Site icon IMLebanon

مناقصة الخلوي في مهبّ الإلغاء

تنتهي غداً المهلة الاضافية لتقديم عروض مناقصة تشغيل وإدارة شبكتي الخلوي، التي منحها مجلس شورى الدولة حصراً لشركة «أوراسكوم» لتقديم عرضها. إلا أن ممثلي الشركة في لبنان يؤكدون أنهم لن يقدموا أي عرض!

أكّد المدير العالم لشركة «ألفا» مروان حايك، أن شركة «أوراسكوم» التي تدير شبكة «الفا» لن تقدّم أي عرض لتشغيل وإدارة أي من شبكتي الخلوي في لبنان، لأنها لا تريد أن تمنح أي شرعية للمناقصة الحالية التي لم يتقدم إليها سوى عارضين اثنين. وأوضح حايك لـ «الأخبار» أن المشاركة بعرض إضافي تشكّل غطاء للمناقصة التي تتطلب أكثر من عارضين اثنين لتكون مقبولة، وبالتالي إن عدم المشاركة سيؤدي إلى نسفها.

يأتي قرار «أوراسكوم» بعد نحو شهر على قرار مجلس الشورى الذي أوقف قرار استبعادها عن المناقصة ومنحها مهلة إضافية لتقديم عرضها. وصدر القرار قبل يوم من الموعد السابق لفضّ العروض في 8 تشرين الثاني، ما دفع إدارة المناقصات إلى قبول الوثائق التمهيدية للشركة وتمديد المهلة لها وحدها وحفظ العروض التي قدّمت سابقاً وتحديد موعد جديد لفضّ العروض في الساعة التاسعة من صباح 10/12/2015. والعرضان المحفوظان هما لشركتي «أورانج» الفرنسية و»زين» الكويتية تدير حالياً شبكة «تاتش».

استبعاد «أوراسكوم» جاء في إطار أجوبة على كتابين أرسلهما وزير الاتصالات بطرس حرب للسؤال عن عدم التزام العارضين مهلة التقديم المحدّدة في دفتر الشروط عند الساعة الرابعة من يوم 31/7/2015، علماً بأن الدعوة والإعلان الموجهين إلى العارضين في المناقصة صادران عن وزارة الاتصالات أساساً.

المهم، أن المناقصة دخلت اليوم مرحلة جديدة بسبب امتناع «أوراسكوم» عن تقديم أي عرض. وبحسب مصادر مطلعة، لم يعد أمام إدارة المناقصات سوى فتح العروض المقدّمة سابقاً، أي عرضي «أورانج» و»زين» والتأكد من مطابقتهما لدفتر الشروط والاطلاع على أسعارهما ثم رفع الملف إلى مجلس الوزراء لاتخاذ قرار بالتلزيم أو عدمه. إذ إن دفتر الشروط لا ينص على إلغاء المناقصة في حال تقديم عرضين فقط لإدارة شبكتي الخلوي المملوكتين من الدولة («تاتش» و»الفا»). هذا يعني أن إدارة المناقصات لن تصدر نتائج تلزيم، بل ستطلع مجلس الوزراء على ما ورد في العرضين وتترك القرار له.

والمشكلة الأساسية لـ «أوراسكوم» هي في مدى قدرتها على الإيفاء بدفتر الشروط، وخصوصاً لجهة توافر 10 ملايين مشترك على مدى 5 سنوات، وخبرة لا تقلّ عن 10 سنوات. إلا أن مصادر تكتل التغيير والإصلاح تحدّثت عن اتفاق في مجلس الوزراء على شروط مختلفة، وهي: أن تكون لدى الشركة العارضة خبرة كافية في مجال شبكات الاتصالات لا تقلّ عن 5 سنوات. ويعني هذا أن في حال قدّمت «أوراسكوم» عرضها، تصبح الموافقة على نتائج العروض في مجلس الوزراء عرضة للتجاذب السياسي، وهي ستكون بحكم الساقطة من دون تسوية سياسية.

هل تتكشف قصّة التلاعب بدفتر الشروط التي يتحدث عنها تكتل التغيير والإصلاح

إلا أن حايك ينفي أن يكون استيفاء الشروط هو السبب وراء عدم تقديم العرض، ويقول: «دافعنا عن حقنا المشروع بالمشاركة في المناقصة. واليوم نرى أن من الأفضل عدم تغطية المناقصة بعرض إضافي. ومشكلتنا ليست في الشروط».

ويثير ذلك أسئلة كثيرة في ظل عدم انعقاد مجلس الوزراء وعدم القدرة على إجراء التلزيم. فهل يمدّد للشركات الحالية تحت عنوان تسيير المرفق العام؟ أم أن هناك طرقاً أخرى لإعادة الحياة إلى هذه المناقصة؟ أم تقرّر الدولة أن تدير الشبكتين مباشرة؟ وهل ستتكشف قصّة التلاعب في دفتر الشروط التي يتحدث عنها تكتل التغيير والإصلاح؟

ما يجري في هذا الملف يعيد فتح قصّة السيطرة السياسية على المناقصات. فهذه المناقصة استقطبت تجاذبات سياسية لم تنته رغم تأليف لجنة وزارية من الوزراء حرب ومحمد فنيش وجبران باسيل، وضعت دفتر شروط أقرّ في مجلس الوزراء لكنه لم يبلغ إلى إدارة المناقصات بل إلى وزارة الاتصالات التي أبلغت إدارة المناقصات به. وبحسب مصادر تكتل التغيير والإصلاح فإن الشروط المبلغة لإدارة المناقصات، غير تلك المتفق عليها في مجلس الوزراء!

يذكر أن مناقصة تشغيل شبكتي الخلوي هي «إمعان» في الخصخصة. فالشبكتان مملوكتان من الدولة وهي التي تلزّم تشغيلهما وصيانتهما وتوسيعهما بما في ذلك الموظفون والعقارات، وهي التي تقرّر زيادة الاستثمار في الشبكة أو عدمه، وتقرّر أي خطوة تقوم بها الشركتان من أصغرها إلى أكبرها. وبالتالي، إن تلزيم تشغيلهما بمبالغ طائلة لا معنى له سوى تنفيع الشركات التي تعيّن مديراً عاماً للشركة، بعد موافقة وزارة الاتصالات، وتعيين فريق صغير له، فيما تقرّر الدولة في كل عرض تقدمه الشركتان للمستهلكين وأسعار الدقائق والباقات التي تعرضها الشركات… إنها خصخصة بهدف الخصخصة فقط وليس لها أي جدوى أو أي معنى اقتصادي. وأبرز ما يعبّر عن هذا الأمر أنّ شركتين فقط تقدّمتا للمشاركة في المناقصة، فيما لم تبد شركات الاتصالات الكثيرة المنتشرة في العالم أي اهتمام!