على الرغم من قرار استرداد إدارة قطاع الخلوي، وما انطوى عليه من تحديات وصعوبات بقيت مكتومة أمام الرأي العام، إلّا أنّ وزير الاتصالات طلال حواط لا يزال موضع تصويب واستهداف… وتشكيك.
يرفع ابتعاده عن المنابر الاعلامية، من منسوب اللغط الذي يثيره من حوله والذي يبقى في معظم الأحيان بلا توضيحات، كما الالتباس الذي رافق تسميته وزيراً، حول علاقته بـ»التيار الوطني الحر» عبر الوزير السابق نيكولا صحناوي، وما يمكن لهذه العلاقة أن تؤثر على خططه لقطاع الخلوي، خصوصاً وأنّ التجربة بيّنت أنّ استراتيجية «التيار» لا تتوافق مع ما تفكر به الجهة الضامنة لوزير الاتصالات، وتحديداً الوزير السابق فيصل كرامي.
قررت الدولة استرداد إدارة «مغارة الخلوي» وسط أزمة مالية غير مسبوقة لم تعف ايرادات هذا القطاع من أثمانها، إلا أنّ ذلك لم يقطع حبل سرّة الأخبار المشككة بجدية الوزير في إنهاء مرحلة الشركتين المشغلتين «زين» و»اوراسكوم» بشكل كليّ ونهائي، بحجة عدم جهوزية الدولة لاستلام الإدارة خلال الفترة الانتقالية التي سيصار خلالها إلى وضع دفتر شروط جديد لإجراء مناقصة عالمية في أسرع وقت ممكن، ويُنتظر أن تكون على درجة عالية من الشفافية والعلمية.
حتى اللحظة، لا يزال حواط تحت المجهر. كل خطواته في مدار الرصد الدائم، خصوصاً وأنّ موظفي «تاتش» لم يقبضوا رواتبهم حتى الساعة مع دفع بعضهم إلى التلميح، إلى أنّه يتمّ استخدام رواتبهم كورقة ضغط بيد الشركتين المشغلتين لتمديد الفترة الانتقالية بحجة عدم قدرة الدولة على الاسترداد.
يقول المدافعون عن وزير الاتصالات إنّ الرجل لا يخشى الأضواء لكنه يفضّل العمل على الكلام تاركاً المنابر لحينها. أما اليوم، فلا بدّ من الانكباب على معالجة ملف الخلوي وإخراجه من حقل الألغام بأقل الأضرار الممكنة. لا بل يشيرون إلى أنّ القطاع أشبه «بالمنخل» الذي يبتلع كل ما يوضع فيه، ولا بدّ من جهود جبّارة لوضع أسس جديدة كي يستقيم الوضع، قبل نقل الإدارة إلى شركتين جديدتين قادرتين على رفع منسوب الإيرادات بأقل المصاريف الممكنة.
ويجزمون أنّ ما يثار من علامات استفهام حول سلوك الوزير لا يمتّ للواقع بصلة، لا سيما وأنّ الوزير وقّع منذ السادس من أيار الماضي المراسلتين اللتين وجهتا إلى الشركتين لابلاغهما بقرار الدولة، مشيرين إلى أنّ مسألة الرواتب ستحلّ في وقت قريب، ومؤكدين أنّ حواط يعمل بصمت وبلا ضجيج.
وفي هذا السياق يفيد هؤلاء أنّه من المنتظر أن تشهد الساعات المقبلة انتهاء المشاورات السياسية التي تسمح لولادة مجلسي إدارة جديدين (3 أعضاء لكل شركة احتراماً للتوزيع الطائفي والمذهبي)، يتمتع أعضاؤهما بمعيارين لا ثالث لهما: الكفاءة ونظافة الكف، بحيث لا تكون المحسوبية السياسية معياراً للاختيار، وعلى أن يكون هؤلاء من بين موظفي «ميك 1» و»ميك 2» ذوي الخبرة الكافية التي تخوّلهم لعب هذا الدور.
في المقابل، يبدو أنّ لهذه الخطوة معارضيها ربطاً بإشكالية أن تكون السلطة التنفيذية صنيعة السلطة التشريعية وبالتالي ستكون عاجزة عن مراقبتها، مع العلم أنّ القانون التجاري ينصّ أصلاً على منع الدمج بين الموقع الوظيفي وعضوية مجلس الإدارة. ولهذا مثلاً حرصت «أوراسكوم» على عدم تسمية أي من موظفيها في لبنان أعضاء في مجلس الادارة، على عكس «زين» التي خرقت هذه القاعدة.
بناء عليه، مع خروج «أوراسكوم» من القطاع، لن يبقى في مجلس ادارة «ميك 1» أي من موظفيها، على عكس «زين» التي اختارت من بين موظفي «ميك 2» أعضاء لمجلس الادارة، وسيبقى من هؤلاء أقله شخصان بينهم شربل قرداحي وعلي ياسين، ويتردد أنهما سيكونان في عداد مجلس الادارة الجديد، خصوصاً وأن رئيس «التيار» جبران باسيل يضغط ليبقى مستشاره، شربل قرداحي في مجلس الادارة.
ويرى بعض المعنيين بالملف أنّه من الأفضل تعيين مجلس إدارة واحد للشركتين (للفترة الانتقالية)، من باب تقليص المصاريف والتدخلات وتفعيل المراقبة والتحضير للمناقصة، وتحقيق الفصل الجديّ بين مجلس الإدارة والمدراء التنفيذيين!
إلى ذلك، أبلغت وزارة الاتصالات خلال الساعات الماضية أعضاء هيئة مالكي قطاع الخلوي أو ما يعرف بالـOSB، بانتهاء عقودهم نتيجة انتهاء عقدي الشركتين المشغلتين. ويبلغ عدد هؤلاء أكثر من عشرين شخصاً. ويقول المطلعون على ملف الخلوي إنّ هذه الهيئة تعتبر بحكم المنحلة مع استرداد الدولة لادارة القطاع ولهذا تمّ تبيلغ أعضائها بانتهاء مهامهم باستثناء الموظفين بينهم في هيئة اوجيرو أو في وزارة الاتصالات.
ويشرح أحد المتابعين لعمل هذه الهيئة بالقول إنّها موكلة بالاشراف من قبل المالكين على الشركتين المشغلتين، وبالتالي وجودها مرتبط بوجود مشغل أجنبي تعمل على مراقبة عمله لمصلحة المالكين. ولذا مع انتهاء عمل الشركتين، تمّ تبليغ أعضاء الهيئة بالاستغناء عن عملهم. حتى أنّ تعويضات هؤلاء ينصّ عليها عقد تشغيل الشركتين المشغلتين وهي تقدر بـ1/1000 من مدخول الشركتين. وقد بلغ أعضاء هؤلاء في بعض الأحيان أكثر من 50 شخصاً، بعضهم تمّ تعيينه من باب التنفيعات السياسية. كما قام الوزير بنقل من بقي من هؤلاء (بينهم رئيس الهيئة ناجي عبود) إلى مكاتب تملكها الوزارة، بعد التخلي عن مكاتب كانت مستأجرة للهيئة وتكلف الدولة حوالى 250 ألف دولار سنوياً.