IMLebanon

كل شي بوقتو حلو

 

 

وأخيراً انحلّت معظم مشاكل لبنان التي تسبب بها ذاك الجهاز اللعين طوال ثلاثة عقود: الموبايل. تمنى المرشد الأعلى للجمهورية على بيئته الحاضنة للمقاومة التخلي عن أجهزة الخلوي، لقطع طريق العدو على التنصت والتعقب. التزمت البيئة نساء ورجالاً، شباناً وشيبا، أطفالاً وعجائز بعد التداول بالمعلومة التي تقول إن العدو من خلال اختراق الهواتف الخلوية يقدر أن يعرف من يقود سيارة فولفو بنمرة مزوّرة ومن الجالس بقربه ومن الفاتح شباك الباب الخلفي اليمين ويدخّن سيكارة سيدرز، ومن القاعد خلف السائق متصفحاً آخر الفيديوات النازلة على تيك توك. ويعرف العدو شو طابخة أم محسن بجبل محسن ومين عازم وليد بك على العشاء بعد شهر وثلاثة أيام.

 

طلبُ المرشد الأعلى «ضبضبة» الموبايلات أربك الحلفاء فعقد المكتب السياسي للمرده، كمكوّن مسيحي ممانع، إجتماعات ماراتونية لتدارس إمكان التخلي عن الهواتف الذكية، تبنى في نهايتها التوصية الصادرة عن سيد الكل وسمح لقادة «المرده» بحمل هواتف موتورلا موديل 1991 أو نوكيا من الجيل الأوّل، شرط التصريح عنها تحت طائلة الملاحقة والفصل.

 

حركة أمل إستوردت آلات إنيغما التي استعملها الجيش الألماني في عشرينات القرن الماضي، كوسائل تواصل بين الكوادر. وإذا أرادت محطة الـ «أن بي أن» إستصراح نائب من كتلة التنمية والتحرير ترسل إليه الضابطة العدلية وتحضره مخفوراً إلى الاستوديو.

 

حرمان أسراب الذباب الإلكتروني من هواتفها سيصيب الموسم الفتنوي والتخويني بالكساد. إلى أن يصدر أمر فك حظر عن الخلوي ويعود السباب إلى ما كان عليه قبل 13 شباط.

 

ومن تبعات الإستغناء عن الخلوي إصابة نائب ممانع يمضي ساعات طوالاً في التغريد على منصة أكس، بانهيار أعصاب بعد اضطراره إلى وضع هاتفه في خزنة حديدية. لم يجرؤ مرافقه على الإتصال بالإسعاف، فحمله في سيارته إلى المستشفى للمعالجة وهناك تابع التغريد مستعيناً بموبايلات الأطباء والممرضات والمرضى.

 

قيادات البعث، كمقاومة في طور التأهيل، باتت كلها خارج السمع. تخلى الجميع عن موبايلاتهم.

 

حتى مي خريش أقفلت هاتفها وانقطع التواصل معها. أما كيف يتواصل الحاج وفيق مع الحاج باسيل، فذلك سرّ من أسرار الآلهة.

 

تخلّص معظم اللبنانيين من هواتفهم بدّل إيقاع الحياة. صار عمال الدليفري يطرقون الأبواب كل صباح بدلاً من تلقي الطلبات: شو بتأمري ستنا من السوبر ماركت؟

 

كما باتت الصبحيات العائلية خالية من «شيل هالـ…. من إيدك». ولا يعكّر الغداوات مناقرات كمثل»ريحيني من إنستغرام واسكبيلي صحن طبيخ».

 

وأمس سمعتُ يارا الـ «جدايلها شقر» تسأل والدها باكيةً: متى يا أبي أستعيد هاتفي المحمول المصادر؟ بالله عليك أعده إلي يا أبي».أجاب الوالد مستعيناً بحكمة الأسبوع: كل شي بوقتو حلو يا بابا.