاً في التمديد للشركة و«زميلتها»، خلافاً للقانون، يتفرج على ما يجري ويستغله لتمرير قرار التمديد
توقفت شركة “ألفا” للاتصالات عن دفع رواتب موظفيها بعد انتهاء فترة التمديد الاستثنائي لعقدي شركتي الاتصالات «ألفا» و«تاتش». وفيما آثرت شركة «زين» التي تدير شركة «ميك 2» (تاتش) دفع رواتب موظفيها من حسابها على أن تقبض المبلغ المدفوع من الدولة لاحقاً، امتنعت شركة “أوراسكوم” التي تدير شركة ميك 1 (ألفا) أن تحذو حذو زميلتها. الحجة المقدمة لموظفي «ألفا» اليوم هي أن مدة العقد انتهت ورئيس مجلس الادارة مروان حايك غير مخول التوقيع على صرف الرواتب. الا أن هذه “الحجة” لا تقنع الغالبية ولا المسؤولين العاملين في الشركة. فحايك يرأس مجلس ادارتَي شركتَي «ميك 1» (المملوكة من الدولة) و«أوراسكوم تيليكوم ليبانون» (المملوكة من «أوراسكوم» المصرية)، وبالتالي يحمل تفويض عن إمضاءين، واحد بالنيابة عن “ميك 1” وآخر بالنيابة عن “أوراسكوم»، وهو ما يسمح له بتوقيع صرف الرواتب بالنيابة عن OTL التي تملك حساباً مالياً في لبنان ويمكنها الدفع منه. «هو واجب أخلاقي قبل أي شي آخر»، يقول أحد المسؤولين في الشركة، “فالموظف هو موظف شركة خاصة وعقده مع أوراسكوم، ويفترض بها أن تدفع له راتبه بصرف النظر عن المشكلات التي تواجهها مع أي كان. عليها تحمل مسؤوليتها تجاه نحو ألف عائلة وعدم استخدام الموظفين ككبش محرقة ما بين قرار الحكومة والشركة أو وضعهم في «بوز المدفع» للمفاوضة عبرهم». وزير الاتصالات طلال حواط، المتفق مسبقاً مع شركتَي الاتصالات على التمديد لهما، ينتظر اللحظة المناسبة لتمرير القرار بدلاً من تنفيذ القانون الذي يوجب إعادة القطاع الى الدولة؛ ويتحمل مسؤولية هو الآخر عن حرمان الموظفين من رواتبهم.
يتناهى الى مسامع الموظفين أن السبب الرئيسي وراء عدم دفع شركة “أوراسكوم” لرواتبهم يكمن في رغبة الشركة في الضغط على الدولة اللبنانية عبر “تجويع” العمال ودفعهم الى رفع صوتهم والنزول الى الشارع، أي استعمالهم في معركتها ضد قرار إعادة قطاع الاتصالات الى الدولة بعد انتهاء عقد شركتي الخلوي نهاية العام الماضي والسعي للتجديد لهما. ثمة من يقدم ما سبق كنموذج على طريقة عمل هذه الشركات التي لا تتردد في قضم رواتب عمالها ومخالفة العقد، لكنها في الوقت نفسه تريد أن تجدد لنفسها عقداً يسمح لها بإدارة قطاع اتصالات يستفيد منه ملايين السكان. وتشير المعلومات الى اتصالات عديدة حصلت في الأيام القليلة الماضية بين “أوراسكوم” وحواط، وكانت نتيجتها إبلاغ الوزير للشركة بصرف الرواتب للموظفين على أن “يبعث لهم برسالة تتضمن صلاحية استثنائية تسمح بهذا الإجراء. لكن الشركة اعتبرت أن الرسالة غير قانونية ولا تسمح لها باسترداد أموالها من الدولة في حال عدم التجديد لها». وذلك يرتّب مسؤولية على وزير الاتصالات المؤتمن على هذا القطاع، لكنه حتى الساعة يماطل في اتخاذ قرار جريء يكبح جشع هاتين الشركتين، فيما يذهب البعض إلى حد تأكيد أنه متواطئ مع إدارة «أوراسكوم» على استخدام الموظفين رهينة يفرج عنها متى وافق له مجلس الوزراء على التمديد.
يماطل وزير الاتصالات في اتخاذ قرار جريء يكبح جشع الشركتين
في موازاة ذلك، تشير مصادر نقابة موظفي قطاع شركتي الخلوي ألفا وتاتش إلى أنها تواصلت يوم السبت الماضي مع وزير الاتصالات الذي “وعد بإيجاد حلّ، علماً بأن الموظفين يتابعون عملهم من داخل منازلهم، ومنهم من هو موجود باستمرار في الشارع ويعمل على إصلاح بعض الأعطال اليومية». وقد بدأت النقابة تتلقّى اتصالات من بعض الموظفين الطالبين مساعدتها من أجل سدّ حاجات عائلاتهم هذا الشهر. فخلافاً لما يشاع، موظف الاتصالات لا يعيش “ترفاً” استثنائياً، و90% من الرواتب على ما تقول المصادر هي ما دون ثلاثة آلاف دولار، وجزء كبير منها تراوح ما بين 1000 و1200 دولار شهرياً.
من جانبه، يقول رئيس النقابة شربل نوار لـ«الأخبار» إنه لا يهتم «بما إذا كان الحق عالشركة أو الوزير ولا يريد الدخول في هذا السجال. ما يهمني حصراً هو تقاضي الموظفين لمستحقاتهم»، داعياً إدارة ألفا والوزير الى الاجتماع للوصول الى اتفاق ينصف العاملين، «إذ من المعيب ألا تصرف الرواتب في هذا الظرف بالذات». وعمّا إذا كانت النقابة في صدد تنظيم تحرك ما في حال عدم الدفع، لفت نوار الى وجود حلين اثنين فقط: الأول قانوني عبر الادعاء على الشركة، والثاني التوقف عن العمل. لكن هذا الخيار يحتاج الى الكثير من التفكير، لأنه يؤذي المشتركين في هذا الظرف الاقتصادي والمالي والصحي الاستثنائي. فالتوقف عن العمل يعني توقف الكول سنتر وعدم إصلاح الأعطال، وغيرها من الأمور التي ستؤدي الى وقف الخدمات عن جزء كبير من السكان.