للغيارى… المعلوف في صميم “الجمهورية القوية”
يُعتبر نائب زحلة سيزار المعلوف من أكثر نواب تكتل “الجمهورية القوية” المثيرين للجدل من خلال إطلاق مواقف متمايزة عن زملائه في التكتل، ما يدفع كثيرين، ومن بينهم قواتيون، للسؤال: هل المعلوف لا يزال معنا؟
تُصنّف زحلة على أنها من أهم معاقل “القوات اللبنانية” ولها رمزيتها الخاصة، ويُعطي الحزب أهمية خاصة لـ”عاصمة الكثلكة” نظراً إلى تاريخها النضالي الطويل والمعارك التي خاضها مقاتلوه في شوارعها ومرتفعاتها، وأيضاً لأنها تُشكّل أكبر مدينة مسيحية في الشرق.
إستطاعت “القوات” في إنتخابات 2009 حصد ثلاثة مقاعد نيابية في زحلة، وقتها كان النظام أكثرياً، وقد ساعد تحالفها مع تيار “المستقبل” على تحقيق الفوز.
لكن المشهد إنقلب في إنتخابات 2018، فالقانون نسبي، و”القوات” من دون حلفاء، لذلك فإن الإحصاءات كشفت تقدّم المرشّح سيزار المعلوف، فتحالفت معه شرط أن ينضم إلى تكتل “الجمهورية القوية”، في حين منحت الجزء الأكبر من أصواتها التفضيلية للقاضي جورج عقيص.
ومنذ إنتخاب المعلوف، بدأت رحلة التمايز داخل تكتل حزب يُعرف بتركيبته الحديديّة، أولها عند إستحقاق إنتخاب الرئيس نبيه برّي لرئاسة مجلس النواب حيث قرّر تكتل “الجمهورية القوية” عدم إنتخاب بري فيما انتخبه المعلوف، أما الإشارة الثانية التي كادت أن تُفجّر الوضع فحصلت عندما دار شجار مع زميله في التكتل النائب فادي سعد على هواء قناة الـOTV، ولكن تمّ إحتواؤه.
في الأيام الأخيرة، أطلق المعلوف سلسلة مواقف من قضية تأليف الحكومة، آخرها عبر قناة “الجديد” مع الزميل جورج صليبي، داعياً الرئيس سعد الحريري إلى التفاهم مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، لأن هذا الأمر ضروري في التأليف ولا يمكن للحريري تجاوز عون أو كسره، وفسّر البعض هذا الكلام بأنه تمايز عن موقف حزب “القوات” الذي يواجه العهد ولا يُهادنه.
ويُفصّل المعلوف في حديث إلى”نداء الوطن” كل النقاط التي تُثار، ويؤكّد أنه ينظر “إلى الوضع وهو ينهار ونحن في قلب العاصفة، لذلك يجب أن تؤلف حكومة سريعاً، والدستور واضح لجهة منح رئيس الجمهورية صلاحية التوقيع على مرسوم تأليف الحكومة، لذلك فإن الحريري مُجبر على التفاهم مع الرئيس”.
ويسأل المعلوف: “أين يُضرّ هذا الموقف القوات، فهل يمكن لأي رئيس حكومة مكلّف تشكيل حكومة لوحده؟ الرئيس رئيس سواء كان عون أو غيره والرئاسة ليست ملك الجنرال، فأنا أدافع عن هذا الموقع وليس عن شخص، لذلك أدعو إلى الإسراع في هذه المهمة لأنه عاجلاً أو آجلاً سيتّفق الحريري مع عون”.
ويعود المعلوف إلى محطات سابقة في مسيرة الحريري وتقديمه تنازلات، ويقول: “رفض الحريري تأليف حكومة يشارك فيها “حزب الله” أو إعطاء ثلث معطّل ثمّ سار بالموضوع، ورفض أن يتضمن البيان الوزاري ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة ثم تراجع، ورفض إنتخاب عون رئيساً للجمهورية ثمّ أبرم تسوية معه وانتخبه، وكلنا نعرف أنه سيتراجع حالياً فلا يمكنه أن يقول لرئيس الجمهورية هذه تشكيلتي من 18 وزيراً وعليك القبول بها، فهذا الأمر غير دستوري”.
ويدعو المعلوف الحريري إلى “العودة إلى جملة والده الشهيرة (ما حدا أكبر من بلدو)، فالتحاور وإيجاد الحلول ليس ضعفاً وتأليف حكومة متوازنة أمر لمصلحة البلد، والمكابرة لا تنفع في هذا الظرف والجميع يعرف أن الحريري من أكثر الخاسرين في المرحلة الاخيرة نتيجة سياساته، كما أنه السياسي الذي دخل إلى الحكم ويملك ثلاثة مليارات دولار وخسر معظمها، لذلك أنا أتوجه إليه وأنصحه لأنه رجل دولة”.
وأمام كل هذه الوقائع والمواقف، يُشدّد المعلوف على أنه في صلب تكتل “الجمهورية القوية” وباقٍ فيه، ويُردّد بلهجته الزحلاوية: “أنا أجلس على طاولة معراب وشايف حالي كتير، شايف حالي بانتمائي إلى هذا التكتل وبالطروحات التي نقدمها وبالنمط السياسي الذي نتبعه وبنظافة الكف”.
ويضيف: “أنا على أتمّ الوفاق مع الدكتور سمير جعجع ومع زملائي في التكتل ولا أملك بطاقة حزبية، لكن رغم ذلك لم أختلف أي يوم مع الحكيم في الخيارات الوطنية والمسائل الكبرى، حتى عند إنتخاب بري قلت له إنني سأنتخبه، وفي كل الأمور ننسق وهناك حرية تعبير وإختلاف داخل التكتل والجميع حريص عليها”.
للغيارى… المعلوف في صميم “الجمهورية القوية”
ويعود المعلوف إلى فترة الإنتخابات النيابية، ليؤكّد أنه خاض معركة بيضاء مع “القوات اللبنانية” ومستمرّ في هذا الخط، ولا ينكر أن “القوات” ساعدته في الحاصل الإنتخابي وأعطته أصواتاً تفضيلية، وقد فاز مع زميله عقيص في المعركة. ويشدّد على أن بيته مفتوح لجميع أهالي زحلة والبقاع من كل الطوائف والإنتماءات السياسية، ويقوم بعمل كبير مع زميله عقيص لتأمين حاجات الناس في هذه الفترة الصعبة.
وإذا كان الحمل بات أكبر على صعيد الخدمات نتيجة الإنهيار الحاصل في البلد، إلا أن المعلوف يعترف أن الوضع “أريَح” سياسياً من قبل، فنواب زحلة الذين فازوا في إنتخابات 2009 وانضموا إلى تكتل “القوات” كانوا يواجهون زعامة كبيرة مثل الوزير الراحل الياس سكاف، وكان آل فتوش أقوياء وكان هناك صراع كبير بين 8 و14 آذار، أما اليوم فـ”القوات” لا تزال تحافظ على شعبيتها في زحلة وتتقدّم “ونلمس هذا من الناس الذين يُفرّقون بين من ارتكب الفساد ومن كان أداء نوابه ووزرائه نظيفاً، لذلك فوضعنا جيد في زحلة ونتقدّم على الجميع”.
ويلفت المعلوف إلى أن العلاقة بين القاعدة “الكتائبية” و”القواتية” لا تتأثر بخطاب رئيس حزب “الكتائب” النائب المستقيل سامي الجميل، وهذا ينسحب على كل لبنان، ويوضح أن “مشكلتنا مع سامي إنو مفكّر حالو جايي من جنيف عندما يتحدث عن الطبقة السياسية، علماً أن حزبه عمره 84 سنة وشارك في كل المجالس النيابية والوزارية وكان هناك رئيس جمهورية من صفوفه حكم 6 سنوات هو والده أمين الجميل، وشارك في معظم الحكومات ما بعد 2005 أيضاً، وبالتالي فإن خطابه لا يمر على أحد بل يحاول إيجاد شرخ بين القواعد الشعبية للقوات والكتائب”.
ويعتبر المعلوف أن هناك فيروساً عالمياً هو “الكورونا” ولا يقل خطورة عن فيروس الأداء السياسي للحكام في لبنان، لذلك يجب الإنتهاء منه واللقاح هو في صندوقة الإنتخاب، ولذلك يطالب بانتخابات نيابية مبكرة.
من جهتها لا تُبدي معراب أي إمتعاض من موقف المعلوف خصوصاً أنه أكد التزامه بموقف تكتل “الجمهورية القوية”. وتؤكد للغيارى أن المعلوف في صلب تكتلها النيابي وصميمه وجوهره ولم يحِد عن الخطّ، بل إنه سبّاق في بعض المواقف. وترى أن كلامه في حلقة صليبي على “الجديد” عن الحريري وعون تحليلي، خصوصاً بقوله أن الحريري لن يستطيع كسر عون والحلّ إما بابرام تسوية معه أو الإعتذار، لذلك فقد حُمّل موقف المعلوف أكثر مما يحتمل. وتعتبر “القوات” أن “موقفنا واضح في الشق الحكومي وهو أنه مع هذا الفريق فالج ما تعالج”.