IMLebanon

عندما تصير شركة خليوي… أقوى من الدولة!

 

وفق الأجندة الفرنسية، يفترض أن يغادر وزير الاتصالات في حكومة تصريف الأعمال طلال حواط، مكتبه، خلال أيام قليلة قد لا تتعدى الخمسة عشر يوماً بعد تسليم الحقيبة إلى خلفه، ليكون بذلك قد أمضى أكثر من سبعة أشهر في وزارة الاتصالات، ولكن بـ”صفر” إنجازات!

 

وحده تسليم ادارة قطاع الخليوي إلى الدولة، كان يفترض أن يكون “إنجاز” الوزير خلال ولايته بعد رفع خطة متكاملة لتطوير القطاع وتحسين واردات الدولة. ولكن حتى اللحظة، لا يزال هذا البند عالقاً… أما الخطة فستبقى في أدراج الوزير، أو ضمن أغراضه التي سيوضبها لدى مغادرته.

 

في 30 نيسان الماضي، أعلن رئيس الحكومة المستقيل حسان دياب أن “خريطة الطريق للتصحيح المالي، تأتي بعد أيام على قرار استرداد الدولة لقطاع الهاتف الخليوي، لنثبت أن الدولة يمكن أن تكون مديراً ناجحاً وليس بالضرورة أن تكون إدارة فاشلة”.

 

سبق لهيئة التشريع والاستشارات أن أفتت في شباط الماضي، بأنه يتوجب على وزير الاتصالات أن يبادر وبشكل فوري إلى اتخاذ الاجراءات الإدارية والعملية لاستلام إدارة قطاع الخليوي. ورأت الهيئة أنّه يجوز لوزير الاتصالات أن يرفع كتاباً إلى مجلس الوزراء يقترح عليه: التمديد للشركتين المشغلتين، أو اجراء مناقصة أو مزايدة، على أن يقوم مجلس الوزراء باتخاذ القرار المناسب من الاقتراحات أو رفضها جميعاً وابقاء الإدارة على عاتق وزير الاتصالات بواسطة المديرية العامة للاستثمار والصيانة.

 

قبلها، كانت لجنة الاعلام والاتصالات توصي في اليوم الأخير من العام الماضي “ببدء اجراءات استرجاع ادارة القطاع الى الدولة، على ان يتخذ وزير الاتصالات الاجراءات القانونية اللازمة بالتنسيق مع المراجع المختصة، ومع رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الاعمال من اجل حفظ حقوق الدولة وعدم وقوعها في أي مشكلة قانونية، وإجراء عملية التسليم والتسلم، وبالتالي عند تأليف الحكومة العتيدة تقر استراتيجيتها لطريقة ادارة هذا القطاع واتخاذ الاجراءات اللازمة”.

 

ومع ذلك، أدرج البند على جدول أعمال مجلس الوزراء في الجلسة المنعقدة في الخامس من أيار الماضي، كلزوم ما لا يلزم ليوافق المجلس على طلب وزيرالاتصالات استرداد ادارة قطاع الخليوي.

 

في الرابع من حزيران الماضي وجّه وزير الاتصالات كتاباً خطياً إلى كلّ من الشركتين زين واوراسكوم يبلغهما فيه على نحو رسمي ببدء اجراءات التسليم والتسلم والتي يفترض أن تستمر أسبوعين من الزمن، تتحول بعدهما الدولة بواسطة مجلسي ادارة جديدين هي المدير الجديد لشركتي “ألفا” و”تاتش”.

 

في السادس من حزيران الماضي أطل وزير الاتصالات على اللبنانيين لمرة واحدة وأخيرة، ليكشف عن أسماء أعضاء مجلسي الادارة اللذين سيستلمان القطاع باسم الدولة، وليعلن وبشكل مقتضب عن “إتمام دفتر شروط خلال 3 أشهر لإجراء مناقصة دولية لتفويض وإدارة الشركتين بشروط مالية تصبّ في مصلحة الدولة حصراً”.

 

أما الاسماء التي ستتولى ادارة مجلسي “تاتش” و”ألفا” فهي كالتالي:

 

في شركة “ألفا”: جاد ناصيف رئيس مجلس الإدارة، رفيق حداد، الين كرم، محمد ناصر وعماد حامد.

 

في شركة “تاتش”: حياة يوسف رئيسة مجلس الادارة، شربل قرداحي، ماجد عبد الجواد، علي ياسين وجواد نكد.

 

عملياً، صار عمر قرار الاسترداد أكثر من أربعة أشهر، ولا تزال اوراسكوم وزين تديران القطاع “غصباً” عن الدولة. الحجة أنّ العقود الموقعة مع الدولة اللبنانية تكبّل الأخيرة وتحول دون اتمام الاجراءات اذا لم تكن الشركتان راضيتين. أما ماذا يرضي الشركتين، فهي براءة الذمة. جلّ ما تفعله اوراسكوم وزين هو ابتزاز الدولة للحصول على براءات ذمة.

 

كان يفترض بالتدقيق المالي الذي تقوم به شركة PWC أن ينتهي في شهر تموز الفائت، ولكن وفق بعض الحقوقيين، فإنّ التدقيق ينتج مخالصة سنوية، في حين أن براءة الذمة تشمل كامل العمليات المشتركة بين الدولة اللبنانية والشركتين أي التأكد من تسليم المعدات والمحطات ونقل الموظفين من ملاك إلى آخر (لم ينقل الموظّفون بعد رغم موافقة النقابة على الخطوة) وغيرها من المسائل التي كانت تتولى الشركتان ادارتها. وبالتالي لا يجوز منح براءات الذمة قبل أن تستلم الدولة لمدة شهر أو شهرين للتأكد من أنّ عملية الانتقال سليمة لا يشوبها أي عيب، في حين أن الشركتين تستعجلان براءات الذمة للمغادرة بعد تحرير الكفالات المالية. وهنا بيت القصيد.

 

كما أنّ الدولة اللبنانية هي الطرف الثاني الموقع للعقد مع الشركتين، وبالتالي إنّ صلاحية منح براءة الذمة وفق الحقوقيين تبقى لمجلس الوزراء وليس لأي طرف آخر، لأنّ الحكومة هي المرجع الصالح في هذه الحالة.

 

حتى أنّ نقابة الموظفين والمستخدمين سبق لها أن ناشدت “عدم السماح بابراء ذمة الشركات المشغلة قبل الإيفاء بكامل التزاماتها وتعهداتها تجاه الموظفين خاصة والدولة بشكل عام، ومصلحة الدولة اللبنانية والمواطنين اللبنانيين فوق كل اعتبار”، وذلك في ضوء دعاوى قضائية عالقة بين الشركتين والموظفين.

 

يوم أمس، عقد اجتماع مطول بين حواط وشركة اوراسكوم استمر حتى ساعات المساء الأولى، للانتهاء من كل المعاملات الادارية حيث يفترض أن يكون اللقاء جلسة اللمسات الأخيرة لنقل صلاحيات التوقيع الى مجلس الادارة الجديد.

 

أما شركة “زين” فلا تزال حتى اللحظة تعاند اجراء عملية التسليم رغم كل القرارات الرسمية الصادرة وترفض الانصياع لتوجه الدولة اللبنانية، بحجة المطالبة ببراءة الذمة في وقت تعطل فيه انعقاد الجمعية العمومية التي كانت محددة يوم أمس بسبب عدم حضور ممثلي بنك عودة (المساهم الأكبر) وكان جدول أعمال الجمعية يتضمن المطالبة بالتمديد لمجلس الادارة لغاية 18 أيلول، وتسديد مستحقات الموردين…